شن هشام عبد العزيز الباحث في تحقيق التراث الشعبي هجوماً ضاريا علي كل من الشاعر عبد الرحمن الأبنودي قائلا: لو اجتمع ألف فرد كي يكرهوا الشعب المصري في السيرة الهلالية، لما نجحوا فيما يقوم به الأبنودي بصحبة الشاعر سيد الضوي، اللذين يقدمان السيرة في 300 حلقة، ومع احترامي الشديد للضوي إلا أنه بحكم سنه -80 عاما- أصبح "ينسي" الكثير. وأضاف عبد العزيز في الاحتفالية التي أقامتها فرقة شاعر السيرة الشعبية الراحل عز الدين نصر الدين مع مجموعة من الباحثين علي مقهي نجيب محفوظ في القلعة ب"نوارة المجالس"، بمناسبة مرور شهر ونصف الشهر علي وفاته: الأبنودي حوّل السيرة الهلالية إلي "بيزنس" من خلال بيعها في كتب وحلقات تليفزيونية وإذاعية، ويتعامل مع الضوي باعتباره آخر رواة السيرة الهلالية، في حين أنه من الناحية العملية لا يوجد ما يدعي "الراوي الأخير" أو "النص الوحيد"، فدائما ما سيكون هناك أصوات جديدة وروايات مختلفة، لكن إعلان اليونسكو السيرة الهلالية أحد روائع الأدب العالمي جعل سوقها يروج ودفع الجمعيات الأهلية والباحثين للاهتمام بها والاستفادة منها لدرجة وصلت حد المتاجرة. ومن جانبه أكد مسعود شومان مدير أطلس المأثورات الشعبية بهيئة قصور الثقافة ضرورة الوعي بالسيرة الشعبية قائلا: هي ليست مجرد حكايات عن الحروب بين القبائل، وإنما هي سيرة أخلاق وجغرافيا تسد الثغرات التي يغفل عنها التاريخ، وقد بدأ حب عز لهذه السيرة منذ سن السابعة، فأتقن غناء المربعات والمواويل الأثيرة، وكان يقول عن علاقة الشاعر بالسيرة: "الشاعر نملة عم تخربش في شجرة، فهل هاتوقعها؟". أما الدكتور خالد أبو الليل أستاذ الأدب الشعبي في جامعة القاهرة والصديق المقرب من عز فتحدث عن وفاته قائلا: كانت آخر مرة لي معه في الجزائر، أثناء مشاركتنا بمهرجان الجزائر الثقافي، وكان عز يشعر بدنو أجله، وفي هذه الرحلة، قال لي: "السيرة الهلالية لعنة علي رواتها، جميعهم يموتون في عمر مبكر وفي حوادث مثل عزت القناوي وعلي حيرامون"، وبالفعل توفي بعد عودتنا بأربعة أيام فقط في حادث علي الطريق، والمؤلم أن السيارة المجاورة لسيارته كانت لشاعر سيرة منافس له خرج من سيارته ورأي عز ينزف، ولكنه لم يهز ساكنا لينقذه وقال "وأنا مالي، ليه أورط نفسي"، وتركه ينزف علي الطريق حتي توفي رحمه الله. وأكمل: لقد عاش عز السيرة وتقمصها لدرجة أن سمي ابنه زناتي، وكان دائما يقول "سأضرب بالعصا من يقول إن شخصيات السيرة ليست حية"، كما إنه لم يتخذها سبوبة كما يفعل المدعين الذين أصبحنا نعاني منهم ومن خيانتهم لهذا التراث الكبير، الذين وصل حد ادعاء بعضهم أنه راوي السيرة الوحيد الباقي، ولم يكن يسألك "هاتدفع كام" حين تبدأ التسجيل معه. زناتي عز الدين نصر الدين، ابن عز، وأصغر عازفي الفرقة-18 عاما- قال: والدي كان من عالم الشعراء، ولكنه لم يكن متكبرا، كان يعطي كل شاعر حقه ويري الجميع أفضل منه، وقد أراد توصيل السيرة للخارج، كان يريد عمل أساس للسيرة حتي لا تموت، ودائما كان يقول: "العمر ليس أطول من السيرة".