انقضي رمضان وانقضي معه أيام جميلة عاشها كل مسلم في طاعة الله، ومع انقضاء شهر الصوم ينقضي بيزنس الدعاة الذين لا نراهم إلا في برامج رمضان الدينية، فنري منهم من يحمل علما حقيقيا لأنه من أساتذة الأزهر أو كليات الشريعة، ونري منهم من يملك أسلوباً جميلاً بلا علم حقيقي ينفع به الناس فيقدح في أذهان الناس ما ليس من الدين. والغريب أن الفضائيات طوال الشهر الكريم تتسابق علي تقديم عشرات البرامج الدينية وسط زخم إعلامي، بينما في الأيام العادية لا نري سوي برنامج أو اثنين، وفي الحقيقة فإن قنواتنا الفضائية بحاجة إلي خطة مدروسة يشرف عليها متخصصون ممن لديهم علم ديني إلي جانب خبراء الإعلام بحيث يتم وضع جرعة دعوية مميزة وثابتة للناس طوال العام، بحيث لا يحدث للمشاهد زحام في عدد البرامج في رمضان ثم وفجأة لا يجد طوال العام سوي برنامج واحد أو اثنين. كما لابد أن تبحث قنواتنا عن العلماء الحقيقيين الذين يقدمون للناس المعلومة الصحيحة وليس تقديم من يحدث إثارة في البرنامج الديني أو يقدم آراءً تحتوي علي أحكام غريبة لا أساس لها، ولابد أيضا ألا نجعل من الدعوة بيزنس أو باباً للتكسب فحسب حيث لابد أن يشعر العالم بأنه يقدم علماً لينفع الناس في الدرجة الأولي وليس مجرد أن يظهر في برنامج ويظل يتحدث ليس لشيء سوي أنه في نهاية الحلقات سيأخذ مبلغاً مالياً. كما علي العلماء أن يقدموا علمهم بصرف النظر عن قيمة المبلغ الذي سيتقاضونه من الفضائيات حتي لا يجعلوا من الدعوة تسعيرة خاصة يتكسبون منها. ومع كل هذا لا أقصد أن جميع ما يعرض من برامج دينية سيئة أو أن من يظهر في الفضائيات ليسوا علماء أو أن كلهم يسعون للكسب ..بل إنني أجد وسط كل البرامج الدينية التي عرضت في رمضان من يقدم علماً حقيقياً، ويقصد وجه الله في الدرجة الأولي، إلا أن النسبة الكبري من البرامج لا يتقدم فيها الدعاة إلا من أجل الكسب المادي. ولدي نصيحة أوجهها للفضائيات العربية هي أن تتفق فيما بينها علي ميثاق موحد للبرامج الدينية توضع فيه شروط تلك البرامج وأسعار الحلقات لمن يستضافون فيها، كما يوضع ضمن الشروط ضوابط للضيف والعالم الذي يتحدث للناس ويراعي في كل برنامج التخصص بين الشريعة والعقيدة والفقه، والتفسير، بحيث لا تخلط الأوراق لمجرد أن الدكتور من جامعة الأزهر أو من دار العلوم أو من غيرهما من الكليات التي تحمل مسميات إسلامية لأن الإنسان في فتواه مثلا ينبغي أن يسمع الإجابة من فقيه عالم بالشريعة والفقه، وفي القرآن بحاجة إلي أن يسمع الإجابة من أستاذ تفسير وهكذا وبذلك نكون قد خدمنا برامجنا، وأحيينا ديننا بصورة واقعية في نفوس المشاهدين، فلا يظهر بعد ذلك مدعي علم، ولا حامل لفكر أو توجه معين .