كتبت منذ فترة علي صفحات "روز اليوسف" اليومية عن أن التدخلات غير الوطنية وذات المنظور الشخصي.. قد تسببت في وجود أشكال متباينة من الانقسامات الفلسطينية، وهو ما جعل القضية الفلسطينية ترتبط بأجندات خارجية يتم توظيفها لصالح تلك القوي المذكورة سواء كانت حماس أو سوريا أو إيران. بالإضافة إلي الدور التركي كوسيط مفترض.. يسعي إلي اكتساب ثقة الموقف العربي.. خاصة بسبب عدم انحيازه الظاهر إلي إسرائيل. وهو الأمر الذي قامت تركيا بتوظيفه بعد اشتباك أردوغان مع شيمون بيريز علي البروتوكول و(أولية) الكلام لكل منهما علي أنه اختلاف حول أزمة غزة الأخيرة . ولقد تأكد لي هذا الكلام من خلال المقال الهام للصديق د. عصام عبد الله، والذي كتبه تحت عنوان (الطاهي التركي والمطبخ الأمريكي)، وهو المقال الذي أكد فيه علي بعض المواقف ذات الدلالة السياسية خاصة للسياسة الخارجية التركية وللدور المرتقب المنتظر منها سواء من وجهة نظر بعض الدول العربية أو من وجهة نظر الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل. خاصة فيما ذكره عن مقابلة الرئيس السوري بشار الأسد قبل أيام مع صحيفة حرييت التركية، والتي قال فيها (يتعين علي تركيا تحسين علاقاتها مع حليفتها إسرائيل).. كرسالة غير مباشرة تؤكد علي دور الوسيط الذي بدأت تركيا في القيام به منذ عدة شهور مع إسرائيل. أتفق مع ما جاء بالمقال من أن نجم تركيا قد بزغ مؤخراً بمنطقة الشرق الأوسط باعتبارها قوة إقليمية مؤثرة تجيد لعب الأدوار المركبة والمتعددة، مع معظم دول المنطقة بلا استثناء كالضغط والتشتيت والمراوغة والتمثيل - إذا اقتضي الأمر - ومسرحية رجب أردوغان في دافوس مع الثعلب شيمون بيريز ليست بعيدة عن الأذهان. وهو الموقف الذي تم استغلاله عربياً ودولياً بقدر أكبر بكثير من حجمه الحقيقي علي مستوي السياسة الخارجية.. بحيث ظهرت تركيا، وكأنها المدافع عن الحقوق الفلسطينية والعربية.. أكثر من الدول العربية نفسها. أعتقد أن د. عصام عبد الله قد أثار قضية فائقة الأهمية من خلال ما ذكره عن مهارات الدبلوماسية التركية في المناورة لتشتيت الاختراق الإيراني.. بالتأكيد علي هوية تركيا السنية دون الدخول في مواجهة علنية مع إيران أو في مواجهة مباشرة مع الدور المصري فيما يخص الملف الفلسطيني الإسرائيلي، أو الفلسطيني - الفلسطيني.. من أجل الوصول للنتيجة التي ذكرها في نهاية المقال (بسلخ دمشق ومعها حزب الله وحماس والجهاد من علاقتها الإستراتيجية مع إيران). وهو ما يعني صياغة أجندة سياسية جديدة لدمشق بعيداً عن المحور الإيراني وتفتيت الهلال الشيعي المتخيل في دمشق وبيروت وفلسطين. أصاب عنوان المقال الحقيقة في وصفه للدور التركي بالطاهي في مطبخ السياسة الخارجية الأمريكية. ويبقي السؤال: هل تقرأ الدول العربية ذات الصلة بما يحدث في السياسة الخارجية.. كما تقرأها مصر طبقاً لملفات وتوجهات اللاعبين الأساسيين في السياسة الدولية؟.