احتفلت اليابان بمناسبة محو أمية آخر شخص ياباني - واليابان لم تكن تحتفل بمحو أمية القراءة والكتابة - وإنما كانت تحتفل بمحو أمية آخر ياباني في تعلم الكمبيوتر! وبهذه المناسبة التاريخية التي يسجل فيها التاريخ دليلاً جديدًا علي عظمة ومعجزة هذا الشعب العظيم وقدرته علي التحدي والنجاح في هذه المناسبة أذكر بأن أحدث الدراسات العملية قد ذكرت بأن نسبة الأمية في مصر عام 2003 تقارب نسبة 50 ٪ من تعداد الشعب المصري البالغ خمسة وسبعين مليونًا. أهدي هذا الخبر إلي الجهات المسئولة بمناسبة الإعلان عن إنشاء المجلس القومي لمحو الأمية الذي نتمني أن يحقق الآمال المرجوة منه، لأن الأمر جد خطير ويستلزم فعلاً اعتباره قوميًا ويستحق مجلسًا قوميًا لمحاربة الأمية لأن محاربة الجهل والأمية هما اللبنة الأولي والأساسية لتقدم هذا الشعب ورفعته. كان لابد إذًا من المجلس القومي لمحو الأمية إذ من الغريب والعجيب أن يكون لدينا جمعيات لمحبي عبدالوهاب وعبدالحليم وفريد الأطرش ومحمد فوزي وليس لدينا جمعيات تقوم في الأساس علي محو الأمية وكذلك لدينا صناديق للزمالة وحتي للزبالة وليس لدينا صندوق واحد يخصص لمحو الأمية. ولدينا عشرات الآلاف من خريجي الجامعات من العاطلين وعشرات الآلاف في وظائف تافهة "ولدينا الملايين يجهلون القراءة والكتابة". ولدينا مهرجانات للسينما والمسرح وللتليفزيون وليس لدينا مهرجان لمحو الأمية. ولدينا جوائز وحوافز وميداليات ودروع وكؤوس ونياشين لكل شيء للفن والرقص والغناء وحتي اللعب وليس لدينا جوائز أو حوافز حقيقية ومشجعة، لاعتبار محو الأمية القضية القومية الأولي للدولة والشعب واعتبار الأمر يستلزم حربًا حقيقية ومدروسة ومنظمة ومكثفة لمحاربة الأمية والجهل باعتبارهما الخطر الأكبر والحقيقي علي تقدم مصر دولة وشعبًا. مطلوب من الدولة اعتبار الأمر هامًا وعاجلاً وتجنيد كافة طاقاتها المادية والإعلامية والفنية والاجتماعية لإعلان الحرب علي محو الأمية وتفعيل دور المجلس القومي لمحو الأمية. مطلوب من الأحزاب والنقابات والجمعيات والجامعات والمدارس القيام بدورها وتقديم دعم حقيقي لهذه الحرب بكل الإمكانيات. مطلوب من كل متعلم أن يقتدي بالرسول الكريم عليه الصلاة والسلام "خيركم من تعلم العلم وعلمه" وعلي كل متعلم واجب تجاه أسرته وبلده للمساهمة في هذه الحرب التي يجب أن تعلن عامًا كاملاً يخصص لمحو الأمية في مصر.. لنقدم للعالم نموذجًا علي قدرة الشعب المصري علي التحدي والنجاح. أن ما قدمه اليابانيون لبلدهم وللعالم يمثل نموذجًا لقدرة الشعوب علي التحدي وإثبات الذات وكسب احترام العالم - فهل نطمع في اعتبار الأمر هامًا وملحًا وأخذه مأخذ الجد من الدولة والشعب.