الأسبوع الماضي.. فتح أحمد أبو الغيط وزير الخارجية خزانة مذكراته في العمل السياسي والدبلوماسي الممتد لأكثر من أربعين عاما وأطل علينا بمقال نشرته جريدة الأهرام كان عنوانه 24 ساعة حاسمة في حياتي مع محمد حافظ إسماعيل.. روي فيه تفاصيل ما حدث يوم 6 أكتوبر 1973 كما شاهدها من خلال موقعه في مكتب مستشار الأمن القومي محمد حافظ إسماعيل أحد أهم الرموز الدبلوماسية والذي احتضن مكتبه ثلاثة رجال أصبحوا فيما بعد وزراء لخارجية مصر وهم عمرو موسي وأحمد ماهر السيد وأحمد أبو الغيط، وبخلاف المعلومات والتفاصيل الدقيقة التي ازدحم بها المقال فإنه كشف أيضًا عن أبعاد مهمة في شخص وفكر أبو الغيط.. أهمها بعد استراتيجي وعسكري ظهر هذا بوضوح وهو يتحدث عن رءوس الكباري وفرق المشاة وعمق الشريط وحالة الجيش الثاني والجيش الثالث وإحصائه لعدد الدبابات 400 دبابة وحالة القواعد الجوية. أيضًا استخدام أبو الغيط للساعة العسكرية في أكثر من موضع مثل قوله ذهبت في نهاية نوبتجية 1 ساعة 2300 وهكذا.. كذلك الاهتمام بأدق التفاصيل للوصول إلي النتائج واعتزاز أبو الغيط بتاريخ والده العسكري اللواء طيار علي أحمد أبو الغيط وذلك عندما وصف عادة العسكريين عندما يقتربون من حدث كبير فقال وقد رأيت ذلك كثيرًا في حياتي من والدي، وبدا واضحًا مما كتبه أبو الغيط عنصر الإبهار الذي كان يمثله محمد حافظ إسماعيل لشباب الدبلوماسيين وقد كان أبو الغيط واحدا منهم آنذاك.. وذلك في تصويره لمشهد دخول حافظ إسماعيل لمكتبه يوم الحرب بقوله رأينا حافظ إسماعيل بقوامه الممشوق ووجهه الجاد والحاد. وأيضًا وهو يتذكر مناقشاته مع حافظ إسماعيل حول تجارب الدول ومسئوليها في الحروب.. ووصفه لحافظ إسماعيل بأنه عملاق عسكري ودبلوماسي ليس فقط من أدائه في تنفيذ كل المهام التي كلف بها ولكن أيضًا في اختياره لمساعديه ومرءوسيه.. لينهي أبو الغيط سرد 24 ساعة حاسمة في حياة المصريين جميعًا بلياقته الدبلوماسية المعهودة.