الإصلاح السياسي هو المطلب الذي يجمع عليه الجميع من كل القوي المعارضة سواء كانت أحزابًا سياسية أو حركات إصلاحية أو تنظيمات احتجاجية.. وذلك منذ عام 2004 وحتي الآن، وذلك الإصلاح كان مسار اهتمام أيضًا للحزب الحاكم نتيجة لذلك الحراك السياسي العالمي والمحلي الذي انتشر بين كثير من دول المنطقة، فكان هناك إصلاح دستوري وعلي طريقة الحزب الوطني بتعديل أربع وثلاثين مادة من الدستور بهدف المسايرة والاستجابة لتلك الدعوات، وكانت انتخابات مجلس الشعب 2005 وانتخابات رئاسة الجمهورية 2006، ولكن مطلب الإصلاح السياسي هو بلا شك مطلوب دائم ومتجدد حيث إن الإصلاح لا ينتهي عند نقطة معينة ولا تحده مرحلة بذاتها، ولذا نري كل يوم تقريبًا وبعد ظهور حركة كفاية أواخر 2004 إعلانًا عن حركات وجماعات وتنظيمات تحت مسمي الإصلاح، سواء كانت تلك الحركات تهدف إلي تعديل بعض مواد الدستور خاصة مواد 76، 77، 78، والخاصة بانتخابات رئيس الجمهورية ومدة الرئاسة وأيضًا عملية الإشراف القضائي علي الانتخابات أو كان الهدف حول انتخابات سليمة تعبر عن رأي الجماهير، ومن خلال إفساح المجال والتشجيع لممارسة العملية الانتخابية، وغير ذلك كثير، وهذا بلاشك مطلب لا يختلف حوله لا قوة سياسية ولا حزب في الساحة بل إن قيادات الحزب الوطني ذاته تتحدث دائمًا عن الإصلاح الدائم داخل الحزب الوطني. ومن المعروف أن الإصلاح أيا كان مجاله سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا، فهذا مشروع دستوري في إطار الآليات السياسية الشرعية والمعلنة، وحسب القانون، وهو مطلوب أيضًا لصالح مصر الوطن الذي هو ملك لكل المصريين، ولن يكون هناك إصلاح حقيقي بدون أجندات وبرامج سياسية تحدد هذا الإصلاح، ثم بعد ذلك من الطبيعي أن يكون هناك قيادات وكوادر مؤمنة بالإصلاح وملتفة حول تلك البرامج وتعمل بجهد وجد ودأب علي أن تكون بين الجماهير لكسب ثقة تلك الجماهير ولحشدها حول تلك البرامج، حيث إنه لا إصلاح حقيقيا ولا تفعيل واقعيا لأي برامج بعيدًا عن الجماهير وإجماع الجماهير، كما أن الأحزاب المعارضة والحركات الاحتجاجية لا يمكن لها أن تضع تلك البرامج علي أرض الواقع دون كسب ثقة الجماهير وهنا لا شك فإن الوضع السياسي بمجمله يحمل كثيرًا من المعوقات التي تحول دون نزول تلك الأحزاب وهذه التنظيمات للشارع السياسي، وهنا ولكي نكون موضوعيين، فنحن لا ننكر أن السبب الرئيسي لتلك المعوقات ولعدم انفتاح تلك القوي السياسية علي الشارع هو سيطرة الحزب الوطني علي مقدرات كثيرة لا تملكها تلك القوي، حيث إن الحزب الحاكم يتصور أن نزول تلك القوي في الشارع تخصم من رصيده الجماهير، ناسيا أن النظام التعددي واللعبة الديمقراطية لا يمكن تفعيلهما بدون الالتحام بالشارع والعمل وسط الجماهير، ولكن هنا فليس هذا هو السبب وحده الذي ينتج تلك المعوقات، ولكن الأهم هو تقاعس تلك الأحزاب وتهافت هذه التنظيمات علي الجانب الإعلامي من اللعبة، ولذا نري أن الأحزاب قد استكانت داخل مقارها ولم تخرج للشارع إلا عن طريق بعض صحفها التي لم يعد لها قراء كما يجب، ناهيك عن تلك الصراعات داخل كل حزب حول لا شيء من المواقع الوهمية أو الصراعات حول التواجد السياسي غير الموجود. أما الحركات والتنظيمات الاحتجاجية الجديدة وكان علي رأسها كفاية، وإن كانت قد استفادت من حالة الحراك العالمي عام 2004، ونزلت للشارع وأحدثت زخمًا سياسيا كان مردوده السياسي يصب في الجانب الإعلامي أكثر منه في أي جوانب أخري وأهمها حشد الجماهير في الشارع وإمكانية تحريكها في اتجاه موقف سياسي معين تؤمن به الجماهير وتلتف حوله، ولذا تم اضطهادها في الوقفات علي سلم نقابة الصحفيين وكان عدد المتظاهرين يسرع نحوالانخفاض، والغريب أن لا أحد قد استفاد من تجربة كفاية ولكن الجميع يعيد إنتاج التجربة مرة ومرات وبنفس الصورة مبتغيا التواجد الإعلامي في المثال الأول والأخير، ولا أريد هنا أن أذكر أسماء معروفة للجميع، وذلك لأن هؤلاء قد أصبحوا يستمرئون اللعبة السياسية من خلال الظهور الإعلامي مستغلين أهم مدخلات تلك اللعبة وهي الجماهير، والأخطر الآن هو استعاضة الحركة الجماهيرية والفعل السياسي والمصداقية السياسية حتي ولو في إطار تكوين رأي عام ضاغط علي السلطة لمحاولة تمرير ذلك الإصلاح، ولكن للأسف فالجماهير بالنسبة لتك القوي أصبحت الاستقواء بالخارج وعلي رأسه أمريكا، وهنا الجميع يعلم أنني معارض وأنني لست ضد تلك القوي حيث إنني أحد مؤسسي حركة كفاية، ولست ضد الإصلاح بل أعتبر أن الإصلاح هو الضمانة الأساسية لاستقرار الوطن ولسد الذرائع علي كل من يحاول التدخل في شئون الوطن داخليا وخارجيا، أما التحجج بعملية مراقبة الانتخابات عن طريق تلك المنظمات والدول الخارجية، وأن تلك الرقابة قد أصبحت حالة طبيعية في العالم كله، نقول إن القضية ليست في الرقابة الانتخابية، ولكنها هي كيف نعمل سياسيا ونناضل جماهيريا وسط المصريين حتي يكون مطلب نزاهة الانتخابات وضمانة تلك النزاهة مطلبًا شعبيا يجعل السلطة تستجيب، فهذا فعل مصري من داخل مصر، كما أن هيئات ومنظمات الدنيا كلها لن تحمي الانتخابات من التزوير لو كانت هناك نية لذلك، ولكن الأهم هو توعية الجماهير وتربيتها سياسيا علي المشاركة السياسية أولاً، ثم بعد ذلك تكون الجماهير وعن طريق المشاركة الانتخابية هي الضمان لنزاهة الانتخابات خاصة عندما يتمسك المواطن بحقه في إبداء صوته بشكل قانوني، هذه هي البداية، ولكن أن نناضل من خلال البيانات السياسية والقنوات الفضائية بعيدًا عن الجماهير فهذا لا علاقة له بنضال حقيقي ولا يفرز إصلاحًا حقيقيا، ثم ما علاقة العمل علي أرض مصر ومن أجل الشعب المصري ونزاهة الانتخابات وبين زيارة مساعد السفير الأمريكي والغداء مع السفيرة الأمريكية والدفاع عن العلاقات التي تربط هؤلاء الذين يدعون أنهم زعماء مع أمريكا وما علاقة النضال السياسي الجماهيري الذي يجب أن يكون حتي يتم كسر حصار الحزب الحاكم علي الشارع وبين الاستنجاد بأمريكا والتعامل مع المنظمات الأمريكية، الحرية والديمقراطية لن تكون عن طريق احتلال العراق وسحق أفغانستان، والديمقراطية وحرية الانتخابات لن تأتي عن طريق أمريكا إلا إذا كانت ستحقق مكاسب لأمريكا ولن تكون لسواد عيون الشعوب ومنها الشعب المصري، وإعلان الحركات السياسية لن يكون بمقابل السفير الأمريكي أو مساعدها لكي نعطي لهم المبررات لإعلان تلك الحركات أو نشرح لهم أهدافها، مما دخل أمريكا أو غيرها في ذلك، الشعب المصري هو الوحيد صاحب الحق في تدشين وإعلان وإعلاء أي حركة سياسية مصرية تريد أن تعمل لصالح مصر وشعب مصر.