مناخ سيئ للغاية يعمل فيه عمال التحويلة أو مراقبو الأبراج بالسكة الحديد فغرف المراقبة أشبه بالعشش، فلا دورات مياه في أغلبها وأجهزتها بدائية تعاني عدم الصيانة والتجديد، ورغم أن التحقيقات كشفت في حادث قطاري العياط الأخير عن انصراف عامل برج المراقبة سيد علي طموي قبل الموعد المحدد لانتهاء فترة عمله وترك البرج. حالياً قبل حضور العامل المناوب واستقل القطار رقم 152 للذهاب لبلدته وهو أحد قطاري الحادث الأليم إلا أن العثور علي جثته ضمن الضحايا يطرح السؤال.. هل هو جاني أم مجني عليه؟ تجولنا داخل أحد أبراج المراقبة لنكشف كواليس العمل داخل تلك الأبراج، مبني مكون من طابقين يضم ثلاث غرف أحدها "حركة" والأخري "اشارات" والغرفة الأخيرة لإدارة البرج هذا هو حال الأبراج لا وجود لشيء آخر إلا إذا توافرت إحدي دورات المياه داخل البرج وداخل غرفة الاشارات وهي واحدة من أهم الغرف داخل البرج، تتوسط لوحة التشغيل الغرفة الصغيرة عبارة عن لوحة معدنية بها مجموعة من الأزرار. وقد تحدد فوقها خط "أحمر" يعبر عن خط سير القطار الذي يشرف عليه البرج، وداخل هذا الخط فتحات صغيرة تضاء أحياناً باللون الأحمر وأحياناً أخري باللون الأصفر وثالثة بالأخضر، وإلي جوار تلك اللوحة مكتب خشبي وضع عليه ثلاثة أجهزة تليفونية فواحد منها مربوط بالأسلاك بعد أن تعرض للكسر والأخر يعمل بالتحويل اليدوي والجهاز الأخير كالميكرفون، فهو جهاز لاسلكي "خليل" العامل الوحيد بالغرفة يرافقه كهربائي وعامل فني صيانة تتولي العمل علي لوحة الإشارات يتحدث عن طبيعة عمله داخل البرج فيقول أعمل كالآلة. إذ أقوم بفتح الطريق بناء علي المواعيد المقررة للقطارات من "السيمافور إلي الترك" أي إعداد الطريق من البداية للنهاية وحتي مرور القطار وبناء علي الاشارات التي يتم إصدارها من البرج يقوم السائق بتنفيذ التعليمات فإذا كانت الإشارة أخضر صريحاً تعني إمكانية أن يسافر السائق بالقطار أما إذا أصدرت "سيما فور" لون أصفر فهذا يعني تهدئة للسرعة، وإذا كان السيمافور يعطي إشارة حمراء وهي تتبع الإشارة الصفراء فهذا معناه ضرورة التوقف التام.. هذا ما بيني وبين السائق لحين إعداد طريق آخر مع نفس الإشارة بعد أن يكون قد توقف لإنشغال الطريق. ويسمي ذلك "بتوضيب فلوسكة"، ويتم استخدام الهاتف في تلك العملية بحيث يتحدث إلي مراقب البرج الذي يعمل بالورشة لطلب "سكة خالية" وفقاً لخط سيره وأشار خليل إلي أنه لا يستطيع أن يعطي اشارة بتحرك القطار بدون تبادل "خلوات سكك" بين كل برج والآخر.. وبالتالي لا تعتبر حوادث القطارات مسئولية مراقب البرج وحده بل يشاركه في تلك المسئولية مراقبو أبراج المراقبة المركزية وسائقو القطارات. ويؤكد أن مراقبي الأبراج وهم "مايسترو السكة الحديد" مهدرة حقوقهم إذا تلزمهم راحة لا يجدونها فالوردية تصل إلي 12 ساعة متواصلة والغرفة وطبيعة العمل الذي يحتاج لليقظة الدائمة ، يساعدان علي الراحة حتي وإن اقتصر الأمر علي الراحة النفسية فقط.. يعيش خليل تلك الساعات الطوال منتقلاً بين الغرفة التي تضم لوحة الإشارات وتشغيل القطارات علي السكة وغرفة "الباور" المختصة بتشغيل لوحة الكهرباء ويشرح عامل البرج مهامه التي تدرب عليها ومارسها طوال 20 عاماً مؤكداً أنها تبدأ بتنظيم سير حركة سير القطارات علي السكة الحديد وإخلاء السكك من المحطات الأمامية والخلفية، ومتابعة اشارات "السيمافورات" جميعاً وتشغيلها للعمل علي تنبيه السائق بالسرعة المقررة له وفي حالة حدوث عطل أو حادث عارض كما حدث في حادث العياط أقوم بابلاغ برج المراقبة المركزية بمحطة مصر وإخلاء السكة وإعطاء إشارة لسائق القطار القادم لاعلامه بوجود عطل أمامه. وطالب بأن يكون الكشف الطبي سنوياً إذ يوقع الكشف الطبي علي مراقبي الأبراج كل 3 سنوات قبل بلوغ سن الأربعين، كما يطالب بتحسين حالة الأبراج وجعلها أكثر آدمية إذا أن هذا العمل لابد وأن يتوفر له التركيز والسرعة في تنفيذ الإشارات. وعلي الجانب الآخر أشار مصدر مسئول بهيئة السكة الحديد طلب عدم ذكر اسمه إلي إن كل محطة من محطات السكة الحديد مرتبطة بمجموعة أبراج قد تصل إلي 4 أبراج علي طول السكة كل منها يتحكم في مسافة واتجاه في السكة الحديد، ويوضح أن هناك فارقاً بين عامل البرج وعمال التحويلة فخطوط السكة الحديد التي تعمل بالكهرباء يلزمها عمال أبراج. أما الأخري (غير المكهربة) فتعمل بشكل دوري أي يلزمها عامل لتحويل السكة وكل محطة تحكم علي مسافة من 3 إلي 4 كيلو في أحد الاتجاهين (اتجاه السكة الطالعة") وهو اتجاه مصر أو اتجاه السكة النازلة ( اتجاه الإسكندرية) أما محطة مصر فبها برج شمال وجنوب وبرج "نجيلي" متي عمير في الوجه القبلي بأكمله ويشدد علي أن أبراج المراقبة هي المؤمنة والحاكمة للسكة الحديد بأكملها، وهي مؤمنة لسير القطارات. وعكس ما قال عامل البرج أكد أن عامل المراقبة هو المسئول عن تأمين سير القطار والسائق يعمل وفقاً للإشارات التي يصدرها له وتظهر لديه علي الشاشة!