البابا تواضروس: نقص الحب في قلب الإنسان يجعله يرى العالم بشكل خاطئ    نائب سيناء: مدينة السيسي «ستكون صاعدة وواعدة» وستشهد مشاريع ضخمة    محافظة الجيزة توضح المستندات المطلوبة للتصالح في مخالفات البناء    أبشع سفاح    زياد كمال يغيب عن الزمالك أمام مودرن فيوتشر للإيقاف    إصابة 10 أشخاص اثر انقلاب ميكروباص على طريق شبرا بنها الحر    وزارة الأوقاف: دور الواعظات في المجتمع نتيجة دعم الدولة المصرية    خبيرة فلك تبشر الأبراج النارية بفرص إستثنائية    هاني شاكر ينعي وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن    في شم النسيم.. كيف تفرق بين الفسيخ السليم والفاسد؟    «الصحة»: أكثر من 2500 سيارة إسعاف منتشرة على المتنزهات والطرق في شم النسيم    .تنسيق الأدوار القذرة .. قوات عباس تقتل المقاوم المطارد أحمد أبو الفول والصهاينة يقتحمون طولكرم وييغتالون 4 مقاومين    10 مايو.. انطلاق ملتقى الإسكندرية الأول للسرد العربي بمركز الإبداع    نجل الطبلاوي: والدي كان مدرسة فريدة في تلاوة القرآن الكريم    نتنياهو:‫ الحرب في غزة ستنتهي بانتصار واضح.. ومصممون على إعادة المحتجزين    «جالانت» يحث «نتنياهو» بقبول صفقة التبادل ويصفها ب«الجيدة» (تفاصيل)    الوزير الفضلي يتفقّد مشاريع منظومة "البيئة" في الشرقية ويلتقي عددًا من المواطنين بالمنطقة    الإسكان: إصدار 4 آلاف قرار وزاري لتخصيص قطع أراضي في المدن الجديدة    لوائح صارمة.. عقوبة الغش لطلاب الجامعات    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟ دار الإفتاء تجيب    ظهر على سطح المياه.. انتشال جثمان غريق قرية جاردن بسيدي كرير بعد يومين من البحث    والده مات بسببها منذ 10 سنوات.. خلافات على أرض زراعية تنهي حياة شاب في المنوفية    الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على موقع صوت أوروبا لبثه دعاية مؤيدة لروسيا    الهلال يطلب التتويج بالدوري السعودي في ملعب المملكة أرينا    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    لجميع المواد.. أسئلة امتحانات الثانوية العامة 2024    روسيا تسيطر على قرية جديدة في شرق أوكرانيا    طريقة عمل الميني بيتزا في المنزل بعجينة هشة وطرية    «العمل»: جولات تفقدية لمواقع العمل ولجنة للحماية المدنية لتطبيق اشتراطات السلامة والصحة بالإسماعيلية    نقل مصابين اثنين من ضحايا حريق سوهاج إلى المستشفى الجامعي ببني سويف    تامر حبيب يعلن عن تعاون جديد مع منة شلبي    انطلاق مباراة ليفربول وتوتنهام.. محمد صلاح يقود الريدز    يوسف زيدان يرد على اتهامه بالتقليل من قيمة عميد الأدب العربي    "صحة المنوفية" تتابع انتظام العمل وانتشار الفرق الطبية لتأمين الكنائس    فى لفتة إنسانية.. الداخلية تستجيب لالتماس سيدة مسنة باستخراج بطاقة الرقم القومى الخاصة بها وتسليمها لها بمنزلها    وزير الرياضة يتفقد مبنى مجلس مدينة شرم الشيخ الجديد    تقرير: ميناء أكتوبر يسهل حركة الواردات والصادرات بين الموانئ البرية والبحرية في مصر    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة بمحافظة الإسماعيلية خلال العام المالي الجاري    رئيس مدينة مرسى مطروح يعلن جاهزية المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين لاستقبال طلبات التصالح    ندوتان لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية بمنشآت أسوان    الحكومة الإسرائيلية تقرر وقف عمل شبكة قنوات الجزيرة    5 مستشفيات حكومية للشراكة مع القطاع الخاص.. لماذا الجدل؟    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    التنمية المحلية: استرداد 707 آلاف متر مربع ضمن موجة إزالة التعديات بالمحافظات    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    طوارئ بمستشفيات بنها الجامعية في عيد القيامة وشم النسيم    موعد استطلاع هلال ذي القعدة و إجازة عيد الأضحى 2024    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    ميسي وسواريز يكتبان التاريخ مع إنتر ميامي بفوز كاسح    لاعب فاركو يجري جراحة الرباط الصليبي    اتحاد الكرة يلجأ لفيفا لحسم أزمة الشيبي والشحات .. اعرف التفاصيل    استشهاد ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين في غارة إسرائيلية على بلدة ميس الجبل جنوب لبنان    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 3 مج.ازر في غزة راح ضحيتها 29 شهيدا    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عزت القمحاوي: استسلمت "لدناءة" الحكي وخنت إيماني بالتخفي
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 19 - 10 - 2009

ينتمي الروائي عزت القمحاوي للكتاب الذين يركزون علي الأوضاع المجتمعية في كتاباتهم الصحفية، لكنه حينما ينتقل للكتابة الأدبية يترك هذا الواقع جانبا ويفسح المجال للخيال الذي ميز معظم أعماله، سواء المجموعتين القصصيتين: "حدث في بلاد التراب والطين 1992" و"مواقيت البهجة 200" أو رواياته الثلاث: "مدينة اللذة 1997" و"غرفة تري النيل 2004" و"الحارس 2008"إلي جانب كتاب "الأيك في المباهج والأحزان 2002" الذي اعتبره النقاد تجربة غير مسبوقة في الكتابة العربية.
وهو نفس الدرب الذي سار عليه في كتابه الجديد "كتاب الغواية" الصادر عن دار "العين"، فيشير في مقدمته موضحا طبيعة الكتاب:"إنه مجموعة من الرسائل الإلكترونية التي لم يكتبها بهدف النشر ولكنه استنفد فيها هذيان أصابعه كلما افتقد ملمس حبيبته.
الخوف من "بالوعة" الصحافة
لا يستطيع القمحاوي منع نفسه من التعبير عن رعبه مما أسماه "ببالوعة الصحافة ذات المياه القذرة" في إحدي رسائل الكتاب، ربما رعبا من إمكانية تخطي تلك الحدود الصحفية التي وضعها لنفسه، ويقول:" طالما أن الأدب لا يمكنه أن يعيل إنسانا، وطالما علي أن أحترف مهنة، فلتكن في المستوي الذي يرضيني مهنيا وأخلاقيا، دون أن أضطر للسعي لأخذ أماكن متقدمة في الصحافة بإمكانها أن تأكل روحي ووقتي".
وعن فكرة نشر كتابه الذي لم يكن ينوي نشره يقول: "كانت فكرة النشر فكرة حبيبتي، وليس من الفطنة دائما الاستجابة لرغبات الحبيبات"، وإذا قرأنا رسائله سنتمكن من اكتشاف سبب عدم رغبته في النشر، ففي الكتاب نصادف من وقت لآخر بعض ملامح من سيرته الذاتية، خاصة وقت حياته بمحافظة الشرقية حيث ولد عام 1961 وقبل أن ينتقل لدراسة الإعلام بالقاهرة وحنينه لبيت العائلة، وهي الملامح التي اضطر إلي ذكرها "آسفا" في الرسائل باعتباره يخاطب شخصا يعرفه، وقد دعاه الأمر ليعترف: هذه هي المرة الأولي التي استسلم فيها لدناءة البوح وتصبح ذاتي مكشوفة أمام الآخرين، وليس في سيرة القمحاوي ما يشين حتي يأسف لذكر بعض منها في الكتاب، وهو لا يتخفي اعتناقا لعقيدة سياسية أو التزاما أخلاقيا أو موقفا من الوسط الثقافي، هو فقط يرفع شعار "عقيدتي التخفي في الحياة وفي الأدب"، التي تعود "للخجل الفطري" أو راحته التي يخلص إليها بأن يكون غير مرئي.
التأثر بحياة الريف
ورغم حبه للتخفي، لم يخف القمحاوي تأثره بنشأته الريفية، فيقول: "النشأة في الريف منحتني فرصة جيدة لتربية الخيال، لما يتمتع به الطفل في هذه الحياة وفي غيرها في المناطق القبلية والصحراوية من حرية التجول والتعرف علي الطبيعة، علي عكس طفل المدينة الذي يبقي بين جدران بيته لفترات طويلة، وكصحفي، علمني الريف كيف أتعامل مع الآخرين في مقالاتي الصحفية دون أن أكون قليل الحيلة، فإذا ساءت الأمور سأجد أرضا تنتظرني لأزرعها".
وللريف تأثير آخر متعلق باهتمام القمحاوي بموضوع الحسية، وهو الذي يتجسد في كتابه السابق "الأيك في المباهج والأحزان" الذي أشاد به النقاد،ويوضح: "أعتقد أن ما أمتلكه من حسية غير متكلف، ففي الريف يختبر الطفل الأشياء بنفسه، ويطرح جسد المرأة والرجل نفسه بعفوية صحيحة ليس فيها خجل المدينة، فعري الفلاحة أو ما يبين من جسدها يشبه لدي عري جوليا روبرتس، لأن كليهما فطري".
التشابه والاختلاف بين الكتابين
رغم ما قد يبدو من تشابه بين كتابيه "الأيك في المباهج والأحزان" و"كتاب الغواية"، يؤكد القمحاوي علي الاختلاف بين الكتابين بقدر ما يؤكد علي التشابه بينهما قائلا: "الأيك كتاب غير مصنف، لكن كتاب الغواية أقرب لكتب الرسائل، والأول مخصص تماما لبهجة الحياة الحسية، الأكل والشرب والرقص والصورة والرائحة والعمارة، لكن في الكتاب الثاني يقتصر الأمر علي سؤال البقاء وولع الخلود الذي يأخذ أشكالا منها الكتابة أو القراءة أو بناء الصروح التذكارية أو إنجاب الأطفال، وتشابههما يعود لاشتراكهما في سقف الحرية المرتفع وفي تناولهما لعدد كبير من الأعمال الإبداعية".
ويضيف: "إذا كان النقاد قد قالوا أن كتاب الأيك غير مسبوق في الكتابة العربية، فمن حقي إذا أن أعمقه".
انخفاض متعة السير الذاتية العربية
يعترف القمحاوي أن السير الذاتية العربية أقل متعة، مقارنة بمثيلتها الغربية، وأن أقصي ما تفعله هو تقديم متعة التلصص للقارئ، وهو ما يرجعه لانخفاض ثقافة الكاتب ونقص وعيه بذاته وبما يكتب، مما يجعل سيرته أقرب لسيرة المواطن العادي، ويضرب مثلا بروايتي "اعترافات قناع" للياباني يوكيو ميشيما، و"الخبز الحافي" للمغربي محمد شكري، فميشيما يعترف بأنه كان شاذا جنسيا، وشكري يعترف بأنه تعرض للاغتصاب، لكن القمحاوي يري أن سيرة شكري لا نكاد نلمح فيها ألم الذات، بينما تقدم سيرة ميشيما رحلة ممتعة داخل ذات مجروحة تعرف أن الشذوذ عيب اجتماعي، كما يري أن عبقرية المؤلف تكمن في المسافة ما بين الألم من الوضع الاجتماعي والرغبة في ممارسة الشذوذ.
تزايد كتابات البوح
انتقد القمحاوي الكتابات الأدبية التي تعتمد علي البوح والتقرير أو ما أسماها "كتابات نشرة الأخبار"، التي لاحظ تزايدها في الفترة الأخيرة، وأرجعها لمولد فئة جديدة مستريحة ماديا، امتلكت كل شيء وأرادت أن تكمل زينتها بالقراءة، لكنه يراها ليست مدربة بما فيه الكفاية لقراءة النصوص الأدبية العميقة ك"الصخب والعنف" لفوكنر، أو "مائة عام من العزلة" لماركيز، فلجأت إلي الكتابات السهلة تعتمد علي وجبة البوح، التي تستقبلها قرون التلصص لدي القاري.
ورغم ذلك لا يهاجم هذه الكتابات، بل لا يشعر بالقلق مطلقا من ظاهرة أكثر الكتب مبيعا، لأنه يراها خطوة لإشاعة روح القراءة في المجتمع، كما يعترف للروايات التي أخذت شهرة عالية بفضيلة كبري تحققت حينما جعلت القراءة نشاطا إنسانيا مطروحا بشكل واسع.
تجميع المقالات ونشرها في كتب
نفي القمحاوي أن يكون متناقضا بين ما أورده في مقدمة "كتاب الغواية" وما أورده في متنه، عندما قال في المقدمة: "جربت مقاطع من الرسائل في شكل مقالات لم تلق الكثير من الاستهجان، مما شجعني علي نشرها في كتاب"، بينما ينتقد نفس الفكرة في رسالة "شرفة القارئ" عندما يقول: "الكتب التي تفبرك من مقالات يكتبها أصحابها في مناسبات مختلفة، ثم يجمعونها إلي بعضها بعضا ويرتجلون لها مقدمة وعنوانا رنانا، ويجعلون منها كتابا".
وقال نفيا لهذا التناقض: "هذا النوع من الكتب انتشر بشكل كبير لدرجة أن تمر سنوات عديدة لا نري فيها كتابا واحدا في النقد يقدم نسقا معينا، والمزعج أن المقالات التي يتم تجميعها هذه شديدة العادية والارتباط بوقائع محددة، ولا يكلف أصحابها عناء رفع التكرارات التي تحتوي عليها أو تأريخ ما بها من أحداث، لكني في كتاب الأيك وفي كتاب الغواية، كنت، أضع نسقا محددا، أي أفكر في فكرة الكتاب وأثناء العمل فيه أقوم بنشر أجزاء منه أسدد بها التزاماتي الأسبوعية من مقالات".
هوس الترجمة إلي اللغات الأجنبية
وفي الكتاب يتناقش القمحاوي مع حبيبته وبالتالي مع القارئ حول موضوعات تتعلق بالفن التشكيلي والغناء والكتّاب والأعمال الأدبية، كما يطرح قضايا تتعلق بالوسط الثقافي المصري، ومنها هوس الترجمة إلي اللغات الأجنبية الذي أصاب عدد كبير من الكتاب، وهو ما يرجعه لليأس من انخفاض عدد القراء عربيا، ولما يعتبره جزء من تجليات فقدان الثقة في ثقافتنا الذاتية القومية، فطه حسين وتوفيق الحكيم عاشا في الغرب، لكنهما في وجهة نظره لم يكن لهما طموح في الوجود في غير ثقافتهما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.