أعرب الرئيس مبارك في كلمته صباح امس بالجلسة العامة الاولي لاعمال القمة العالمية بروما حول الأمن الغذائي عن تقديره لرئيس الوزراء الايطالي سيلفيو بيرلسكوني، وللمدير العام للفاو جاك ضيوف، وأكد الرئيس مبارك موقع رئاسة مصر لحركة عدم الانحياز، ان شعوب الحركة الأكثر تعرضا لمخاطر الأوضاع الراهنة للأمن الغذائي، التي تمثل تهديداً مباشرا لحياة ملايين البشر. وأشار الرئيس مبارك إلي تداخل أزمة ركود الاقتصاد العالمي، مع أزمة ارتفاع اسعار الغذاء، وكرر دعوته لمشاركة عالمية للتعامل مع مسببات ازمة الغذاء وتداعياتها في الأجل القصير والمتوسط والبعيد، وقال الرئيس ان تحقيق الامن الغذائي بالدول النامية لا يتم بمعزل عن جهودها من أجل التنمية الشاملة.. وأشار إلي ضرورة التنسيق بين البنك الدولي ومنظمة الأغذية والزراعة الفاو وبرنامج الغذاء العالمي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية وبرنامج الأممالمتحدة للتنمية للتصدي لقضية الأمن الغذائي.. وإلي نص الكلمة.. السيدات والسادة.. السيد الرئيس أعبر عن تقديري للصديق العزيز رئيس الوزراء سيلفيو بيرلسكوني.. وللمدير العام جاك ضيوف وأتحدث إلي هذه القمة الهامة من موقع رئاسة مصر لحركة عدم الانحياز.. بدولها التي تقترب من ثلثي أعضاء الأممالمتحدة.. وشعوبها الأكثر تعرضا لمخاطر الأوضاع الراهنة للأمن الغذائي. إن هذه المخاطر تمثل تهديدا مباشرا لحياة الملايين من البشر.. ولحق أساسي من حقوق الإنسان.. هو الحق في الغذاء. تهدد هذه المخاطر الاستقرار الاجتماعي لشعوب الدول النامية.. وتضع علي كاهلها أعباء اضافية تحد من قدرتها علي الوفاء بالهدف الأول من أهداف الألفية للتنمية.. وهو تخفيض عدد الجوعي إلي النصف بحلول عام 5102. إن العالم لا يزال بعيدا عن تحقيق هذا الهدف.. وتأتي قمتنا اليوم.. في وقت يشهد أزمة حادة للاقتصاد العالمي.. تجاوز خلالها عدد من يعانون من الجوع وسوء التغذية المليار من البشر.. أي ما يفوق سدس سكان العالم.. بزيادة قدرها مائة مليون إنسان.. عما كان عليه الحال العام الماضي. تداخلت أزمة ركود الاقتصاد العالمي.. مع أزمة ارتفاع الأسعار العالمية للغذاء.. لتؤديا معا إلي هذه الزيادة الضخمة والمؤسفة.. وبرغم التراجع الطفيف في الاسعار العالمية للسلع الغذائية.. فإن الأزمة الاقتصادية الراهنة أدت لانخفاض مستويات الدخل وفرص العمل.. فتراجعت قدرة الفقراء علي الحصول علي حقهم الثابت في الطعام. لقد دعوت العام الماضي - ومن هذا المنبر - لشراكة عالمية.. تتعامل مع مسببات أزمة الغذاء وتداعياتها.. في الأجل القصير والمتوسط والبعيد.. دعوت لحوار دولي يؤسس لهذه الشراكة.. يطرح حلولا يتفق عليها الجميع.. ويلتزم بها الجميع. وعاودت الدعوة لذلك.. خلال قمة لاكويلا لمجموعة الدول الثماني الصناعية.. بعد أيام قليلة من قمة شرم الشيخ لدول عدم الانحياز.. فأين نحن الآن من ذلك؟ السيدات والسادة.. لقد حان الوقت لأن نتجاوز مرحلة الحوار.. إلي اجراءات جادة وملموسة.. تتعامل مع قضية الأمن الغذائي علي أرض الواقع.. فأسباب ازمة الغذاء واضحة.. وسبل حلها معروفة.. ونحن بحاجة الي برنامج عمل دولي.. يتعامل مع هذه القضية وفق منظور شامل.. أوجز فيما يلي أهم معالمه: أولا: إن تحقيق الأمن الغذائي بالدول النامية.. لا يتم بمعزل عن مجمل جهودها من أجل التنمية الشاملة.. وإنما يرتبط بأوضاع اقتصادها وبنيتها الأساسية.. وشبكات الطرق والنقل ومنافذ التوزيع وهياكل تجارتها الداخلية. كما يرتبط بجهودها لتحقيق التنمية البشرية.. والسيطرة علي الزيادة السكانية وتطوير التعليم. ويقتضي كل ذلك دعما حقيقيا من الدول الغنية المتقدمة لدول العالم النامي. صحيح أن شركاء التنمية قد تعهدوا.. خلال قمة لاكويلا بإتاحة 02 مليار دولار علي مدار الاعوام الثلاثة القادمة.. تخصص لزيادة الانتاج والانتاجية الزراعية.. وصحيح أن هذا التعهد يمثل خطوة هامة علي الطريق.. إلا أنه - وغيره من التعهدات - يظل في حاجة عاجلة للتنفيذ علي أرض الواقع.. وعلي نحو يتضمن تمويلا اضافيا.. وليس مجرد اعادة تخصيص لموارد التمويل المتاحة بالفعل. ثانيا: لقد انخفض نصيب الزراعة من مساعدات التنمية الرسمية.. من 71٪ عام 0891 إلي نحو 5٪ في الوقت الحالي.. وهو ما يقتضي المراجعة من جانب الدول والمؤسسات المانحة. إن أكثر من 07٪ من شعوب الدول النامية يعملون بقطاع الزراعة.. وعلينا أن نعمل علي تطوير هذا القطاع الحيوي.. باعتباره عنصرا اساسيا في الجهود الدولية لتحقيق الأمن الغذائي. وأقول امام هذه القمة: إن دول العالم النامي تتطلع لدعم جهودها للتنمية الزراعية.. بالمزيد من الاستثمارات المباشرة والتكنولوجيا المتقدمة.. والمزيد من مساندة جهودها لزيادة الانتاج الزراعي، ورفع الانتاجية، وتحسين كفاءة استخدامات المياه وتطوير نظم الري. ثالثا: إن مخاطر الاوضاع الراهنة للأمن الغذائي.. تزداد تفاقما بالانعكاسات السلبية لتغير المناخ.. وما ينطوي عليه من ظواهر تآكل الشواطئ.. والفيضانات.. والتصحر وجفاف الاراضي.. وغيرها.. إنني وقبل اسابيع قليلة من انعقاد مؤتمر كوبنهاجن.. أؤكد أن نجاح المؤتمر.. سيظل رهنا بنجاحه في تعزيز قدرات الدول النامية علي التكيف والتعامل مع تداعيات تغير المناخ.. وعلي المؤتمر المقبل أن يولي هذه القضية.. ذات الاهتمام الذي توليه الدول المتقدمة لتخفيض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحرري.. فالمطلوب هو صفقة عادلة ومتوازنة.. تحقق مصالح الجميع في مرحلة ما بعد عام 2102. رابعا: إن جهودنا للتعامل مع أزمة الغذاء.. لابد أن تتصدي للممارسات الراهنة للتجارة الدولية في السلع الزراعية.. وعلي رأسها السياسات الحمائية والدعم الزراعي بالدول المتقدمة. لقد ألحقت هذه الممارسات أفدح الضرر بقطاعات الزراعة في الدول النامية.. وإنني أدعو الدول المتقدمة.. لمواقف ايجابية تحقق التوافق في جولة الدوحة للمفاوضات التجارية متعددة الاطراف. وسوف تواصل مصر جهودها لبناء هذا التوافق.. بصفتها منسق المجموعة الافريقية بمنظمة التجارة العالمية. خامساً: ضرورة تفعيل الاجراءات قصيرة الأجل لمواجهة نقص الغذاء.. بما في ذلك توفير التمويل الكافي للآليات الدولية القائمة.. وتعزيز قدرتها علي تقديم المساعدات الغذائية والانسانية.. علي نحو سريع وفعال.. والوصول بها للفئات الأكثر احتياجا وتعرضا للتهميش.. وبخاصة النساء والاطفال.. وأعاود الاشارة - في هذا السياق - للوضع الانساني المتدهور في قطاع غزة.. نتيجة لاستمرار الحصار الاسرائيلي. سادسا: الضرورة الموازية لمستوي افضل من التنسيق.. بين البنك الدولي.. ومنظمة الأغذية والزراعة.. وبرنامج الغذاء العالمي.. والصندوق الدولي للتنمية الزراعية.. وبرنامج الأممالمتحدة للتنمية.. وغير ذلك من الآليات الدولية القائمة. وفي هذا الصدد.. فإنني اعرب عن اقتناعنا بأن لجنة الأمن الغذائي في شكلها الجديد.. اصبحت مؤهلة للقيام بدور رئيسي في الشراكة العالمية التي نتطلع اليها.. بما تتيحه من اطار مؤسسي لمشاركة الحكومات والمنظمات الدولية والاقليمية.. جنبا إلي جنب مع القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية ومراكز البحث العلمي.. في التصدي لقضية الأمن الغذائي. السيدات والسادة.. إننا برغم التفاعل الدولي مع أزمة الغذاء العالمي.. علينا أن نعترف بأن هذا التفاعل لم يصل - بعد - للمستوي اللازم والمطلوب. ونحن نشارك في هذه القمة لنواصل إبقاء هذه القضية علي الاجندة الدولية.. ولنصل معا لرؤية مشتركة للتعامل معها.. في ابعادها الاقتصادية والاجتماعية.. وصلتها بالتصدي للمضاربة بأقوات البشر.. وتحقيق استقرار أسواق الغذاء.. نعمل معا.. من أجل عالم أكثر انسانية وعدلا.. يضمن الطعام للجميع.. ويأبي - في ألفيته الثالثة - أن يظل أكثر من مليار من أبنائه.. ضحايا للجوع ونقص الغذاء. أشكركم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،