يمثل مسيحيو الأراضي المقدسة أكثر من ثقافة وشعب لغة وطقس، بسبب اختلاف الشعوب التي مرت عليها، والتي تركت أثراً فيها، كما يربطهم بتلك البقعة المقدسة تاريخ مشترك، دائماً فخورون به ويعتمدون عليه ليطالبوا بحقهم التاريخي في هذه الأرض. يعود رباط المسيحيين التاريخي بالأماكن المقدسة إلي الزمن الذي عاش فيه السيد المسيح والرسل، ومنذ القرون الأولي للعهد المسيحي نري الحجاج يشهدون في كتاباتهم علي العلاقة الحميمة التي تجمع بين المؤمنين وأماكنهم المقدسة، حيث تذكر إحدي الباحثات الإسبانيات اللاتي قمن بزيارة تلك الأماكن في القرن الثالث، وتدعي أثيريا: يعيش المؤمنون أحداث الأسبوع المقدس في الأماكن التي تمت فيها. فهم يذهبون من كنيسة القيامة إلي كنيسة جبل صهيون، ومن اللعازرية إلي جبل الزيتون كما أن القديس كيرلس، أسقف المدينة المقدسة (في القرن الرابع) كان يدعو الأماكن المقدسة الشهود الأبدية لسر الخلاص، فالإيمان والرؤية (أي النظر) يختصران ما يمكن أن يقال عن الأماكن المقدسة التي هي أمر جوهري لإيمان المسيحيين وفكرهم. بالأمس القريب وقعت مجموعة من المنظمات المسيحية، ونخبة كبيرة من المفكرين واللاهوتيين المسيحيين في الأراضي الفلسطينية، علي وثيقة دولية صدرت عن دار الندوة الدولية بمدينة بيت لحم، دعت فيها المجتمع الدولي للوقوف إلي جانب الشعب الفلسطيني في معاناته من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، والعمل علي عودة الحقوق المنتهكة لأصحابها. أكدت الوثيقة ضرورة العيش المشترك المبني علي الاحترام المتبادل بين المسلمين والمسيحيين واليهود علي هذه الأرض المقدسة، كذلك إعادة النظر في التفسيرات اللاهوتية للكتاب المقدس، وبخاصة بعض ما ورد في التوراة، والتي تتخذ منها إسرائيل ذريعة لتأكيد وجودها، كما استعرضت الوثيقة واقع الحال الذي يعيشه اليوم الشعب الفلسطيني، من خلال ما يتعرض له اللاجئون داخل المخيمات، والأسري داخل السجون الإسرائيلية، إلي جانب الجدار العنصري الفاصل، ولاسيما بعد أن وصلت مأساة شعبنا إلي طريق مسدود، في الوقت الذي يكتفي فيه أصحاب القرار بإدارة الأزمة بدلاً من حلها. وهذا ما يملأ قلوبنا جميعاً بالحزن والأسي، ويجعلنا دائماً نتساءل: أين الأسرة الدولية من قضيتنا؟ كما حذرت من خطورة تمادي قوات الاحتلال في الاعتداء علي المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والذي من شأنه زيادة حدة الصراع بين الطرفين. الدكتور متري الراهب مدير دار الندوة أشار إلي أن هذه الوثيقة التاريخية أكدت أن الاحتلال العسكري لأرضنا هو خطيئة ضد الله والإنسان وأن اللاهوت الذي يبرر هذا الاحتلال هو لاهوت تحريفي، وبعيد جداً عن التعاليم المسيحية حيث إن اللاهوت المسيحي الحق هو لاهوت محبة وتضامن مع المظلوم ودعوة إلي إحقاق العدل والمساواة بين الشعوب. مضيفاً أن الوثيقة ليست عفوية أو وليدة مصادفة، وليست دراسة لاهوتية فكرية أو ورقة سياسية فحسب، بل هي وثيقة إيمان وعمل، تنبع أهميتها من تعبيرها الصادق عن هموم هذا الشعب ومن رصدها للمرحلة التاريخية التي نمر بها ومن أهميتها في طرح الأمور كما هي ودون مواربة ومن جرأتها في طرحها للحل الذي سيؤدي إلي السلام العادل والدائم، ألا وهو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية وكل أنواع التمييز العنصري وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. هي نداء لإسرائيل نفسها لتعي الظلم الذي تفرضه علينا فتضع حداً له. وهي مطالبة للشعوب والقادة السياسيين وأصحاب القرار للضغط علي إسرائيل، واتخاذ الإجراءات القانونية لإنهاء تسلطها واستهتارها بالشرعية الدولية. كما تعلن الوثيقة موقفها بأن المقاومة لهذا الظلم هي حق لجميع الفلسطينيين وواجب عليهم. تلغرافات: إلي الدكتور محمد عمارة: أعتقد أنه من غير المجدي أن تسمع أو تقرأ سيادتكم عن ردود أفعال الشارع المصري، والمسيحي بالذات علي هذا الهجوم الدائم وغير المبرر الذي تعلنه بين الحين والآخر علي المسيحية، والكتاب المقدس. فتقريركم الذي تصفونه بأنه علمي، لا يمت للعلم بشيء، فقط أسأل سيادتكم عن دائرة المعارف البريطانية التي أشرتم إليها في تقريركم، والتي أوضحت علي حد قولكم أنها ذكرت أن هناك أكثر من 150 ألف تناقض بين الأناجيل الأربعة!! أيضاً الإسلام سيدي والقرآن الكريم اعترف بالمسيحية كديانة سماوية، واعترف بالسيد المسيح، فكيف تخالف سيادتكم تعاليم الإسلام وتصفها بالوثنية. أرجوكم سيدي ارحموا هذا البلد من لهيب الفتنة التي تشعلون فتيلها بكتاباتكم وأطروحاتكم.. أطال الله في عمركم. إلي أصحاب الفضيلة أعضاء مجمع البحوث الإسلامية: أرجو التأكد من صحة المعلومات التي تعرض عليكم بشأن إبداء الرأي في كتاب أو أي مطبوعة تتعرض للإسلام، فلا يصح أن يبحث أصحاب الفضيلة وهم جميعاً مشهود لهم بالعلم والفضيلة، في محتوي كتيب وهمي مجهول المصدر والمؤلف والناشر، ويضيعون الوقت في الرد عليه، ونشر الرد علي صفحات الكتب والمجلات.. أعتقد أن الإسلام أكبر بكثير من تلك الكلمات.