الغني المُفاجئ .. الثروة الطائلة.. أحلام دفعت عددًا كبيرًا من ابناء اسيوط في الآونة الاخيرة الي حفر منازلهم لاعماق كبيرة بحثاً عن الاثار علي امل العثور علي قطعة فرعونية تخلع عنهم رداء الفقر .. إلا ان هذه الاحلام سريعاً ما تتحول الي كوابيس مزعجة بعد ان يستيقظ هؤلاء المنقبون ليجدوا انفسهم ضحايا تحت انقاض المنازل التي تنهار اثر العبث بأساساتها مثلما حدث في مراكز البداري وأسيوط وأبنوب والتي شهدت سقوط 4 منازل راح ضحيتها 12 شاباً. "روز اليوسف" تجولت بين قري اسيوط ورصدت الظاهرة التي انتشرت مؤخراً بين ابنائها. صلاح قليني عمدة قرية الحمام التابعة لمركز أبنوب يقول ان بعض النصابين استطاعوا ايهام الشباب بقدرتهم علي تحقيق احلامهم وفتح الطريق امامهم للثراء السريع ويستولون منهم علي مبالغ كبيرة بدعوي انفاقها في اعمال الحفر ثم يختفون عن الانظار فيضطر الشباب الي السعي وراء تحقيق الحلم بأنفسهم ويبدأون في الحفر بالمنازل. وأضاف "قليني" انه لم ير قطعا اثرية حتي الان بالرغم من زيادة عمليات الحفر بقريته مشيراً الي انه يقوم بإبلاغ مركز الشرطة عندما يعلم بهذه العمليات لاتخاذ الاجراءات القانونية ضد القائمين بها. ويشير ملاك بقطور "شيخ ناحية بمركز أبنوب" الي ان مشكلة البطالة تدفع الشباب الي السير وراء تلك الخرافات بدليل ان بعضهم من المتعلمين الذين يقومون بحفر أنفاق في باطن الأرض اسفل منازلهم للبحث عن الآثار. ويوضح هارون أبو الحسن "موظف" انه يقطن بجوار احد المنازل التي انهارت بسبب عمليات التنقيب بعد ان قام اصحابه بحفر انفاق طويلة اثرت بالسلب علي الاساسات. ويضيف د. محمد بركات عضو مجلس محلي بابنوب أن الاهالي تدفع مئات الآلاف من الجنيهات لتحقيق حلم الثراء السريع بسبب عدم وعيهم مشيراً الي ان المجلس قام بإنشاء برنامج يسمي " الدوار" بهدف التواصل بين المجتمع المدني والتنفيذي والتوعية بمخاطر هذه الظاهرة. ويقول شاب رفض ذكر اسمه انه فقد صديقه بسبب هذه الخرافات بعد ان سار وراء النصابين بالرغم من حصوله علي مؤهل متوسط لافتاً الي انه علم بعد وفاة صديقه ان احد المحتالين قام بإيهامه بوجود مقبرة فرعونية اسفل منزله وطالبه بالحفر لبضعة أمتار للبحث عنها , وبعد الحفر وانهيار المنزل اختفي هذا المحتال ولم يعرف أحد أثره حتي الآن. ومن جانبه اكد مصدر أمني مسئول بأسيوط ان المديرية تتصدي لهذه الظاهرة التي تودي بحياة المواطنين بعد ان يوهمهم النصابون والمشعوذون بوجود اثار اسفل منازلهم لافتاً الي ان قرية عرب العوامر شهدت خلال الاشهر الماضية انهيار منزل ومصرع شخصين كانا ينقبان عن الاثار. أما في دمياط فيبدو ان هوس التنقيب عن الآثار لم يقتصر علي الصعيد فقط بل انتقل الي الوجه البحري بعد الكشف عن عدة عمليات حفر شهدتها منازل القري والمناطق التي انتشرت فيها شائعات تؤكد وجود مقابر فرعونية تحت سطح اراضيها فضلا عن نجاح المحتالين الذين يتخفون تحت ستار الدين في اقناع البسطاء بالبدء في عمليات الحفر. محمد هاشم عضو مجلس مركز كفر سعد يقول ان الاهالي يطلقون عدة شائعات تؤكد وجود الاثار في العديد من المناطق مشيراً الي ان عددًا كبيرًا من المواطنين ينساقون وراء هذه الشائعات ويقومون بالحفر اسفل منازلهم بحثاً عن الاثار مثلما حدث في كفر البطيخ . ويلفت رضا الدسوقي "مدرس" الي أنه فوجئ بأحد اصدقائه يؤكد ان احد المشايخ أخبره عن مكان مقبرة فرعونية تعود للأسرة 16 مما دفعه الي انفاق مبالغ كبيرة في سبيل الوصول إليها وبالفعل ذهب بصحبة هذا الشيخ الي قطعة أرض زراعية وبدأ في الحفر الذي استمر لساعات طويلة ولم يصل إلي شيء في النهاية. وأضاف احد الاهالي رفض ذكر اسمه ان المقيمين بمنطقة تل الذهب اعتقدوا ان اسفل الصخرة التي تعلوه مقبره فرعونية فحاولوا تحريكها و لكنهم فشلوا رغم محاولتهم الحفر حولها في محاولة للوصول لأصل الصخر إلا ان الخوف تملكهم ولم يواصلوا اعمال الحفر بعد ان انتشرت شائعة تؤكد وجود جان يقاوم الذين يدخلون الي التل . فيما أكد سامي عيد تهيم مدير فرع الآثار في دمياط أن المحافظة تضم العديد من المواقع الآثرية منها 7 مواقع إسلامية بخلاف المقابر الفرعونية التي تتركز في تلال الذهب و الجصة والشيخ فريد والبدرشين والغز والعرب والدبالون والدير والكوم الأحمر والمحجرة . وأشار "تهيم" الي أن المحافظة تعد من المناطق الأثرية المكتشفة حديثاً بعد إقامة فرع آثار دمياط لمحاولة الحفاظ علي مجموعة التلال الأثرية الموجودة و التي كانت معرضة للنهب سواء بتعدي الأهالي عليها أو بإدخالها ضمن الأراضي الزراعية. واوضح مدير الفرع أن منطقة آثار تل الدير تعتبر من أهم التلال الأثرية في دمياط حيث تقع شمال شرق كفر البطيخ و مساحتها 7 أفدنة ويرجع تاريخها للأسرة 16 من العصر الفرعوني مشيراً الي انه تم خلال السنوات الماضية الكشف عن العديد من الآثار بهذه المنطقة منها 5 توابيت حجرية نقلت لمخزن الآثار بالدقهلية ووجد بداخلها قطعًا من الأثاث الجنائزي و مجموعة تماثيل للآلهة حورس و ايزيس و نفتيس. ولفت "تهيم" الي ان تل الكوم الأحمر بقرية الركابية لم تثبت أي أعمال حفائر عملية بخصوصه إلا ان الشواهد الأثرية ترجع تاريخه الي العصر اليوناني اما تل المحجرة فلم تجر عليه أعمال حفرية حتي الآن موضحاً انه تم الكشف عن حمام روماني مبني بالطوب الأحمر يعد فريدًا من نوعه في الدلتا وورشة لعصر الزيوت و مقبرة ترجع إلي العصر الروماني في تل البدرشين بالاضافة الي اوان فخارية و بعض العملات التي يرجع تاريخها للعصر اليوناني بتل الغز. وأكد سامي عيد مدير مكتب الآثار أن دور الهيئة ينحصر علي الحراسة والقيام بأعمال الحفريات من خلال متابعة 6 مفتشين يعملون بالمكتب يستعينون بعمال المناطق المجاورة للتلال في عمليات الكشف مطالباً بضرورة زيادة المخصصات المادية الخاصة بالكشف عن الآثار وعدم الاهتمام بتوجيهها للمناطق الاثرية في الأقصر وأسوان فقط.