سخرية الأقدار وحدها هي التي لعبت دورها بامتياز في هذه القضية، ففي حين كان من المتوقع أن تثار حرب كلامية وتصريحات وردود تصل إلي حد السب والقذف في كتب ومؤتمرات بين يوسف زيدان صاحب رواية "عزازيل" وبين الكاتب عادل جرجس مؤلف كتاب "شفرة زيدان"، تحولت هذه الحرب إلي ناشر الكتاب وجيه شفيق مدير دار "أنطون" للنشر، الذي يستعد جرجس لرفع قضيتي سب وقذف وإتلاف ضده بعد نزعه للصفحات الأولي من الكتاب، التي تضمنت ملخصا لرواية زيدان بحجة لا أخلاقية المشاهد الجنسية بها. وهو الموقف الذي فسره الدكتور يوسف زيدان في حديثه لروزاليوسف بأنه دلالة علي أن "الحكاية أصبحت لعبة" وأن المؤلف "ما بيصدّق يشبط في حاجة"، وفي تعليقه علي ما جاء في كتاب "شفرة زيدان" من اتهام بالتطبيع ومهادنة الصهيونية والاستعلاء علي الذات الإلهية، وصف زيدان الكتاب بال"فكاهي"، قائلا: كاتبه إنسان صاحب خيال واسع، لا يستحق الرد عليه ولا اتخاذ أي موقف بشأنه، خاصة أن التأويلات العديدة والخزعبلات التي يمتلئ بها غير مقنعة، ولو لأطفال المدارس الابتدائية ونزلاء مستشفيات الأمراض العقلية!". المثير فعلا للسخرية هو استعانة عادل جرجس، في حديثه لنا عن أزمته مع الناشر، بكلام يوسف زيدان ذاته، مؤكدا أنه مدح الكتاب في مكالمة هاتفية عندما سأله فيه عن رأيه، وهو ما يعتبره جرجس مباركة وإقراراً من زيدان لشفرات الرواية التي تولي فكها، وأخبرنا أن صاحب "عزازيل" قال له مازحا: "كل ما أنسجم معك في صفحات الكتاب تعود وتشكني". من ناحيته يعلّق زيدان: "الكتاب كوميدي فعلا، عندما أخذت أقرأ أول عشرين صفحة جلست أضحك، لكن شيئا فشيئا رأيت أني أقرأ خرافات سخيفة فقلت لنفسي: "يا عم اسكت بقه"، لقد مازحني صديق لي أهلاوي: أنت أهلاوي علشان ما شتمتش الأهلي، تعليقا ساخرا علي ما جاء بالكتاب من أنني صهيوني لأنني لم أشتم اليهود في الرواية! "هذا خبل". يوضح زيدان أنه رأي مؤخرا أن الدخول في مثل هذه المواجهات الطنانة أمر يناسب الفارغين، الذين يشتكون من وقت الفراغ، "غير أن وقتي مثقل بشواغل حقيقية تمنعني من الخوض في المهاترات، فأنا لا أملك ترف (الوقت الضائع) لتبديد الزمان في مثل هذه الأمور". في الوقت الذي يكتب عادل جرجس ساخرا في كتابه "شفرة زيدان" معلقا علي ديانة مؤلف عزازيل: "لم يفوّضه أحد رئيسا لرابطة المعذبين في الأرثوذكسية"، يقول دكتور زيدان: "أنصح هذا الأستاذ الذي جعل من نفسه "محامي الله" أو "حامي الإيمان القويم" أو "المدافع عن جميع الأديان" أو أي وصف شاء أن يعطيه لنفسه، أنصحه بأن يبحث عن شخص غيري ليشتبك معه، فهو لم يجد عندي ما يريد!". الجدير بالاهتمام أن إهمال زيدان الرد علي منتقديه هو موقف عام حسب تأكيده: "هناك مواقع قبطية تهاجمني وتشتمني علي الإنترنت، هؤلاء في نظري "متأقبطين" "واخدين الحكاية حدوتة ومحدش عايز يفهم حاجة"، وصاحبنا هذا له كتاب سابق يشتم فيه الأنبا بيشوي، دليلا علي أن الحكاية كلها لعبة". ويتابع: "في لحظة "صفا" هاتفت القمص بسيط وقلت له: أنت غلطان عندما قلت كذا، فقال نعم، فقلت له أكتب هذا الكلام كي أسحب القضية، وقلت بنفسي للأنبا بيشوي: "كتابي القادم (اللاهوت العربي) مش مكتوب لأفاضل الرهبان من أمثالك، فدعك من الغضب الفاضي". وفي النهاية أكد زيدان أن الهجوم علي عزازيل "شوّش" علي ما أراده من الرواية قائلا: "لم يكن في خاطري وأنا أكتب عزازيل أن يصبح أبشع كتاب عرفته المسيحية مثلما قالوا، وإلا لماذا أصبح الأعلي توزيعا في البلاد العربية، وهناك المسيحيون أكثر ولم يعترضوا، أنا أخاطب بالرواية الناس وليس الرهبان، كنت عاوزهم يفهموا حاجة".