تسارعت موجات الهجوم علي مشروع تنمية جنوبالوادي توشكي خلال الآونة الأخيرة، وباتت الأصوات المعادية للمشروع والمشككة في جدواه الاقتصادية تتزايد يوما بعد آخر، ولم تعد هناك ثقة فيما يعلنه المسئولون عن الملف.. بل وزاد الأمر غموضا مع كثرة تضارب التصريحات التي يدلي بها المسئولون عن الملف والذي تتوزع مهامه علي أكثر من وزارة وفقا للمسئوليات فالبنية الأساسية للمشروع مهمة الري والاستزراع مهمة الزراعة بينما الترويج مهمة مشتركة للاستثمار والزراعة معا وتدخل وزارة الاسكان شريكاً في عمليات بناء مدن التوطين والتسكين والمرافق بل وتتدخل وزارة السياحة والتي لها برامج مستقبلية للاستفادة من الطرق والبنية التحتية للمشروع لدعم خطط الاستثمار بالمناطق الأثرية القريبة وخاصة بابوسمبل. "روزاليوسف" تفتح الملف لترصد وتقدم الحقائق وبشفافية كاملة اسئلة كثيرة تشغل الرأي العام وتحتاج لاجابات واضحة.. أين ذهبت المليارات التي انفقت.. حجم الزراعات الفعلية بالمشروع.. لماذا تعثرت الشركات.. ولماذا تأخر تسليم الأعمال.. وماحقيقة هروب المستثمرين وبدء بيع الوليد بن طلال لأراضيه من الباطن؟ المساحات المنزرعة ونبدأ من القضية الأهم وهي المساحات التي تمت زراعتها واستصلاحها بالفعل. ووفقا لآخر تقرير تسلمه د. محمد نصر الدين علام وزير الري من قطاع التوسع الأفقي بالوزارة حول معدلات الاستزراع والاستصلاح للشركات الأربع الموجودة علي أرض المشروع فقد بلغ حجم المساحات المنزرعة لدي شركة المملكة للتنمية لصاحبها (الأمير الوليد بن طلال) علي فرع (1) ألف فدان منها 600 فدان علي مأخذ الكيلو 69 و400 فدان بمزرعته التجريبية فضلا عن استصلاح 1500 فدان أخري جاهزة للزراعة ويعمل المستثمر حاليا في استصلاح 10 آلاف فدان ينتهي من أعمالها مع نهاية العام الجاري وذلك من إجمالي 100 ألف فدان مخصصة للشركة و أشار التقرير الي وعد المستثمر الحكومة بالانتهاء من استصلاح 20 ألف فدان أخري خلال 3 سنوات، وأن الشركة قامت بزراعة أنواع عديدة من الكانتالوب وحققت إنتاجية جيدة فصدرت هذا الإنتاج لمجموعة دول السوق الأوروبية خاصة أن هذه المحاصيل تتوافر في أوقات تكون فيها السوق الأوروبية خالية منها كما نجحت شركة المملكة في زراعة وتصدير الخضراوات مثل الفاصوليا الخضراء والفلفل والبطاطس وإنتاج النخيل والمانجو.. ونظراً لما يتميز به مناخ توشكي من دفء وجفاف مما يساعد علي سرعة نضج الفواكه والخضراوات فقد حققت إنتاجية محصول العنب الذي تمت زراعته بجميع الأصناف البذرية واللابذرية إنتاجية عالية حوالي 15 طناً للفدان الواحد ، فضلاً عن أن بشائر إنتاجه تبدأ في أواخر أبريل أي قبل باقي دول العالم مما جعل الشركة قادرة علي تصدير العنب إلي أوروبا بكميات كبيرة وأسعار مميزة وامتدت النجاحات لتشمل الانتاج الحيواني فتوجد مزرعة لتربية الأغنام من النوع الرحماني، وتبع ذلك التوسع في زراعة الأعلاف الخضراء كالبرسيم ، وأيضا زراعة الذرة الصفراء التي أعطت نتائج مبشرة. وذكر التقرير أن شركة جنوبالوادي والمخصص لها 45 ألف فدان انتهت من زراعة 6500 فدان علي فرع (2)، و6500 فدان أخري علي دليل فرعي (1و2) ومن المقرر أن تنتهي من استصلاح 6 آلاف فدان بنهاية ديسمبر القادم لتدخل الخدمة مع موسم الزراعات الشتوية لتصل بنهاية العامة الحالي إلي معدل 20 ألف فدان. أما شركة الراجحي والمخصص لها 25 ألف فدان حاليا فقط من اجمالي 100 ألف فدان علي فرع (1) من المقرر أن تحصل عليها علي أربع مراحل في حالة الالتزام ببرامج الاستزراع الزمنية فقد انتهت من استزراع 5 آلاف فدان واستصلاح 10 آلاف فدان وزراعتها بزراعات تمهيدية بالاضافة الي البدء في استكمال استصلاح 10 آلاف فدان تنتهي منها بنهاية ديسمبر القادم. وقال المهندس حاتم خمخم رئيس قطاع التوسع الأفقي بوزارة الري إن إجمالي المساحات بلغ 37 ألف فدان للشركات الثلاث منها 19 ألف فدان استزراعاً و18 ألف فدان استصلاحاً خلال المراحل التنفيذية لأعمال المشروع بينما تنطلق أعمال الاستصلاح والاستزراع للشركة الرابعة وهي الظاهرة الاماراتية فبراير القادم والمخصص لها 100 ألف فدان علي فرع 3. تأخر تسليم الأعمال أما عن الأعمال الصناعية للمشروع والتي بدأت منذ عام 97 من خلال التعاقد مع أكثر من 22 شركة مقاولات وانشاءات فقد انتهت غالبية أعمالها وكما أكد المهندس حسين محمود طه مدير عام التنفيذ للمشروع بأنه تم تجاوز جميع مشاكل تعثر الشركات وتوفير المواد الخام والحديد اللازم وصرف جميع المتأخرات للشركات لتوفير السيولة النقدية، فلم يتبق سوي بعض الأعمال بالسحارة الرئيسية للفرع 3 و4 تنتهي في فبراير القادم وتنفذها شركة مساهمة البحيرة بينما من المقرر أن تتسلم الوزارة بنهاية ديسمبر القادم عدداً من الأعمال المتأخرة منها قنطرة الكيلو 14 من الشركة العامة لاستصلاح الأراضي ومأخذ علي فرع (2) من شركة وادي كوم أمبو وبعض أعمال التبطين من الشركة العقارية بينما مازالت أعمال الفرع الرابع للمشروع مؤجلة لحين الانتهاء من استزراع مساحات الثلاثة فروع الحالية للترعة الرئيسية. وأشار المهندس طارق عويس مدير مركز معلومات توشكي الي أنه جار إنشاء العديد من الصناعات الزراعية المكملة مثل مصانع إنتاج السماد العضوي ومصانع فرز الخضراوات و التعبئة و ثلاجات التبريد و التجميد. كما تم إجراء العديد من دراسات الجدوي الخاصة بمشروعات تصنيع الصلصة والزيوت وإنتاج الألبان وتصنيع الجبن، وأثبتت هذه الدراسات تحقيق عائد يتراوح من 15 - 45٪. كما تمتاز توشكي بجوها المعتدل وانتشار زراعة المحاصيل التي تصلح كعلف وبالتالي يمكن إقامة مزارع الماشية والأغنام والجمال مما سيؤدي إلي توفير اللحوم الحمراء وإنتاج الألبان وتصنيع منتجاتها. وبالفعل توجد مزارع لتربية الأغنام من النوع الرحماني ومجموعة من قطيع الأبقار فريزيان هجين وأثبتت دراسات الجدوي الخاصة بتربية الأغنام إمكانية تحقيق عائد يصل إلي حوالي 30٪. التربة الانتفاشية وحول مشاكل التربة الانتفاشية ببعض المناطق بالمشروع أوضح د.حسين العطفي وكيل الوزارة ورئيس مصلحة الري أن هذه المشاكل لا يتجاوز وجودها عدة كيلومترات داخل مسار أحد فروع الترعة الرئيسية ويتم حاليا التغلب عليها بينما نبه الي عدم صحة زيادة نسبة البخر من المياه في قنوات توشكي لاستخدام وسائل تصميمية ساهمت في تقليل البخر عنه في بحيرة ناصر مشيرا الي أنه تم التغلب علي مشكلة اعتراض مسار الفرع الرابع والمؤجل طرحه علي المستثمرين لصخور جرانيتية من خلال عمل مساحة مسار بديل سيتم طرحه للتنفيذ في مناقصة فور الانتهاء من استزراع المساحات المخصصة حاليا علي الفروع الأخري مشيرا إلي أنه تم تشغيل مايقرب من 20 ألف عامل في أعمال الإنشاءات بالمشروع ولن يتم الاستغناء عن عامل واحد حيث ستتم الاستفادة بخبراتهم في أعمال الصيانة والتشغيل والسماح بالتوطين في المدينةالجديدة لهم وأسرهم لتعمير المنطقة. حقيقة هروب المستثمرين د.محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري أكد عدم صحة شائعات هروب المستثمرين من توشكي أو بيع أي أراض من الباطن مؤكدا أن العقود المبرمة مع الشركات لا تسمح بالبيع أو التأجير من الباطن دون الرجوع للحكومة وكشف وجود مجموعة من العروض الجديدة لشركات استثمارية مصرية وعربية ترغب في الدخول في برامج الاستصلاح للمشروع ومازالت العروض محل الدراسة، لافتا الي أن شركة المملكة علي وجه الخصوص تعمل حاليا علي اقامة محطة رفع جديدة بتكلفة باهظة لاستكمال باقي أعمال استصلاح اراضيها وقال بشفافية كاملة بلغ حجم الانفاق 6.7 مليار جنيه خلال العشر سنوات الأخيرة، معترفا بوجود تعثر شديد للشركات المنفذة خلال السنوات الخمس الماضية وأن حجم المنفذ في الستة أشهر الأخيرة فاق الثماني سنوات الماضية وأن المشاكل والازمات التي سيطرت علي المشروع كانت بسبب تحرير سعر الصرف وفارق الأسعار بين التعاقدات المبرمة والتكلفة للمواد الانشائية التي تجاوزت الضعف في حين عجزت الشركات عن تحمل هذه الخسائر الضخمة، فضلا عن وجود جزء مهم بالمشروع لم يكن مكتملا وهو سحارة مفيض توشكي الرئيسية والتي يروي عليها 300 ألف فدان منها 100 ألف فدان علي فرع (2) تم تخصيصها بالفعل للاستثمار وكانت تتولي هذه الأعمال شركة مساهمة البحيرة. وأضاف علام مشروع توشكي ليس مجرد استصلاح زراعي في مساحة تزيد علي نصف مليون فدان وانما هو الأمل لسد الفجوة الغذائية و هي نافذة مصر لغزو الصحراء وستعمل علي رسم خريطة جديدة للصحراء الغربية مع ارتباطها بمناطق شرق العوينات ودرب الأربعين والواحات وبما سيعمل علي خلق مجتمع زراعي لتنمية الظهير الصحراوي ليبدأ غزو المصريين للصحراء والمشروع ايضا ركيزة التنمية من تعدين وسياحة وتصنيع زراعي وسيعمل علي الترويج لعاصمة جديدة تتمثل في مدينة توشكي الجديدة والتي خصصنا لها في المرحلة الأولي 10 آلاف فدان لتسكين الموظفين وتشجيع هجرة العمالة الي هذه المنطقة الواعدة. الوزير قال الحمد لله بنهاية فبراير سنكون خلصنا وشطبنا وها نسلم علي المفتاح وأطلقنا المياه لتبدأ مرحلة الانطلاق الفعلي للاستزراع والتعمير والترويج للحياة في العاصمة الجديدة مع بدء توزيع الأراضي المخصصة لشباب الخريجين وصغار المنتفعين حيث سيتم توزيع ما يزيد علي 60 ألف فدان بنظام الحصص علي المحافظات المختلفة. السياحة في توشكي وكان من أبرز ما في رحلتنا لتفقد حجم الانجاز بالمشروع هو اكتشاف ما تتمتع به توشكي من طبيعة تسمح بالاستثمار السياحي الصحراوية المميزة وخاصة حول منخفض توشكي وحول بحيرة ناصر ، وأيضا لقربها من مناطق الآثار في أبو سمبل حيث توجد الآثار المصرية القديمة والآثار النوبية والفرعونية . وتعتبر مدينة أبو سمبل هي أكثر المدن ارتباطاً بمشروع توشكي نظراً لوجود مطار بها وإقامة غالبية العاملين بالمشروع بها وهي تبعد50 كم عن منطقة المشروع ،وتتمتع بجو معتدل وتعد مشتي عالميا لدفئها في الشتاء ويوجد بها معبدا رمسيس الثاني ونفرتاري وعدة فنادق ذات مناظر ساحرة.. والتقينا في المدينة عددا من أصحاب المحلات التجارية والبازارات والذين أكدوا الاستفادة من خدمات الطرق والبني التحتية والذي زاد من اشغال المدينة بينما ساهم في زيادة توافد الأفواج السياحية بما ساهم في تعمير المدينة بشكل كبير.