وزير الأوقاف يمنع الدعوة لجمع التبرعات من على المنابر    لقاء علمي كبير بمسجد السلطان أحمد شاه بماليزيا احتفاءً برئيس جامعة الأزهر    برعاية الاتحاد العربي للإعلام السياحي.. انطلاق سوق السفر العربي في دبي وحضور غير مسبوق| صور    مصطفى بكري: اتحاد القبائل العربية سلم أسلحته بالكامل    وزير فلسطيني: دور مصر محوري ومركزي على كل المستويات    محافظ الدقهلية: 187 ألف و908 طن قمح اسقبلتهم الشون والصوامع بالدقهلية حتي اليوم    انطلاق المؤتمر الدولي ل"إعلام القاهرة" حول التغيرات المناخية والاقتصاد الأخضر.. بعد غد    المصريون يحتفلون بأعياد الربيع.. وحدائق الري بالقناطر الخيرية والمركز الثقافي الأفريقي بأسوان والنصب التذكاري بالسد العالي يستعدون لاستقبال الزوار    محافظ المنيا يوجه بتنظيم حملات لتطهير الترع والمجارى المائية بالمراكز    القاهرة الإخبارية: سجون سرية وإخفاء قسري واستهدافات وانتهاكات إسرائيلية في الضفة.. تفاصيل    مستشار الرئيس الفلسطيني: حماس قدمت ذريعة مجانية لنتنياهو لمواصلة العدوان على غزة    أمير قطر ورئيس وزراء إسبانيا يبحثان هاتفيًا الاجتياح الإسرائيلي المرتقب لرفح    الدوري الممتاز، التشكيل الرسمي للمصري البورسعيدي أمام طلائع الجيش    الدوري الإماراتي، العين يتقدم على خورفكان بهدف نظيف بالشوط الأول (فيديو وصور)    تامر مصطفى يعلن تشكيل فيوتشر لمواجهة بيراميدز في الدوري    محافظ مطروح يشهد النسخة السادسة من برنامج شباب المحافظات الحدودية    إيداع عصام صاصا حجز قسم الطالبية لمدة 24 ساعة    قرار عاجل من تعليم القاهرة بشأن طلاب الشهادة الإعدادية    وزير النقل يتابع إجراءات الأمن والسلامة للمراكب النيلية خلال احتفالات شم النسيم    لفضح جرائم الاحتلال وتوثيق مجازر الاحتلال، السينما الفلسطينية تسعى لاستئناف النشاط الفني    في ذكرى ميلادها.. كيف تحدثت ماجدة الصباحي عن يسرا وإلهام شاهين؟    المخرج فراس نعنع عضوًا بلجنة تحكيم مهرجان بردية لسينما الومضة    «الأزهر للفتوى» يوضح كيفية قضاء الصلوات الفائتة    خطأ شائع في تحضير الفسيخ يهدد حياتك- طبيب تغذية يحذر    الصحة تعلن إجراء 4095 عملية رمد متنوعة مجانا ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    ختام فعاليات المؤتمر الرابع لجراحة العظام بطب قنا    ‫ إزالة الإعلانات المخالفة في حملات بمدينتي دمياط الجديدة والعاشر من رمضان    أبرزهم «السندريلا» وفريد الأطرش .. كيف احتفل نجوم الزمن الجميل بعيد الربيع؟ (تقرير)    15 يومًا للموظفين.. جدول إجازات شهر يونيو 2024 في مصر    «الكحول حلال في هذه الحالة».. أمين عام رابطة العالم الإسلامي يثير الجدل (فيديو)    إصابه زوج وزوجته بطعنات وكدمات خلال مشاجرتهما أمام بنك في أسيوط    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    نزوح أكثر من ألف أسرة بسبب الفيضانات في أفغانستان    في خطوتين فقط.. حضري سلطة بطارخ الرنجة (المقادير وطريقة التجهيز)    بعد إصابته بالسرطان.. نانسي عجرم توجه رسالة ل محمد عبده    المستشار حامد شعبان سليم يكتب :الرسالة رقم [16]بنى 000 إن كنت تريدها فاطلبها 00!    مصرع شخصين وإصابة 3 في حادث سيارة ملاكي ودراجة نارية بالوادي الجديد    باحث فلسطيني: صواريخ حماس على كرم أبو سالم عجّلت بعملية رفح الفلسطينية    الدفاع الروسية: إسقاط مقاتلة سو-27 وتدمير 5 زوارق مسيرة تابعة للقوات الأوكرانية    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    على مائدة إفطار.. البابا تواضروس يلتقي أحبار الكنيسة في دير السريان (صور)    غدا.. إطلاق المنظومة الإلكترونية لطلبات التصالح في مخالفات البناء    متروكة ومتهالكة في الشوارع.. رفع 37 سيارة ودراجة نارية بالقاهرة والجيزة    سعر السكر والزيت والسلع الأساسية بالأسواق الإثنين 6 مايو 2024    إيرادات علي ربيع تتراجع في دور العرض.. تعرف على إيرادات فيلم ع الماشي    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    وسيم السيسي: قصة انشقاق البحر الأحمر المنسوبة لسيدنا موسى غير صحيحة    هل أنت مدمن سكريات؟- 7 مشروبات تساعدك على التعافي    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    ماكرون يؤكد ضرورة الحوار الصيني الأوروبي أكثر من أي وقت مضى    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    طارق السيد: لا أتوقع انتقال فتوح وزيزو للأهلي    تعليق ناري ل عمرو الدردير بشأن هزيمة الزمالك من سموحة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«بدون سابق إنذار».. نموذج استثنائى لدراما اجتماعية رفيعة
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 06 - 04 - 2024

«عاوزة تطلقى عشان لون شعرك؟!!»..سؤال استنكارى يحمل صيغة تهكمية يلقيه الزوج فى حالة من الغضب وربما الدهشة من وضع زوجته النفسى التى قررت الذهاب لاستشارية علاقات زوجية كى تصلح الأوضاع بينهما..من هذا المشهد وهذه الصيغة الحوارية التى استهل بها العمل الدرامى «بدون سابق إنذار» حلقته الأولى..قد يبدو لك عملًا متوقعًا عن دراما الحياة الزوجية؛ لكن المفاجأة الكبرى أنك على موعد مع حالة درامية استثنائية.
«بدون سابق إنذار».. دراما اجتماعية غلفتها الصدمة والمفاجأة؛ نسجتها مجموعة من الكتاب على وعى تام بحساسية العلاقات الإنسانية؛ لم تتوقف الصياغة الدرامية للعمل الفنى عند مجرد علاقات زوجية هشة؛ بينما الأمر يحمل خطورة أكبر وأعمق عن الكيان الأسرى الكبير؛ خلق العمل الفنى بناءً دراميا دائريا.. يتناول هذا الشكل من العلاقات المعقدة التى بدأت برجل وزوجته هما أصل الحكاية يصلان إلى حالة من عدم الانسجام بسبب شكوى الزوجة من إهمال زوجها الدائم؛ لكن القدر يفاجئهما بصفعة أثناء هذا الخلاف السطحي؛ يدخلان فى متاهة أخرى بعد اكتشاف إصابة ابنهما الوحيد بمرض اللوكيميا «سرطان الدم»؛ ثم الصدمة الكبرى بأن هذا الطفل ليس ابنهما من الأساس!
من هذه الضربة القاسية تنطلق أحداث المسلسل وتتوالى حلقاته بين رحلة البحث عن ابنهما البيولوجي.. وخشية فقدان ابنهما الذى تربى بينهما طوال سنوات عمره؛ خلال هذه الرحلة الشاقة تدور الدراما فى فلك واحد حول العلاقات الزوجية الشائكة ومصير الأبناء من تلك العلاقات؛ استثناء كبير تمتع به العمل سواء على مستوى الكتابة والتناول أو أسلوب الطرح الفنى فى تشريح تلك العلاقة عن الأبوة البيولوجية وشكل العلاقات الزوجية؛ عمل لا يشبه سائر الأعمال التى قدمت حول الدراما الاجتماعية يتغلغل بمرونة فى نسيج العلاقة بين الآباء والأبناء ومسئوليتهم؛ بداية من اختيار شريك الحياة ومرورا بقرار الإنجاب؛ يتعرض حسن الأخ الأصغر للبطل مروان لأزمة كبرى مع زوجته الأقل منه اجتماعيا تؤدى إلى الانفصال وخلافات حول شكل العلاقة المستقبلى مع الأبناء؛ ثم شكل آخر مستتر فى قلب الصديقة أمينة التى تخشى الزواج من أى رجل لكن فى نفس الوقت تخشى فوات فرصتها فى الإنجاب؛ تقرر إجراء عملية تجميد البويضات كى تحتفظ بفرصتها فى الإنجاب عندما تجد الأب المناسب!
لم يتوقف المخرج هانى خليفة المهموم بهذه العلاقة المعقدة بين الرجل والمرأة عند مجرد الإثارة والغموض من قصة فقدان الأب وزوجته لابنهما البيولوجى ورحلة البحث عنه بينما سارت الدراما لتبحث داخل هذه الدائرة المغلقة المكونة من زوج وزوجة وأبناء.. عن ولادة الأطفال وولادة الحب والمسئولية والأعباء والحياة الجديدة معهم..عن عصب الحياة الإنسانية.. تلك العلاقة الشائكة بين اثنين التى ترسم وتحدد مستقبل أناس آخرين قد تسهم فى تشكيل وعيهم.. حياتهم قناعاتهم ومخاوفهم؛ كل ما تعرض له الابن أثناء الطفولة يؤثر عليه فى سنوات عمره التالية؛ تعانى ليلى من عقدة كبيرة بسبب انفصال والدها وهجر والدتها لهما منذ الصغر لسوء معاملة أبيها لأمها؛ وبالتالى تعيش فى عقدة نفسية دفينة تنعكس على حياتها الزوجية بالكامل؛ فهى شديدة الحساسية تجاه تصرفات زوجها يطاردها شبح تكرار قصة أمها؛ تسيطر هذه العقدة على عقلها بشكل مبالغ فيه حتى فى أحلك فترات حياتها يبدو خلافها مفتعلًا وغير منطقي؛ دائمة المبادرة بالهجوم ساعية لهدم العلاقة بنفسها!
قد تعانى ورش الكتابة أحيانا من بعض التشتت الدرامى حتى يشعر المشاهد وكأنه يرى مجموعة من الحلقات المنفصلة لعمل واحد؛ بينما نجح هذا العمل وبجدارة أن يخرج بروح واحدة على الرغم من تعدد المشاركين فيه؛ بداية من ألما كفارنة صاحبة القصة والمعالجة الدرامية ثم الكتاب سمر طاهر؛ عماد صبري؛ كريم الدليل ومعالجة سيناريو عمرو الدالى تحت قيادة المخرج الواعى هانى خليفة؛ حيث يبدو المخرج دائما شديد الحرص والوعى والحساسية للموضوع الذى هو بصدد تناوله؛ تفاصيل دقيقة فى صياغة الحوار المتقن بالكلمة ورسم الشخصيات من واقع الحياة؛ شخصيات تشبه كل الأزواج والزوجات بطبقات المجتمع على اختلافها؛ تبدو أحيانا واضحة وأحيانا أخرى رمادية مبهمة.. لا تعلم أى جانب تنحاز إليه.. من المخطىء ومن المحق لن يترك لك السيناريو حكما مطلقا على شخصية بعينها بل سيتأرجح عقلك فى الحكم عليها كما تتأرجح الشخصيات بفعل القدر..!؛ دراما الحياة اليومية فى كامل وأبهى صورها قدمها خليفة مع فريق الكتابة بحذق واقتدار؛ حلقات تسير بإيقاع رشيق متصل بنفس إيقاع الحلقة السابقة فى عنصر المفاجأة والترقب والغموض؛ غلف العمل حالة شعورية مزجت بين الخوف من المجهول وترقب حدوثه ثم الرغبة والفضول فى الوصول إلى الحقيقة مع خشية وقوعها.. والسؤال الحائر المسيطر على قلب وعقل الأب والأم.. ماذا لو عثرا على ابنهما الحقيقي؟!..هل سيتركان هذا الطفل الحبيب الذى تربى بين أحضانهما سنوات؟!!.. هل تتوقف الأمومة وتقاس بالولادة فقط؟!.. أسئلة كثيرة تدور فى ذهن أبطال العمل وبالتبعية فى ذهن الجمهور الذى تحمل معهم هم مصيرهما ومصير عمر!
أبدع آسر ياسين فى أداء دور مروان الأب المذبذب الحائر المتوتر دائما الذى تاه عقله وقلبه بين صدماته المتتالية؛ صراعات نفسية كبيرة يعانيها هذا الرجل حول ابنه وزوجته ودهشته من سلوكها المفتعل لأزمات دائمة؛ هدوء وسلاسة واتزان شديد تمتع به ياسين فى أدائه الرفيع لهذا الرجل الكتوم الذى يرهقه البوح؛ بين الرغبة فى الاحتفاظ بالمشاعر وكتمانها وصعوبة البوح بها حوار نفسى داخلى ظهر أثره فى نظراته التائهة.. ولفتاته.. وحركة جسده.. وإيقاع أنفاسه وتبدل نبرة صوته حتى فى لحظات الغضب؛ شاركته البطولة عائشة بن أحمد فى دور الزوجة؛ كما أبدع أيضا أحمد خالد صالح فى دور حسن الأخ وزوجته جهاد حسام الدين التى قدمت دور الفتاة الشعبية بعيدا عن الكليشية المكرر بالدراما التليفزيونية؛ بينما كان للطفل الصغير سليم يوسف فى دور عمر حضور كبير بأداء تمثيلى شديد الروعة والإتقان لعب سليم بحرفية الكبار؛ وكذلك كان للفنانة بسمة ونور شعيشع بصمة خاصة بمشاركتهما فى هذا العمل؛ «بدون سابق إنذار»..نموذجًا استثنائيًا لدراما اجتماعية رفيعة المستوى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.