أبرزها «الشهادة الذهبية».. إنجازات حكومة مدبولي في المنظومة الصحية قبل استقالتها    مثلها الأعلى مجدي يعقوب.. «نورهان» الأولى على الإعدادية ببني سويف: «نفسي أدخل الطب»    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. سعر الذهب اليوم الاثنين 3 يونيو 2024 (آخر تحديث)    محافظ مطروح يتابع خفض منسوب المياه الجوفية بمشروع الإسكان الاجتماعي والشباب بمنطقة حفر الباطن    بقذيفة «مضادة للأفراد».. «القسام» توقع قوة إسرائيلية بين قتيل وجريح    «أونروا»: «مليون شخص فروا من رفح في ظروف لا يمكن وصفها»    موسكو تهدد واشنطن بعواقب الأضرار التي لحقت بنظام الإنذار المبكر    الرئاسة الأوكرانية: 107 دول ومنظمات دولية تشارك في قمة السلام المرتقبة بسويسرا    تحرك عاجل من مجلس الزمالك لحل أزمة القيد    نائل نصار أمل الفروسية المصرية في أولمبياد باريس    استعدادًا ل يورو 2024.. ألمانيا ضد أوكرانيا مساء اليوم ..موعد اللقاء وتردد القنوات الناقلة    بالإسم ورقم الجلوس.. تعرف على نتيجة الشهادة الإعدادية ببني سويف (النتيجة كاملة)    انطلاق تصوير فيلم «قصر الباشا» بطولة أحمد حاتم (صور)    تفاصيل عقد قران جميلة عوض والمونتير أحمد حافظ    وزير الأوقاف يوصي حجاج بيت الله بكثرة الدعاء لمصر..صور    «بلاش نعمل هيصة ونزودها».. شوبير يحذر قبل مباراة مصر وبوركينا فاسو    محافظ الغربية: نتابع باستمرار ملف التصالح وتبسيط الإجراءات على المواطنين    ناجى الشهابي: حكومة مدبولي قادوا البلد في ظروف صعبة بحرفية شديدة وضرورة الاهتمام بالصحة والتعليم    مجلس النواب يشكر حكومة مدبولي: بذلت جهدًا كبيرًا داخليًا وخارجيًا    رئيس حزب الاتحادى الديمقراطى: حكومة مصطفى مدبولى عملت فى صمت وحققت الكثير من الإنجازات    ثقافة الإسكندرية تقدم "قميص السعادة" ضمن عروض مسرح الطفل    نتنياهو: الحرب فى غزة ستتوقف لإعادة المحتجزين ثم ستتبعها مناقشات أخرى    "التابعى.. أمير الصحافة".. على شاشة "الوثائقية" قريبًا    رودري: اعتزال كروس يلهم الجميع    سُنن صلاة عيد الأضحى.. «الإفتاء» توضح    رئيس الوزراء يتفقد المعرض الطبي الأفريقي الثالث    إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة بالطريق الصحراوي الغربي بقنا    الأربعاء المقبل.. انطلاق مهرجان الأفلام اليابانية بالقاهرة    مي عمر عن علاقتها بمحمد سامي: «مبخافش من الحسد ومبركزش في كلام الناس»    6 قرارات للمجلس الأعلى للجامعات لشئون الدراسات العليا والبحوث    محافظ الشرقية: إزالة 372 إعلانا مخالفا وغير مرخص خلال شهر    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في سريلانكا إلى 12 شخصًا    مجموعة "إي اف جي" القابضة تعتزم شراء 4.5 مليون سهم خزينة    نقيب البيطريين: حصلنا على وعد بضم أعضاء النقابة إلى تعيينات ال120 ألف فرصة عمل    التحفظ على مدير حملة أحمد طنطاوي لتنفيذ حكم حبسه في تزوير توكيلات انتخابات الرئاسة    أسامة قابيل يوضح حكم تفويض شخص آخر فى ذبح الأضحية؟    نائب رئيس جامعة الزقازيق يتفقد سير الامتحانات بكلية التمريض    صيادلة الإسكندرية: توزيع 4.8 ألف علبة دواء مجانا في 5 قوافل طبية (صور)    السكة الحديد: تعديل تركيب وامتداد مسير بعض القطارات على خط القاهرة / الإسماعيلية    المؤهلات والأوراق المطلوبة للتقديم على وظائف المدارس المصرية اليابانية    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    برلماني يطالب الحكومة بدعم الاستثمار الزراعي والصناعي    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    منتخب إنجلترا يواجه البوسنة في البروفة الأولى قبل يورو 2024    الحكومة تتقدم باستقالتها.. والرئيس السيسي يكلف مدبولي بتشكيل جديد    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    حالات وإجراءات تأجيل امتحانات الثانوية العامة 2024 للدور الثانى بالدرجة الفعلية    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    شكري: مصر تستضيف المؤتمر الاقتصادي المصري الأوروبي نهاية الشهر الجاري    بعد انسحاب قوات الاحتلال.. فلسطينيون يرون كيف أصبح حال مخيم جباليا    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية    علقت نفسها في المروحة.. سيدة تتخلص من حياتها بسوهاج    للتدخلات الجراحية العاجلة.. كيف تستفيد من مبادرة إنهاء قوائم الانتظار؟    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    أول تعليق من التعليم على زيادة مصروفات المدارس الخاصة بنسبة 100 ٪    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    أفشة: ظُلمت بسبب هدفي في نهائي القرن.. و95% لا يفقهون ما يدور داخل الملعب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالله كمال يكتب : ترشيح البرادعي.. وعبث إيران بموانئ مصر.. وتنحي أبومازن.. وفضيحة سوريا.. وقطن أباظه

خمسة تعليقات في خمسة ملفات تهم مصر في الداخل والخارج
أتناول اليوم أكثر من موضوع في قضايا مختلفة.. فرضت نفسها علي.. ووجدت أنه ليس من الممكن أن أؤجل بعضها إلي يوم آخر.. أو أن أوزعها علي عدة أيام.. فالصدفة قادتني إليها في نهاية الأسبوع.. إما لأنها مرتبطة بوقائع جرت في الأسبوع الماضي.. أو لأنها مرتبطة بأمور قد تجري هذا الأسبوع..
ومن ثم فقد قررت أن أعلق عليها جميعا في هذا المقال المقسم إلي بنود خمسة.. وما يجمعها كلها أنها تتعلق بشكل أو آخر بالشئون المصرية.. داخلياً وإقليمياً.
ترشيح البرادعي
امتنعت عن التعليق علي الأنباء التي تناثرت في الأيام الأخيرة حول احتمال أن يرشح الدكتور محمد البرادعي مدير عام وكالة الطاقة الذرية.. التي تنتهي ولايته لها خلال أيام.. للانتخابات الرئاسية المصرية في 1102.. لأنه لم يكن هناك تصريح موثوق به له حول هذا الموضوع.. علي الرغم من كثير من الأخبار التي نشرت حول ذلك في مختلف الصحف المصرية الخاصة والحزبية.
وقد حدث متغير لافت يوم الخميس الماضي.. حين قال الدكتور البرادعي لمحطة (سي إن إن) في حوار خاص إنه لا يستبعد أن يترشح في تلك الانتخابات.. مضيفا: إلا أنه لابد من توافر ضمانات علي أن هذه الانتخابات سوف تجري بصورة سليمة، قبل أن يوافق علي الترشح فيها.
ولا شك أن تلك الانتخابات تمثل أهمية متميزة.. وتاريخية. كما أن البرادعي شخصية لها رونق وبريق. بغض النظر عن أي رأي خاص فيها.
وحتي الآن، ومع صدور تصريح البرادعي الأخير شبه الواضح، فإنني أجد أن التعليق الكامل لم يحن وقته بعد.. وما أعتقد أن الواجب قوله هنا.. هو بضع نقاط:
1 - من حق أي مصري.. أياً ما كان موقعه.. واسمه.. أن يعلن عن رغبته في الترشح لتلك الانتخابات وأي انتخابات في مصر.. بدءاً من انتخابات المجالس المحلية لقري صغيرة.. وحتي انتخابات الرئاسة.. وبما في ذلك خوض انتخابات اتحاد الطلبة في أي جامعة أو نوادي هيئات التدريس أو النقابات أو اتحادات ملاك العقارات أو عضوية مجلس الشعب.. هذا حق دستوري لكل مصري يحمل الجنسية المصرية.
2 - من حق أي مواطن مصري أن يختار الطريقة المناسبة التي يراها هو وليس أي أحد آخر.. لكي يخدم بلده.. بالأسلوب الذي يفضله.. سواء كان هذا بالعمل صحفياً.. أو بالعمل وزيراً.. أو بأن يخطط لكي يصبح رئيساً.. أو مجرد محامٍ.. أو حتي مواطناً صاحب صوت انتخابي يقرر من يفوز ومن لا يفوز. ولا يمكن لأي أحد أن يعترض أي شخص في طريقة خدمته لبلده إلا شروط القانون.
3 - يجوز التعليق علي رغبة البرادعي المعلنة في حالتين.. لابد أن يقترنا ببعضهما البعض.. الأولي هي أن يعلن قراره بوضوح.. ويتلو ذلك برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي.. يكشف عن أبعاده للناخبين.. وقتها يمكن إخضاع ذلك للتقييم والفحص من قبل المواطنين والمعلقين.. وحتي الآن فإن الدكتور محمد البرادعي لم يقل شيئا سوي رغبة معلقة للترشيح.
4 - الحالة الثانية هي أن تكون المواصفات الدستورية للترشيح قد انطبقت علي الدكتور محمد البرادعي.. وبحيث تقبل أوراقه اللجنة القانونية التي تدير الانتخابات وفق الدستور. سواء كان هذا الترشيح بصفته مستقلا استطاع أن يحصل علي التوقيعات التي يتطلبها النص الدستوري من أعضاء مجلسي الشعب والشوري والمجالس المحلية.. أو كان مرشحا عن حزب انضم إلي هيئته العليا في توقيت دستوري أيضا. وحتي الآن لم يفعل الدكتور البرادعي أو غيره هذا أو ذاك.. ومن ثم فإن الجدل لا محل له من الإعراب.
وحتي يحين الموعد الدستوري للانتخابات الرئاسية في 2011.. أي بعد نحو 20 شهرا يكون لكل حادث حديث.. والله يوفق الجميع لخدمة البلد.
السفينة الغامضة
بغض النظر عن قصف التصريحات المتبادل بين كل من إسرائيل من جانب.. وسوريا وحزب الله من جانب آخر.. بخصوص السفينة التي اعترضتها البحرية الإسرائيلية قبل أيام.. وتبين أن عليها وفق المعلن من جانب إسرائيل أسلحة.. تقول تل أبيب إنها كانت في الطريق إلي حزب الله عن طريق سوريا.. بغض النظر عن كل هذا، فإن ما جري أمر يخصنا من جانب واضح.. ويخص أمننا القومي من جانب صريح.. ويقتضي الأمر التعليق علي ما جري وفق التلخيص التالي.. بعد أن تبين أن السفينة قد عبرت إلي البحر المتوسط من خلال عملية نقل تمت في ميناء دمياط:
1 - السفينة آتية بحمولتها من إيران، ومن الواضح جداً أن عملية التتبع للسفينة إسرائيلياً وأمريكيا تمت منذ أن تم تحميلها في ميناء إيراني.. وأن هذا التتبع يتم من خلال الأقمار الصناعية.. وأن كل التحركات الإيرانية تخضع لرصد حقيقي بأساليب مختلفة.. مع الوضع في الاعتبار أن قرارات مجلس الأمن بخصوص إيران تمنع عليها أن تقوم بتصدير السلاح.. ومع العلم بأنه من الممنوع وفق قرارات مجلس الأمن فيما يخص حزب الله أن يتم تهريب أسلحة إليه.
2 - لم تكن هذه هي الحمولة الإيرانية المشتبه فيها الوحيدة التي استوقفتها البحرية الإسرائيلية.. فمن قبل استوقفت سفينة قبرصية.. ويثبت هذا الوضع المتكرر أن إيران لا يمكنها أن تقوم بعمليات التهريب من خلال الطرق البرية.. وأنها مضطرة إلي القيام بذلك عن طريق البحر لكي تثبت استمرار مساندتها لأنصارها في المنطقة.
3 - من الواضح أن عملية التمويه الإيرانية قد استخدمت ميناء دمياط المصري استنادا إلي أسلوب ملاحي متبع في جميع موانئ العالم.. ذلك أنه من المعتاد أن تقوم سفن بنقل كميات مختلفة من البضائع.. ثم تقوم بتفريغها في ميناء ترانزيت.. علي أن يتم تحويتها في عدة سفن أخري.. ويبدو أن هذا ما قامت به إيران.. إذ أفرغت حمولة السفينة في دمياط.. ومن ثم حملت الجزء الذي تقول إسرائيل إنه كان متجها إلي حزب الله علي سفينة أخري.
44 - تثبت الواقعة أنه ليس لدي إيران المسلمة.. أي مانع من أن تذهب إلي توريط مصر في أي شيء.. حتي لو كان تهريباً للأسلحة.. وتقول الواقعة ببساطة إنه يمكن لمن أفرغ حمولة أسلحة في حاوية مغلقة أن يضع أيضا حمولة من المتفجرات في حاوية أخري.. تهدد أمن موانئ مصر.. وتهدد سلامتها.. وهي أمور لا تشغل إيران علي أي حال.. رغم كونها شقيقة مسلمة.
5 - لم يعد الأمن القومي للدول يتهدد بالأخطار التقليدية وحدها.. حروب وما شابه.. وإنما يمكن أن يتهدد بأساليب أبسط من ذلك.. ومنها مثلا التهريب عبر الأنفاق.. ومنها اختطاف سائحين في أقصي جنوب البلد كما حدث قبل عام.. ومنها عملية نقل بحري مموه تستغل العمليات اليومية لنقل البضائع.. ويستوجب هذا مزيداً من الانتباه في جميع القطاعات.
6 - تثبت العملية أن إجراءات الأمن في الموانئ تحتاج إلي مزيد من التدقيق.. واستيراد مزيد من أجهزة الفحص.. والقيام بتتبع سليم وغير روتيني لكل ما يشتبه فيه.
7 - كون أن إسرائيل تلوح برفع أمر السفينة إلي مجلس الأمن.. بعد أن أفرغت حمولتها في ميناء أشدود.. وأطلقت سراح بحاريها وأطلقتها هي أيضا.. وكون أن سوريا تتهم إسرائيل بالقرصنة.. وأن حزب الله ينفي أي علاقة له بشحنة الأسلحة.. فإن هذا كله ينطوي تحت أمور تخص التفاعلات الإقليمية المتقاطعة وقرارات دولية مختلفة.. ما يعنينا هنا هو تأمين البلد من هذه التقاطعات وذلك العبث.
مستقبل أبومازن
سوف تخسر القضية الفلسطينية كثيراً جداً حين يجد الفلسطينيون أن موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة قد حل دون أن يوافق الرئيس محمود عباس علي ترشيح نفسه مرة أخري.. فبكل بساطة لا يوجد مرشح بديل يتمتع بنفس القدر من الرصيد النضالي.. أو حجم العلاقات الدولية والإقليمية.. أو الخبرة السياسية.. أو القدرة علي إحداث التوازن الداخلي.. والإخلاص للملف الفلسطيني.
وبخلاف الإحباط المركب الذي يعاني منه أبومازن.. علي مستويات مختلفة.. بدءاً من الحملة التي قامت بها حركة حماس وخوَّنته فيها، لأنها كما زعمت تري أنه قد أوقف نظر تقرير جولدستون بخصوص حرب غزة.. وصولا إلي تعقيدات بلوغ المصالحة الفلسطينية.. ومن ثم الصعوبات الجمة التي تضعها إسرائيل في طريق السلام وإعلان الدولة الفلسطينية.. كما لو أن العوامل كلها قد تحالفت ضده.
بخلاف كل هذا فإن أبومازن يعاني من ضغوط عائلية تريد منه ألا يواصل المهمة الوطنية الملقاة علي عاتقه.. ذلك أن أسرته قد تضررت كثيراً ليس فقط مما لحق بها من تشويه.. ولكن أيضا مما تعرض له هو من إساءات تصاعدت في الأيام الأخيرة.
وربما تكون هيلاري كلينتون قد حاولت إثناء الرئيس أبومازن في لقائهما الأخير قبل أيام عن رغبته تلك في ألا يترشح للانتخابات الرئاسية.. وربما تكون حاولت إقناعه بالعدول عن إعلان ذلك.. ومن المؤكد أنه تلقي تحفيزات معنوية وتشجيعات مختلفة من أصدقاء وأشقاء عرب.. سعوا إلي تعضيده.. كما هو الحال دائما.. والتأكيد علي أهمية دوره.. وضرورة ألا يقدم علي هذه الخطوة.. وألا يذهب إلي الإعلان عن عدم رغبته.. خصوصا أن موعد الانتخابات وإجرائها من الأصل لم يلح في الأفق بعد لأسباب مفهومة.
لكن أبومازن أصر علي أن يلقي خطابا يوم الخميس.. يتضمن إعلانه عن عدم رغبته في ترشيح نفسه.. وقد كانت العبارات المدونة في الخطاب تتضمن بداية أنه يريد أن يقول إنه لن يترشح.. بكل وضوح.. وحاولت قيادات متنوعة من حركة فتح أن تثنيه عن هذا.. وكررت المحاولة.. إلي أن وصلوا معه لصيغة عدم الرغبة في الاستمرار.. ثم بعد أن ألقي خطابه أصدروا بياناً قوياً يؤكد تمسكهم به.. وخرج نحو ألفي متظاهر في رام الله يطالبونه بالاستمرار.. ويؤكدون أنه قيمة كبيرة.. ورقم الألفي متظاهر في ظروف رام الله وحصار الحواجز الإسرائيلية يعتبر كبيراً للغاية.
إن أي مخلص للقضية الفلسطينية وللحق الفلسطيني لابد أن يثابر وراء تعضيد أبومازن.. وتأكيد أن يستمر في موقعه وأن يخوض الانتخابات المقبلة حين تعقد.. وأن يحميه من الحملات المتنوعة التي يتعرض لها.. والأهم أن تسعي الولايات المتحدة إلي تيسير العقبات التي تعترض طريقه إسرائيلياً.. خصوصا أن إسرائيل هي المستفيد الأول والأهم من تلك الحالة التي يمكن أن يبلغها أبومازن.. وقتها سوف تقول لا يوجد شريك فلسطيني ويمضي قطار العمر بالقضية.
موقف سوريا الغريب
مر تقرير جولدستون المثير للجدل من الجمعية العامة إلي مجلس الأمن.. بعدد أصوات لا بأس به، إذ أيد ذلك 114 صوتاً.. ومن ثم بقي أن يقوم مجلس الأمن بدوره المفترض في اتخاذ الإجراءات التي ينبغي أن يقوم بها لاستعادة حقوق ضحايا الحرب الذين تحدث عنهم التقرير بكل وضوح.. وهو ما نعتقد أنه سوف يجد عقبات كثيرة.. إذ لا يمكن توقع أن يدين مجلس الأمن إسرائيل أو يحيل الأمر لمحاكم جرائم حرب.
إن ما يلفت النظر فيما جري في الجمعية العامة، ليس هو أن القرار قد صدر.. ولكن سلوك التصويت الذي انكشف من قبل مجموعات مختلفة من الدول بينها للأسف دول عربية.. وقد كان غريباً جداً أن ترفض سوريا رئيسة المجموعة العربية الآن في الجمعية العامة تبني مشروع قرار عربي بخصوص التقرير، لأنه يطالب في نفس الوقت حركة حماس بإجراء تحقيق داخلي حول ما وقع خلال الحرب.. وكان هذا الرفض بمثابة مأساة كبري.. في ضوء أن جميع الدول العربية قد تبنت مشروع القرار.
وطلبت الدول العربية من مصر أن تتبني المشروع رغم أنها ليست رئيسة المجموعة العربية الآن.. وقد اضطرت مصر إلي ذلك رضوخاً للمطالب العربية.. ومن المدهش أن المندوب عن سوريا في الجمعية العامة قد طلب عقد اجتماع عاجل للمجموعة العربية لكي يعبر فيه عن استغرابه لتقديم مشروع القرار العربي.. ولكي يبدي رغبته في عدم تقديم مشروع القرار إلا لو عكس وجهة النظر السورية.. ما يعني عدم إجراء حماس لتحقيق داخلي.
أضف إلي هذا في وقائع صدور هذا القرار عن الجمعية العامة.. طبيعة سلوك التصويت الغربي والأفريقي علي القرار.. فقد اعترضت 18 دولة علي القرار.. وامتنعت عن التصويت 44 دولة.. بمجموع 62 دولة لم تصوت لصالح القرار.. والمحزن أن المعترضين هم أول من تعرضوا لويلات الحروب وجرائمها ومشكلاتها.. ومازال العار يلاحق بعضها.. ومازال التاريخ يلاحق البعض الآخر.
ألمانيا التي تحاول التبرؤ من جرائم النازية ضد السلاف والإيطاليين والمجريين وغيرهم.. اعترضت علي القرار.. والمجر التي ذبح أبناؤها في الحرب العالمية الثانية رفضته.. وإيطاليا وسلوفينيا والتشيك وأوكرانيا.. وكلها دول عانت من جرائم الحرب وفظائعها، لكنها يبدو نسيت أو تنكرت.. ولا تريد أن تقوم بهذه المساندة الإنسانية السياسية من خلال التصويت للمظلومين الذين تعرضوا لفظائع إسرائيل في حرب غزة.
ومن عجب أن عدداً من تلك الدول الأوروبية يأتي إلي مصر، ويتحدث عن احوال حقوق الإنسان في مصر.. ويحاول أن يقول كلاما ما عن شعارات فارغة وملابسات لا قيمة لها.. حيث لا يسمعها أحد.. ولن يسمعها أحد بالتأكيد.. فليذهبوا بأحاديثهم تلك إلي الجحيم.. ولينظروا إلي ما يفعلون من اقترافات في حق حقوق الإنسان.. التي لا تتجزأ.
وأما الاشقاء الافارقة فهؤلاء موقفهم غريب ومريب ومثير للتساؤل.. إذ امتنع تسعة عن التصويت.. وغاب ثمانية عن قاعة التصويت وقت إجرائه.. ومن الواجب أن نقول إلي إخوتنا في أفريقيا (عيب).. ما هذا الذي تفعلونه.. كيف تكونون أول من عاني من الاستعمار وويلاته وفظائعه وجرائمه.. ثم تكونون أول الفارين من ساحة مثل تلك المطلوب منكم فيها أن تساندوا قراراً ضد جرائم حرب مروعة.
ليس علينا في هذا السياق أن نقبل أي كلام من أي نوع عن ضرورة إحداث التوازن لكي تتمكن الدول من إبقاء جسورها مفتوحة مع إسرائيل لصالح الفلسطينيين.. هذا كلام فارغ.. وتلك حجج واهية لا يمكن أن تصدر عن الأصوات الأفريقية بكل خلفياتها.
صفقة القطن
وإذا كنت قد بدأت بموضوع له أبعاد مصرية مباشرة.. وتلي ذلك موضوعات لها أبعاد مصرية أخري.. فإنني أنهي هذه البانوراما من التعليقات بموضوع مصري داخلي.
ففي الأيام الأخيرة ثار جدل كبير حول الحاصلات الزراعية.. والسياسات المتبعة حكوميا في ذلك القطاع الذي يشغل فلاحي مصر.. أي القطاع الأكبر من السكان.. وقد شهد مؤتمر الحزب الوطني الأخير نقاشاً متنوعاً وساخناً وصاخباً وحاداً حول ملفات الزراعة.. وصولاً إلي اقتراح سياسة سوف تلتزم بها الحكومة لضمان أوضاع مستقرة للفلاحين ومنتجاتهم، وبحيث لا يتعرضون للنتائج السلبية للبيروقراطية أو للأزمات الدولية.
غير أنني أريد أن أتوقف أمام واقعة وصلتني معلوماتها مؤخراً.. جرت في عام 2007.. بخصوص موضوع زراعي.. حين استوردت إحدي شركات القطاع الخاص.. أظن اسمها شركة النيل الحديثة.. نحو 36 ألف بالة قطن طويل التيلة.. من كل من سوريا وأوزبكستان.. وكان مدهشا للغاية أن تصل تلك الأقطان معبأة بالبذور.. التي ثبت معمليا أنها غير معالجة حراريا.
ويعني السماح بمثل هذا النوع من الأقطان ذات البذور غير المحلوجة.. وغير المعالجة.. أن تحدث كارثة بيئية تؤثر تماماً في بقية البذور المستخدمة في مصر.. ما يؤدي إلي تطور خطير في مسارها الجيني.. وقد حدثت بسبب واقعة أخري من قبل مشكلة في القطن (جيزة 70).. ومن ثم فإن الحجر الزراعي قد أوقف مرور الصفقة لحين تحليل العينات.. وسحب من البالات عينة رقم) 1005 (وعينة رقم (1008)
وأثبت التحليل أن مرور القطن المستورد بهذه الحالة لا يجوز.. وأنها غير معالجة حرارياً.. وأن هذا يمثل خطورة بيئية وزراعية علي المحصول المصري.. وأن الصفات التي تتميز بها البذور المصرية قد تتعرض للاختلاط الذي لا يريده أحد.
لكن المدهش أن مسئولا وقع علي تقرير الحجر الزراعي بالعبارة التالية: يتم التنبيه علي الشركة المستوردة أن تقوم بتنقية البذور من القطن بالطرق المعروفة.. علي أن ينبه عليها بعدم تكرار ذلك فيما بعد.. ويسمح بمرور القطن!
ولن أكشف اسم هذا المسئول الذي وقع بهذا القرار الغريب.. ولن اطرح تساؤلا حول ما إذا كانت هناك أريحية زائدة مع هذه الشركة بالتحديد.. ولن اتساءل: كيف يمكن أن تكون تلك هي تأشيرة المسئول.. فقط أريد أن أسأل السيد وزير الزراعة ما هي ضوابط استيراد القطن من الخارج.. وهل يمكن أن يكون مثل هذا التصرف سليماً من الناحية البيئية والزراعية قبل القانونية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.