تعد الوسائط المتعددة إحدي الصيغ التشكيلية الأساسية في فنون ما بعد الحداثة، ومنها تغيرت المفاهيم الفنية والجمالية للعمل الفني، وحول مدي تأثير فنون ما بعد الحداثة علي الفن المصري المعاصر عقد بجمعية محبي الفنون الجميلة مناقشة حول كتاب الفنانة الدكتورة هويدا السباعي بعنوان "اتجاهات ما بعد الحداثة وأثرها علي الفن المصري المعاصر"، وأدار الندوة كل من الناقد محمد حمزة والناقد صلاح بيصار.. في بداية الندوة تحدثت الدكتورة الفنانة هويدا السباعي قائلة: لازالت مفاهيم فنون ما بعد الحداثة لم تصل لأن تكون لغة الثقافة الدارجة لا علي مستوي الفنانين المثقفين ولا حتي علي مستوي المتلقي والجمهور، وفنون ما بعد الحداثة هي امتداد لكل ما سبقها من اتجاهات بدء من عصر النهضة وحتي الآن.. وأضافت: السؤال الذي نطرحه هل مصر مواكبة للفنون العالمية؟ فمن خلال البحث وجدت أن السريالية كانت موجودة في مصر في نفس الفترة الموجود فيها عالميا، وكان الفنان رمسيس يونان علي علاقة بجماعة السرياليين، ونجد أن حالة التبعية للاتجاهات الفنية موجودة في مصر منذ جيل الرواد: محمود مختار ومحمود سعيد ويوسف كامل، والاعتماد علي الآخر ليس عيباً لأنه تأثير وتأثر، وكان المجتمع بالكامل في مصر كان في حالة تأثر في مجالات السينما والموسيقي والموضة والأغاني وتلك تعد حالة موازية للعالمية.. وأكملت: أول مصطلح للفنون ما بعد الحداثة ظهر كان مصطلح "السمبلاج" أو الفن التجميعي، وفيها خرج الفنان يبحث عن الجمال في أشياء محطمة نتيجة الحروب والدمار، ليحدث حالة صدمة جمالية، وقدم كل من الفنان صلاح عبد الكريم والفنان أحمد نوار أعمالاً نحتية من الأشياء المحطمة، يليه ظهور "الفن الفقير" وهو الفن الذي يعتمد علي خامات طبيعية قابلة للتحلل ويقدم عمل فني ضد التجارية والبيع، وقدمه روبرت مورس والفنان عبد السلام عيد والفنان محمد عبلة، والأخير قدم عملا عن التلوث في قاع النيل مستخدما خامات بسيطة، أما "فن الكولاج" فقدمه الفنان منير كنعان، وتبعه باكتشاف "فن الديكولاج" وهو البحث عن قيمة جمالية في تأثير القطع العشوائي للأوراق، واستنتجه "كنعان" من إعلانات الشوارع السينمائية المقطوعة، أما اتجاه "آرت وتكنولوجيا" فيعتمد علي التواجد التكنولوجي بأجهزته داخل عمل فني، وتبعه ظهور "الكمبيوتر أرت"، وغيرها من مجالات برامج الكمبيوتر، أما "الفن المفاهيمي" أو فن المضمون فهو عبارة عن فن الاندماج مع قضايا الحياة..ثم واصلت في شرح الاتجاهات الفنية الحديثة مثل: "فناني الكتب" فيستخدمون الكتاب بشكله وحجمه لصياغة عمل فني، و"الفن اللاشكلي" بمعني أن العمل الفني ليس له مرجعية واقعية، ويعتمد فقط علي تأثيرات لونية انفعالية، أما في مجال النحت فظهرت الحداثة في اتجاهات مثل "نحت الخردة" و"النحت الحركي" و"فن الأرض" و"فن البوب" أو فن العامة، و"فن المينمال" أو الاعتدالية والتصغيرية، أما "فن البعثرة" فيعبر عن حالة البعثرة الفكرية والثقافية التي يمر بها المجتمع، ثم اتجاه "الفيديو آرت" و"الفن الهزلي" الذي تعمق فيه الفنان صلاح عناني، وهناك فن "الجرافيتي" أو فن الاحتجاج علي المجتمع وأوضاعه من خلال الكتابة علي الجدران برموز ومفردات خاصة وواضحة ومتعارف عليها.. ثم تحدث الناقد صلاح بيصار قائلا: نجد اليوم واقعا جديد للعمل الفني يستمد جمالياته وقيمه من المجتمع الذي أصبح يتميز بالتغير السريع، لا يعجني أن يقول ناقد ما أن فنون ما بعد الحداثة هي فنون "ما بعد الحداقة"، وبدل من الفن المركب يقولون الكراكيب!، فالوعي بفنون ما بعد الحداثة ،لا يلزم الفنان أن يتبعها، ولكن لابد أن يتعرف عليها كثقافة معاصرة سائدة في المعارض والبيناليات العالمية، ولا يقلل ذلك من تواجد الفنون التصويرية والنحتية التقليدية.. وأشار الناقد محمد حمزة إلي العديد من التداخلات بين الفنون كسرت الحدود والمعاني والتعريفات الثابتة لمفهوم الفن والجمال، موضحا أن هناك مصطلحات كثيرة لها أكثر من مفردة ومعني، لذلك أطالب بتوحيد المصطلح والمعني في كل كتابات النقاد، حتي يسهل عملية التواصل بين الفنان الحداثي والمتلقي العادي، فمثلاً مصطلح " فن المينمال" أري انه يعني فن "الحد الأدني"، ونجد أن الدكتورة هويدا أطلقت علية فن الاعتدلية أو التصغيرية، وأيضا فن البوب أطلقت علية "فن الجماهير" وليس فن العامة، وفن "الانستليشين" هو فن التجهيز في الفراغ وليس كما أطلق عليه البعض فن التكوينات في الفراغ، لذلك أطالب بعمل مؤتمرات ولقاءات بين الفنانين والنقاد والمثقفين لتوحيد المصطلحات الفنية للفنون ما بعد الحداثة لأنها متداخلة ويمكن لعمل فني أن يندرج تحت أكثر من اتجاه.