فى ظل الجفاف الأسوأ الذى يضرب الصومال منذ 40 عامًا على الأقل، لا يجد ملايين الصوماليين أنفسهم فى مواجهة الجوع فقط؛ بل أمام مجاعة محتملة أيضًا.. فالكارثة البشرية فى الصومال تتفاقم.. وعلى حكومات وشعوب العالم الإسراع لتكثيف وتقديم الدعم لإخواننا فى الصومال. إن هذه الأزمة الإنسانية غير المسبوقة الناجمة عن فشل خمسة مواسم أمطار متتالية تعنى بشكل واضح أن الوضع سيزداد سوءًا؛ فقد انعكست أزمة الجفاف على 8.7 مليون شخص، أى ما يقارب نصف سكان الصومال، وزاد من حدتها عوامل أخرى مثل استمرار الصراع والنزوح وارتفاع أسعار المواد الغذائية.. وأى تقاعس عن مواجهة الأزمة سيكون له عواقب كارثية على السلم والأمن الاجتماعى فى هذا البلد؛ فملايين السكان صاروا على بعد خطوة واحدة من المجاعة والآلاف منهم يواجهون خطر الموت.. لذا أصبح حشد الجهود لانقاذ حياة إخواننا الصوماليين ضرور ة حتمية. ومع شديد الأسف تشير التقارير الواردة من الواقع الميدانى إلى حكايات مروعة للغاية. إذ دعونا نتصور كيف يقطع نحو 1.1 مليون شخص أميالًا بعيدة عن منازلهم بحثًا عن الطعام والماء وسبل العيش؛ من بينهم أعداد ضخمة من الأمهات العطشى اللاتى يحملن أطفالًا على ظهورهن.. والإحصاءات قاتمة؛ فالبيانات الأخيرة تشير إلى أنه خلال الفترة ما بين اليوم ومنتصف العام القادم سيعانى حوالى 8.1 مليون طفل صومالى دون سن الخامسة من سوء التغذية؛ وسيتعرض نصف مليون طفل منهم إلى سوء تغذية حاد إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنقاذهم، بل قد يسقط حوالى 000.300 شخص فى المرحلة الخامسة من التصنيف الدولى للمجاعة. إن الحاجة إلى تحركنا الجماعى أصبحت أمرًا بالغ الأهمية. فعلى الرغم من الجهود الكبيرة التى تبذلها الأممالمتحدة وشركاؤها فى المجال الإنسانى والإنمائى من أجل تكثيف جهود الاستجابة للأزمة، والعمل الهام الذى تقوم به منظمات عربية حكومية وأهلية، إلا أن الأمر لا زال يحتاج إلى المزيد من العمل.. فالوضع الإنسانى الخطير ويتطور نحو كارثة إنسانية كبرى. لقد قدم المانحون مساهمات سخية بلغ مجموعها أكثر من 28.1 مليار دولار حتى الآن خلال هذا العام) حوالى 56 فى المائة من إجمالى مبلغ 27.2 مليار دولار المطلوب (مما مّكن من تكثيف المساعدة للوصول إلى أكثر من 5.6 مليون شخص فى جميع أنحاء الصومال مصحوبًا ببعض المساعدات الإنسانية وذلك بحلول سبتمبر الماضي. ولكن على الرغم من هذه المساهمات، لا زالت الحاجة ماسة إلى مزيد من التمويل لمواكبة تزايد حجم ونطاق وخطورة الوضع المتفاقم، علمًا بأن أكثر من 80 فى المائة من متطلبات التمويل يعود إلى كارثة الجفاف. تتضمن خطة الاستجابة الإنسانية مشروعات لأكثر من 300 منظمة إنسانية بما فى ذلك منظمات دولية ووطنية غير حكومية ووكالات الأممالمتحدة ومنظمات عربية متخصصة. لذا فإنه من الأهمية بمكان أن نعمل معًا لإيجاد السبل لتخفيف المعاناة عن إخواننا وأخواتنا فى الصومال. لقد أعلنت الحكومة الفيدرالية الصومالية بقيادة الرئيس حسن شيخ محمود الجفاف حالة طوارئ بسبب الجفاف. وفى مايو من هذا العام، عيّن الرئيس الصومالي، بعد يوم واحد فقط من توليه المسئولية، مبعوثًا خاصًا للجفاف، وأعاد تشكيل وكالة إدارة الكوارث فى الحكومة الصومالية وكلفها بتسهيل جهود الإغاثة وإنقاذ الأشخاص المنكوبين؛ بالإضافة إلى إنشاء لجنة مشتركة فيما بين الوزارات لمواجهة الجفاف. ويستمر العمل من أجل تعزيز التنسيق فيما بين الأممالمتحدة والجامعة العربية والمجتمع الدولي. وعليه، وانطلاقًا من روح التضامن والالتزام الأخلاقى للاستجابة لنداء الاستغاثة لإنقاذ الأرواح، سوف تستضيف جامعة الدول العربية والأممالمتحدة مؤتمرًا رفيع المستوى حول الجفاف والأمن الغذائى والصمود فى وجه تغير المناخ فى 6 ديسمبر 2022 فى مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة. ويهدف هذا المؤتمر رفيع المستوى إلى لفت انتباه العالم لهذه الكارثة وحشد الدعم للملايين المتضررين من حالة الطوارئ الناجمة عن الجفاف الشديد فى الصومال. ويجمع المؤتمر بين صنّاع القرار وخبراء السياسات من الأممالمتحدة والجامعة العربية وممثلين رفيعى المستوى من الدول الأعضاء فى جامعة الدول العربية. وسيعتمد المؤتمر نهجًا ذا مسارين يركز الأول على الاحتياجات المنقذة للحياة فى حالات الطوارئ قصيرة الأجل، والثانى على بناء قدرة الصمود على المدى المتوسط والطويل للمساهمة فى إيقاف تكرار الأزمات كل بضع سنوات لأن غالبًا ما تؤدى الاستجابات أو ردود الفعل قصيرة المدى للصدمات المناخية إلى ارتفاع تكلفة التكيف الملائم مع تغير المناخ فى المستقبل. إن الجامعة العربية والأممالمتحدة مصممتان على العمل معًا ومع الحكومة الصومالية من أجل التخفيف من الصدمات المتوقعة فى المستقبل القريب من خلال تكثيف تعاونهم والربط بين محاور الشؤون الإنسانية والإنمائية وإرساء السلام. إن نجاحنا اليوم يعتمد على قدرتنا على العمل على وجه السرعة وبتنسيق وتناغم أكبر. السفير خليل إبراهيم الذوادى الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون العربية والأمن القومى.