بين التغيب عن الندوة ورفض الاقتداء به لم يحضر من أحفاد نجيب محفوظ من الكتاب، وفقا لعنوان الندوة التي أقامها اتحاد الكتاب مساء الاثنين سوي أربعة كتاب فقط، منهم الكاتب شريف عبد المجيد الذي يكتب القصة القصيرة ولم يصدر روايته الأولي بعد. الندوة أقامها الاتحاد تحت عنوان "شهادات أحفاد نجيب محفوظ بمناسبة ذكري رحيله الثالثة، حضرها الروائيون: أمينة زيدان ومحمد داود وسهي زكي، وتغيب عنها ستة كتاب هم: محمد صلاح العزب وهدرا جرجس وحمدي أبو جليل وطارق إمام بالإضافة إلي الروائية منصورة عز الدين التي سافرت الكويت وتعود بعد أسبوع والروائي إبراهيم فرغلي الذي يقيم بالكويت منذ عامين بالتقريب. وأرجع الكاتب محمد سلماوي، رئيس الاتحاد، سبب اختيار عنوان الندوة إلي ما كان يتمتع به الروائي نجيب محفوظ من الشغف بمتابعة إنتاج الشباب ليس من قبيل حب الاستطلاع فقط، وأشار لما حدث مع الكاتب عبد الوهاب الأسواني الذي سعي لإهداء أولي رواياته لمحفوظ ففوجئ به، أي محفوظ، يخبره أنه قرأها بالفعل. وأشار سلاليمني بمجرد دخوله بيته، وشبه محفوظ بالسيد المسيح الذي يعتبر مولده فاصلاً بين تاريخين وقال: "يمكننا الآن أن نؤرخ للرواية ونقول الرواية ما قبل وما بعد نجيب محفوظ". واعتبر سلماوي أن الكم الهائل من الروائيين الذي تشهده الساحة الثقافية حاليا لهو شهادة علي منجز محفوظ وقال"كل من ترجمت له رواية إلي اللغات الأجنبية مدين لمحفوظ الذي ترجمت كتبه إلي مختلف اللغات بعد حصوله علي نوبل". الندوة أوحت للبعض أن شهادات الكتاب الشباب ستصب جميعها في خانة السير علي منهج محفوظ في كتابة الرواية والاقتداء به، إلا أن محمد سلماوي قال "هناك من الأجيال التي جاءت بعد محفوظ من اتخذه نموذجا وبعضهم ثار عليه وهذا شيء مطلوب لأنه يبرهن علي وجوده"، وبدوره أكد الروائي فؤاد مرسي الذي قدم الندوة أن هناك من تقاطع وتشابك ورفض وتجاهل أعمال نجيب محفوظ. وعبرت الروائية أمينة زيدان عن اعتراضها علي مقولة سلماوي" ما قبل وما بعد محفوظ" واعتبرت أن حركة الرواية يصعب رصدها في الوقت الراهن، وأضافت" لكل كاتب خبراته واهتماماته المختلفة"، وحكت زيدان عن لقائها الأول بمحفوظ حينما سلمها بنفسه جائزة أخبار الأدب وكانت حينها كاتبة صغيرة أتت لتوها من الأقاليم، وقالت: اشعر بالغيرة من محفوظ لقدرته علي بناء عوالمه وتناوله لفكرة الزمن والصراع بين الإنسان والشيطان، لكني في الوقت نفسه أتباهي لأني ورثت عنه حب الكتابة في وقت محدد. وقرأ الروائي محمد داود مقتطفات من ورقة كتبها لينشرها بعنوان "مواقف المفتري والمفتري عليه"، تخيل فيها أن محفوظ يوجه له الحديث جاء فيها: "وقال لي: وأين عطورهم الآن الذين شغلوا أنفسهم بالبروباجندا من أقراني؟! منهم من كانوا ملء السمع والبصر بغير أقلامهم، إلا إنهم هم الموتي علي الحياة الدنيا يقعقعون بالآراء في كل المناسبات ويستهلكون أعمارهم في الندوات والمؤتمرات وتوافه الخناقات والبيانات ومقالات المقاولات والقرع والمجاملات ويفتعلون في الفيس بوك الجروبات، وغير ذلك من المهلكات.. وقال لي: أنا من عطور مصر، خذ -ما استطعت- مني الريادة والتطور وعمق الرؤية وخذ من يوسف إدريس العنفوان والجموح وخذ من يحيي الطاهر عبد الله سلاسة اللغة وخذ من خيري شلبي التدفق و"الصياعة" وخذ من جمال الغيطاني رهافة الحس ونمنمة المشاعر، وإن شئت إدوار الخراط، فعليك منه بالإصرار وغزارة الإنتاج، وإنك واجد ما يؤخذ من كل كاتب فخذ من غيرنا ما شئت ولا تنس نصيبك من أقرانك وامزجنا بذاتك يكن لك عطرك". ولم يأت حديث القاصة سهي زكي بجديد فقد وصفته "بشاعر ربابة الرواية العربية" وتحدثت عن قدرته علي رصد التغيرات التي طرأت علي المجتمع المصري وتعاطفه مع شخصياته كأنه "ابن بلد"، وعبرت عن رفضها لفكرة اتباع طريقة محفوظ في الكتابة، وأنهت كلمتها قائلة:" أنا لا أخجل من أن أقول إنني لا شيء بجانب قامته، ولكني شيء بكتابتي المختلفة عنه وإني علي يقين بأنه سيفخر بي". أما القاص شريف عبد المجيد فقد انصب حديثه علي الأعمال السينمائية المأخوذة من أعمال نجيب محفوظ، وتحدث عن انشغاله بالتجريب واستخدامه للفلاش باك، واهتمامه برصد واقع بسطاء الناس وأكد علي امتلاك محفوظ لمشروع في الكتابة.