عن فلسفة "الحياة والموت" أنتج البيت الفني للمسرح هذا العام ثلاثة أعمال مسرحية.. كل عمل تناول الفلسفة بأسلوبه وطريقته الخاصة ولكن ما جمع هذه الأعمال هو استعانتهم بأشكال متنوعة للطرق الصوفية، من هذه المسرحيات التي مازالت تقدم حتي الآن بقبة الغوري عرض "أطياف المولوية" للمخرج انتصار عبد الفتاح الذي استعان بفكر "المولوية" في عرضه المسرحي كطريقة صوفية وذلك بقبة الغوري حيث قدم عبد الفتاح في عرضه استعراضا لفكر الطريقة المولوية من خلال حركة الدوران الراقصة الخاصة بهم مع مزج لبعض الرموز والطقوس الفرعونية كل هذا من خلال حوار بين القديسة بطلة العرض سميرة عبد العزيز وأحمد فؤاد سليم الذي يحاول التطهر والتجرد من ذاته علي يديها، ثم عرض "الجبل" للمخرج عادل حسان الذي يعرض حاليا علي خشبة مسرح ميامي بدأ حسان عرضه بلحظة موت وانتهي بخروج جثمان الميت، هذا إلي جانب استعانته بفرقة "المولوية" لعامر التوني وتركيزه بشكل أساسي علي الإنشاد الصوفي لهذه الفرقة، ولم يكن هدف الحياة والموت هما الفكر الأساسي فقط لهذا العرض فالمسرحية في الأساس مأخوذة عن رواية "ليلة القدر" للطاهر بن جلون فعن العرض والمولوية قال حسان: قصدت أن يعتمد العرض بشكل أساسي علي المولوية حيث قمنا بعمل معالجة جديدة للنص المسرحي الذي كتبه حاتم حافظ، فالمنشد عامر التوني كان دوره في البداية قائماً علي سرد الأحداث بشكل نثري لذلك فكرت في عمل الإنشاد الصوفي بدلا من هذا السرد، خاصة أن المولوية لم يكن لها أي وجود بالنص المسرحي لكن هذا النص شعرت فيه برائحة صوفية ففكرت في إضافة وجودهم بالعمل حتي نحقق متعة سمعية وبصرية من خلال رقص المولوية وحركة الدوران الخاصة بهم لأنني كنت منبهراً بهذا الفريق منذ رؤيتي لهم ولأعمالهم لكننا لم نستخدم انشادهم الشعري الخاص بهم بل بحثنا في التراث القديم حتي ينشدوا أشعاراً صوفية لها علاقة بالأحداث الدرامية للعرض، لذلك قمنا بتكثيف الأحداث والحوار الذي يجري علي لسان الممثلين. وحول أن يكون تكثيف الأحداث بسبب مشاركة العرض في المهرجان التجريبي أضاف حسان: علي مستوي عروضي المسرحية دائما أحب أن أقدم العروض القصيرة التي تتراوح ما بين ساعة وساعة ونصف الساعة ليس أكثر، لأن قدرتي كمشاهد لا تحتمل العروض الطويلة لذلك قررت تكثيف العمل وجعلت النص يدور بالتوازي في لحظة واحدة وهي لحظة الموت التي يبدأ بها العرض موت والد زينب ثم لحظة خروج جثمانه من علي خشبة المسرح وهذه هي النهاية، فقصة العرض تدور بالنسبة لي في لحظة واحدة، أما مسألة مشاركتي في التجريبي لم تكن هدفي من الأساس خاصة أنني كنت لا أريد أن أربط العرض بصفة المهرجان التجريبي التي ينزعج منها الكثيرون ففي النهاية أريد أن يشاهد العرض الجمهور العادي لأن جمهور التجريبي نخبوي، والحمد لله المسرحية عرضت يوما علي هامش المهرجان وهذا أسعدني كثيرا. وعن تزامن عرض "أطياف المولوية" مع مسرحيته أكد حسان: جوهر العرضين مختلف تماما ففي "أطياف المولوية" العرض يتناول "المولوية" كطريقة صوفية لكن في عرض الجبل استعنا بفرقة "المولوية" لعامر التوني فالفارق هنا كبير خاصة أن قصة عرض الجبل المستوحاة من "ليلة القدر" وتدور أحداثها حول فتاة والدها فرض عليها أن تعيش طوال حياتها كذكر والعالم يتعامل معها علي أنها ذكر فعندما يتوفي الأب تحاول الفتاة أن تخرج من هذه الصفة لكن المجتمع لا يمنحها هذه الفرصة ويجبرها علي البقاء في وضعها كما هي فهي تعيش الأنوثة في خيالها فقط ويظهر ذلك بوضوح عندما تقع في حب القنصل الكفيف فالأحداث الدرامية للعرضين مختلفة تماما لذلك لم أجد مشكلة في تزامن العرضين معا لأنني سألت في البداية عن طبيعة عرض "أطياف المولوية" كما أنني راهنت في هذا العرض علي تقديم فرقة "المولوية" بشكل مختلف، راهنت أيضا علي ممثلين جيدين لعبوا أدوارهم بشكل غير تقليدي فالممثلة الشابة أمل رزق دائما كانت حريصة علي أبراز ذكورتها وأنوثتها في نفس الوقت أيضا أحمد مختار كان حريصا علي تقديم الكفيف بشكل غير تقليدي ، إلي جانب ذلك لعبنا في ديكور العرض علي البساطة فوجود المولوية لم يقيدني في تصور ديكور العمل الذي صممه لنا المهندس وائل عبد الله واستطاع أن يجد لي حلولا بسيطة ومميزة للديكور فطوال الوقت نحن نتنقل من مكان لآخر في نفس المكان لكننا نترك تخيله للمشاهد لأن وجود أكثر من ديكور كان من الممكن أن يسبب لي أزمة كبيرة علي خشبة المسرح لذلك اكتفيت بتصميم بسيط من خلال السلالم والاستنادات المدمجة معا.