يعد السياسي المخضرم السيناتور "إدوارد إم كينيدي" -أو كما يطلق عليه البعض اسم "تيد كينيدي" -أحد أبرز الشخصيات السياسية في التاريخ الأمريكي المعاصر،فقد حمل إدوارد كينيدي علي لقب"أسد مجلس الشيوخ الأمريكي" راية القلعة السياسية الديموقراطية العريقة، فنشأته داخل أسرة كينيدي السياسية جعلته يتشرب بالسياسة حتي النخاع. وقد استغرق كينيدي خمسة أعوام في كتابة سيرته الذاتية التي حملت عنوان "بوصلة حقيقية" ليحكي عن حياته الشخصية وعن ذكريات نشأته وسط عائلته الأسطورية والتي تعتبر أشهر الأسر الأمريكية وأكثرها نفوذا علي الإطلاق، بالإضافة لذكريات خمسين عاما قضاها في بؤرة الأحداث الوطنية. ولد إدوارد كينيدي عام 1932 ليصبح بذلك أصغر أبناء جوزيف كينيدي وروز فتزجيرالد التسعة، جوزيف الابن الذي توفي في حادث تحطم طائرته وجون وروبرت الذين قضيا حتفهما اغتيالا، والفتيات؛ روز ماري وكاثلين وأيونيس وباتريشيا وجين. من خلال كتابه يركز إدوارد علي الوفاة المأساوية لأخويه جون كينيدي الرئيس الأمريكي الذي أغتيل عام 1963 وروبرت كينيدي الذي اغتيل هو الآخر عام 1968 أثناء خوضه لحملة انتخابات الرئاسة كمرشح عن الحزب الديموقراطي،حيث يحكي أنه تعامل مع حزنه لاغتيال شقيقيه المقربين جون وروبرت كينيدي،أو كما يحب هو أن يطلق عليهما "جاك وبوبي"، عن طريق محاولة دفع نفسه للتقدم للأمام لاستباق الظلام واليأس الذي حاولا اعتصاره بلا رحمة. ويعترف إدوارد أن أمر اغتيال أخويه لم يصبه فقط بالحزن والوحدة ولكن أصابه بالخوف الشديد علي حياته الخاصة حتي أنه كان يخاف من ترشيح نفسه لعضوية مجلس الشيوخ. يحكي إدوارد كذلك عن بعض لحظات الدفء العائلية التي كان يستشعرها في تجمع العائلة في المناسبات وأعياد الميلاد خصوصا فقد كانت العائلة كبيرة لكنها مترابطة بشدة. أما عن والده فيقول إدوارد أنه كان يكن له احتراما من نوع خاص لاسيما أنه هو الذي ساعده علي تعلم قيمة حسن الاختيار بحكمة بالغة وبساطة مدهشة في الوقت نفسه خصوصا أثناء حيرته - أي إدوارد- في أمر ترشيح نفسه لمجلس الشيوخ عام 1962 حيث قال له والده؛ "يا بني،أمامك خياران؛ إما أن تختار أن تجعل لحياتك معني، وإما أن تختار أن تعيش بلا هدف، واعلم أنني سأحبك بالقدر نفسه في الحالتين إلا أنه إذا اخترت أن تعيش حياة بلا هدف ستجدني لا أملك الكثير من الوقت الذي أمنحه لك فهناك في المنزل أطفال كثر يفعلون أشياء مثيرة للاهتمام". كذلك يكشف السيناتور الراحل إدوارد كينيدي بعضا من الأسرار التي لا يعرفها لكثير مثل امتلاكه لموهبة الرسم وتفوقه فيه وكذلك حبه للإبحار الذي كان يعزيه في بعض الأحيان عن وفاة الأشقاء الذين لطالما اعتبرهم إدوارد بمثابة الأبطال الذي تمني أن يصل فيه حياته إلي ما وصلوا إليه من شهرة وتأييد إذ يصف حياته بأنها "محاولة مستميتة للحاق بركب أخويه". من خلال كتابه يحكي إدوارد كينيدي العديد عن حياته الشخصية والعائلية وعن اتجاهاته وهفواته وعن تفاصيل رائعة عاصرها مع جميع أفراد عائلته المرموقة التي تناول سيرتها العديد من الكتاب في مئات الكتب إلا أنها جاءت مميزة جدا في الكتاب الذي كتبه آخر فرد في العائلة؛ "بوصلة حقيقية".