قبل ايام شهدت العاصمة الصومالية مقديشيو حادثا ارهابيا راح ضحيته اربعة وزراء في الحكومة.. بالطبع كانت الجماعات المتطرفة التي يموج بها الداخل الصومالي وراء الحادث ورغم نفي جماعة شباب المجاهدين التي اعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة أي مسئولية لها عن الحادث الا ان الناطق باسم الرئاسة الصومالية عبد القادر عثمان شدد علي كون الجماعة هي المسئول الاول عن التفجيرات.. الحادثة لا تمثل سوي حلقة واحدة في سلسلة طويلة من واقع مرير يشهده الصومال منذ سنوات.. روزاليوسف حاولت رصد ملامح الاجواء التي يعانيها الصوماليون في ظل الصراعات بين التيارات التي تحمل شعارات اسلامية وتتنازع علي الاحقية في الحديث باسم الدين فكان حوارنا مع الشيخ عبد القادر عثمان وهذا نصه: ما تفسيرك للحادث الإرهابي الذي شهده الصومال مؤخرا وأودي بحياة أربعة وزراء صوماليين؟ حركة شباب المجاهدين هي المسئولة عن الانفجار وهي أقدمت علي ذلك بهدف إفشال خطة الحكومة خلال الشهرين القادمين لإعادة الاستقرار والأمن للصومال. *رغم إعلان الحركة عدم مسئوليتها عن الانفجار؟ -هذا غير صحيح والدليل علي مسئوليتهم أن قيادات من محافظة " شبيلي السفلي" التي تبعد 90 كيلومترا عن العاصمة مقديشيو أعلنوا للمصلين في الجمعة الماضية أنهم نفذوا عملية الاغتيالات للوزراء الصوماليين.. والعمليات الانتحارية بدأت منذ 2007 حتي الآن كلها تمت عن طريق حركة شباب المجاهدين.. كما أن تنفيذ هذه العملية والتخطيط لها تم علي ايدي مدربين من القاعدة. * هل تنجح الحكومة في معالجة انفلات امني دام سنوات في شهرين؟ - اعترف بان الصومال يشهد انفلاتا أمنيا منذ 19 عامًا، وان عدم وجود حكومة مركزية قوية وكون الدولة بدون جيش مدرب ولا جهاز أمني ولا استخبارات .. كل هذا كان من الأسباب المساعدة علي وقوع ذلك الانفجار، ونحن نسعي بكل عزمنا للتغلب علي الوضع الراهن، لكن النية كانت مبيتة لإفشال تحركات الحكومة وبرنامجها لاستعادة السيطرة علي العاصمة وكل الصومال ونفس الأمر حدث عند اغتيال وزير الأمن الصومالي منذ عدة أشهر وكان السبب استعادة مدينة (فيران) وهي مدينة مهمة وإستراتيجية. * هل كانت هناك عوامل خاصة ساعدت علي انفاذ الانفجار في موقع تسيطر عليه الحكومة؟ - لا يمكن ان نتجاهل عوامل مثل طبيعة الحفل فهو كان مخصصا لتخريج 100 من طلبة كلية الطب لاول مرة منذ سنوات طويلة، وحضره عدد كبير من قيادات التعليم .. كما أن أغلب الوزراء الضحايا كانوا قيادات في المحاكم الإسلامية وانضموا للحكومة بعد مفاوضات جيبوتي مثل وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي الذي كان من أعضاء مجلس الأمناء ولخطورة الامر قرر الشيخ شريف رئيس جمهورية الصومال تشكيل لجنة لتقصي الحقائق وكشف كثير من المعلومات المتعلقة بالحادث والشهود أشاروا إلي ان مرتكب الحادث شاب تخفي في عباءة سوداء وارتدي النقاب وفجر نفسه. * وما خطة الدولة لمعالجة الوضع الأمني؟ الرئيس أعلن انه سيواصل تنفيذ الخطة التي كانت موضوعة لاستعادة الاستقرار مهما حدث وهو برنامج تنفذه الحكومة عن طريق المصالحة مع كافة الأطياف السياسية.. هذا شق أما الشق الآخر فيتعلق بتدريب قوات شرطة نسائية بصورة كبيرة للتفتيش، كما ان هناك تغييرًا في السياسة الداخلية للحكومة، وسوف نعمل علي توفير أجهزة للكشف عن المتفجرات. * مع تزايد ظاهرة القرصنة الصومالية كيف بات الصوماليون ينظرون للدعم الخارجي ؟ - بكل تأكيد نحتاج دعمًا من كافة دول العالم لحل مشكلة القرصنة كما نستعد لتدريب ألفي فرد من القوات الصومالية في أوغندة وهناك ايضا بعض الدول منها مصر أبدت استعدادها لتدريب قوات من الجيش الصومالي والأمني وأعضاء من السلك الدبلوماسي في معهد وزراء الخارجية لحماية كبار الشخصيات الصومالية، ومن بينها ايضا روسيا وايطاليا وجيبوتي.. هناك حوالي الف جندي تم تدريبهم في جيبوتي وعادوا إلي الصومال و10 من قيادات الشرطة سافروا إلي روما لتلقي تدريبات عالية الدقة والخطة الآن لحراسة وحماية كبار الشخصيات الامنية والحكومية مثل الوزراء في بيوتهم ومكاتبهم. * وما مصير المصالحة مع المعارضة؟ - هناك الآن تفاهم مع الحزب الإسلامي وبعض أعضاء الحزب أصبحوا وزراء مثل وزير الدولة لوزارة الدفاع والبعض الآخر سينضم لصف الحكومة في المرحلة القادمة. * هل تعتقد أن المصالحة مع حركة شباب المجاهدين سهلة بعد اعلان انتمائهم لتنظيم القاعدة؟ -شباب المجاهدين التفاهم معهم صعب لأنهم حركة معارضة مسلحة تستند لافكار متشددة، فهم يكفرون أعضاء الحكومة والجيش ويعتبرون الانتماء إلي هذا التنظيم شرفًا، هناك قيادات من القاعدة من خارج الصومال يقاتلون مع حركة شباب المجاهدين وتنظيم القاعدة به أعضاء وقيادات تشرف علي حركة شباب المجاهدين وهم فقدوا القدرة علي اتخاذ القرار وأصبحوا آلة في أيدي القاعدة ويوزعون أشرطة بعنوان (لبيك يا أسامة ) علي المصلين في المساجد بمدينة كسمايو. * هل هناك دول خارجية ساعدت في دعم المعارضين؟ - لا توجد دول بعينها و تنظيم القاعدة وحده هو الذي يدعمهم. * مظاهر التشدد في المجتمع الصومالي تقول انه في طريقه إلي أن يصبح أفغانستان آخر؟ - الشعب الصومالي يتسم بالاعتدال دينيا أما التطرف فمرتبط فقط بالجماعات المسلحة التي تكفر كل من يعمل بالدولة الصومالية وتهدر دمه بداية من الوزراء والبرلمانيين حتي الموظفين الصغار في الدولة.. من مظاهر التطرف أيضا هدمهم أضرحة الصالحين من علماء الصوفية المشهورين الذين كانوا سببا في دخول مئات الأفارقة في الدين الاسلامي مثل الشيخ أويس القادري في شمال افريقا وكان له اتباع في كينيا واثيوبيا وحتي تنزانيا.. وهم مستمرون في نبش عظام قبور الاولياء ويقولون انها بدع وخرافات ويحرقون قبورهم ويرمون رفاتهم .. نحن سنحاول بكل قوتنا للحيلولة دون تحول الصومال إلي افغانستان اخر. * ولكن النقاب منتشر بقوة في المجتمع الصومالي؟ - النقاب أصبح ظاهرة عامة مثل ظهوره في نهاية الثمانينيات بمصر والجماعات تتخذه وسيلة لتنفيذ التفجيرات.. غالبية من يرتدونه ذهبوا إلي الدول الخليجية وتأثروا بالفكر المتطرف وعادوا ليطبقوه في المجتمع الصومالي وساعد علي ذلك الجماعات المسلحة التي تريد فرض تشددهم علي المجتمع الصومالي المعتدل. * كيف تري دور الدول العربية في الازمة الصومالية الحالية؟ -الصومال يحتاج لدعم من كل الأشقاء العرب، بل وعلي المجتمع الدولي أن يقدموا لنا من خبراتهم اضافة إلي التجهيزات والتقنيات الحديثة فهي غير متوافرة لدي الحكومة المركزية وبعض الوزراء الصوماليين سيتجهون في الفترة المقبلة لطلب المساعدة من بعض الدول العربية مثل مصر والجزائر والسعودية لان لديهم قدرات وتقنيات علمية عالية في مجال الامن والشرطة وفي مجال مكافحة الإرهاب. * صراع الإسلاميين إلي أي مدي أفقدهم المصداقية في الشارع الصومالي؟ - للاسف المحاكم الإسلامية كانت تتمتع بشعبية جارفة في جنوب الصومال عام2006، ثم جري اختيار الشيخ شريف وكان رئيس اتحاد المحاكم الإسلامية بالانتخاب لينشق الاعضاء علي أنفسهم، جزء منهم شارك في الحكومة والاخر رأي ان الانشقاق هو الافضل مما أفقد الطرفين مصداقيتهم واثر ذلك علي الشارع الصومالي لان المنشقين المسلحين فضلوا المعارضة بالسلاح.