سعد الله حسن الجمال عمره الآن 64 عاماً، كان مجنداً في سلاح المهندسين ما بين (1969: 1975).. أي أنه قضي ست سنوات تحت السلاح. تدرب في القاهرة أربع سنوات علي إعداد المعديات والكباري تمهيداِ لنقل الدبابات إلي الضفة الأخري.. بعدها تم استدعاء جنود السلاح قبل بدء الحرب بثلاثة أشهر فقط إلي جزيرة البلاح التي تقع في طريق إسماعيلية بورسعيد وتبعد قليلاً عن القنطرة ومن هناك كانت أولي البطولات التي حققها سعد الله حسن في أرض المعركة حيث كان ممن أعدوا المعدية الأولي التي نقلت أول دبابة يوم 6 أكتوبر في تمام الساعة الثانية والنصف والمحملة بالجنود المصريين من الضفة الغربية إلي الضفة الشرقية. استمر طوال 17 يومًا هي أيام الحرب بمعاونة زملائه في سلاح المهندسين في بناء وإعداد الكباري والمعديات التي تنقل الدبابات والمدفعيات إلي الضفة الأخري بينما العدو يوجه نيرانه لمنع عبور الدبابات. وكان سلاح المهندسين يباشر عمله بشجاعة رغم القنابل العنقودية التي تنهال عليهم من قبل الطيران الإسرائيلي الذي يحاول منع إقامة هذه المعديات وبالتالي منع دخول القوات المصرية إلي الضفة الشرقية. ظل سعد الله طوال مده الأربع سنوات الأولي من تجنيده وهو في تدريب مستمر علي ما سوف يجري يوم الحرب نظرا لطبيعة السلاح الذي ينتمي إليه فكان يتدرب علي كيفية إعداد المعدية في وقت قياسي أقصاه بربع ساعة وشمل التدريب علي المعدات القديمة والحديثة. وفي البداية هجم الطيران يضرب ضربته الأولي تلاه سلاح المدفعية ليأتي بعده دور سلاح المهندسين ولا يقتصر الأمر علي بناء المعديات والكباري ولكنه يمتد لحماية القوات التي تعبر القنال وتغطيتها بحاجز من الطلقات النارية التي توجه لقلب الطيران الإسرائيلي. وفي البداية تعددت الإصابات والوفيات وكان أصعب هذه المواقف التي تابعها المقاتل سعد الله أثناء الحرب برؤيته لإصابة زميله في سلاح المهندسين بشظية في رقبته توفي علي إثرها أمام عينيه ما أثر فيه كثيراً وجعله يقاتل ببسالة ليثأر له وعلي الرغم من تركيز الأعداء علي هذه المعديات وعلي الجنود القائمين عليها إلا أن الأقدار شاءت له ألا يصاب. ويحمل يوم المعركة ذكري خاصة بالنسبة له حيث إن تدريب سلاح المهندسين كان يتم في الإدارة المركزية بالقاهرة ومن المتعارف عليه أن هذا السلاح تحديداً لا يتحرك من الإدارة المركزية إلا ساعة الحرب وبالفعل تم استدعاء السلاح قبل بدء الحرب بثلاثة أشهر وقتها انتشرت الأقاويل بين الأسلحة الأخري بمجرد رويتهم بقرب الحرب. ويحكي سعد الله بالفعل عندما توجهنا لجبهة القتال استغربنا خط بارليف ومدي صلابته وضخامته علي الرغم من شدة التدريب الذي تلقيناه وأكثر ما أثار استفزازنا الأعلام الإسرائيلية المرفوعة عليه وفي تمام الساعة الثانية والنصف يوم 6 أكتوبر أخذنا الأوامر بالانطلاق إلي جزيرة البلاح لإعداد المعديات ونظراً لسرية الخطة والموقف لم نكن ندري أنه يوم الحرب إلا بعد انطلاق سلاح الطيران وسلاح المدفعية ليجئ دورنا علي جزيرة البلاح وهي مرتفعة تقع بمنطقة أبو خليفة والقنطرة تقدر مساحتها بحوالي 11 كيلومترًا ومن خلالها كنا نقوم بعمل الكباري.. والمعضلة كلها تكمن في انجازه في التوقيت والسرعة المطلوبين تمهيداً لعبور الدبابة والمدفعية للضفة الأخري حيث يجر باللانشات السريعة. ويتذكر أحد المواقف الطريفة التي تعرض لها عندما وجد أحد جيرانه في سلاح المدفعية علي أرض المعركة وفرح كثيراً لرؤيته واتفق كلاهما علي أنه يطمئن الآخر في حال عودته سالماً إلي وطنه أهل بيته وأنه رأي الطرف الآخر وقام بإعداد المعدية ليعبر جاره علي إحدي المدفعيات عبر ثغرة في الساتر الترابي وفجأة تلقت المدفعية قديفة من العدو أدت لانقلاب المدفع في القناة ولم تتمكن القذيفة من الجنود وتم إنقاذ جاره وزملائه بواسطة الطوافات ولم يتمالك نفسه من السعادة عندما وجد جاره سليما ونجا من الموت أمام مرأي عينيه وحتي الآن يسترجع مع جاره هذه الذكري.