سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الرئيس فى كلمته أمام القمة العربية بالجزائر: مصر تسعى إلى شراكة عربية متكاملة لتحقيق مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا تعزيز وحدة الصف العربى لمنع التدخلات الخارجية
أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، ضرورة تعزيز وحدة الصف العربى لمنع التدخلات الخارجية، مشيرا إلى أن القمة العربية فى الجزائر تأتى فى توقيت مهم بالتزامن مع عدد من الأزمات العالمية، منبها إلى أن التحديات تشتد إقليميا وعالميا. ودعا الرئيس السيسى، فى كلمته أمام القمة العربية فى الجزائر، إلى تبنى مقاربة لتعزيز قدراتنا العربية، لافتا إلى أن مصر تطمح إلى شراكة فعلية مع دولنا العربية استنادا إلى ما يجمعنا من تاريخ مشترك والتطلع إلى مستقبل أكثر ازدهارا ضمن سياق أوسع من تعزيز العمل الجماعى العربى. وشدد على أن مصر لن تدخر جهدا فى سبيل دعم الجامعة العربية بيت العرب بما يحقق مصالح الشعوب الشقيقة، معربا عن ثقته بأن آليات العمل العربى المشترك ستشهد قوة دفع ملموسة فى ظل رئاسة الجزائر للقمة العربية الحالية، ومشددا على أن مصر ستظل داعمة للأمن القومى العربى. وأكد الرئيس السيسى ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن سد النهضة، معربا عن تطلعه لأن تسفر قمة شرم الشيخ للمناخ عن حلول لقضايا المناخ. وشدد الرئيس على ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة فى ليبيا وخروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من البلاد. وأعرب الرئيس عن سروره لتواجده فى القمة العربية بالجزائر «بلد المليون شهيد»، موجها الشكر والتقدير للرئيس الجزائرى عبد المجيد تبون على حسن الاستقبال وكرم الضيافة. وقال الرئيس السيسى، فى كلمته أمام القمة العربية بالجزائر، إن هذا الجمع يلتئم بعد غياب طال أعواما ليحمل معه دلالة سياسية تعكس تصميمنا على تطوير علاقاتنا والتصدى للتحديات المشتركة التى تواجه أوطاننا. وأضاف الرئيس السيسى أن انعقاد قمتنا العربية يعد فى حد ذاته دعوة لاستلهام روح القومية العربية وتجديد عزيمة الصمود من أجل الحفاظ على هويتنا وتحرير إرادتنا الوطنية والدفاع عن حقوق شعوبنا وصون مقدراتها. وأشار الرئيس إلى أننا فى حاجة ماسة اليوم، فى ظل تتابع الأزمات العالمية والاقليمية، إلى استذكار محطات التعاون المضيئة فى تاريخنا التى تجسدت فيها أسمى معانى العروبة والإخاء والتكاتف لرفع رايات الحق والعدل وبما يعيد الحقوق لأصحابها ويحفظ الاستقرار ومستقبل الأجيال القادمة. وأضاف أن «تاريخ أمتنا العربية وما شهدته دولنا من أحداث فى الماضى القريب يثبت لنا جميعا وبما لا يدع مجالا للشك أن ما قد يؤلم أشقاءنا بالمغرب العربى سيمتد إلى مصر والمشرق العربى ودول الخليج، وأن عدم الاستقرار فى دول المشرق أو فلسطين إنما تمتد آثاره إلى المغرب العربي، وأن تهديد أمن الخليج هو تهديد لنا جميعا، مؤكدا أن أمننا القومى العربى هو كل لا يتجزأ، فأينما نولى أنظارنا نجد أن الأخطار التى تداهم دولنا واحدة. وقال الرئيس السيسى إن الأخطار التى تداهمنا واحدة وترتبط فى مجملها بتهديد مفهوم الدولة الوطنية وتدخل قوى إقليمية أجنبية فى شئون المنطقة من خلال تغذية النزاعات، وصولا إلى الاعتداء العسكرى المباشر على بعض الدول العربية وكلها عوامل أفضت إلى طول أمد الأزمات دون حل فى زمن تشدد فيه التحديات الاقتصادية والتنموية والبيئة عالميا وإقليميا ويزيد فيه الاستقطاب الدولى الذى أصبح عنصرا ضاغطا سياسيا واقتصاديا وعلى نحو بات يؤثر علينا جميعا. ونبه الرئيس السيسى إلى أن هذه التحديات أثرت فى العديد من الشواغل المشروعة لدى الشارع العربى الذى بات يتساءل عن الأسباب التى تعيق تحقيق التكامل بين دول الإقليم العربى فى مختلف المجالات، وتلك التى تحول دون أن تلحق أمتنا ذات الموارد والإمكانات الهائلة بركب الأمم الأكثر تقدما، بل صار يتساءل عن غياب التصور والإجراءات المطلوب اتخاذها لوقف نزيف الدم العربى وردع تدخلات القوى الخارجية والحد من إهدار ثروات المنطقة، فى غير مقاصدها الصحيحة وبلورة تسوية نهائية للصراعات التى لن تحل بمعادلة يُقصى فيها طرف أو يجار على حقوقه انطلاقا من واقع الترابط الفعلى الذى يجعلنا جميعا أعضاء لجسد واحد ومن واقع حجم التحديات والضغوط الراهنة الذى يفوق أى دولة على التصدى لها منفردة. وشدد الرئيس على أنه يتعين علينا تبنى مقاربة مشتركة وشاملة تهدف إلى تعزيز قدرتنا الجماعية على مواجهة مختلف الأزمات، استنادا على أسس واضحة تقوم على تكريس مفهوم الوطن العربى الجامع من ناحية، والدولة الوطنية ودعم الدول ومؤسساتها الدستورية من ناحية أخرى، مما يسهم فى حفظ السلم الاجتماعى، وترسيخ ركائز الحكم الرشيد، والمواطنة وحقوق الإنسان، ونبذ الطائفية والتعصب، والقضاء على التنظيمات الإرهابية، والمليشيات المسلحة وقطع الطريق أمام أية محاولات لدعمهم، أو منحهم غطاء سياسيا أو توظيفهم من قبل بعض القوى سواء الإقليمية أو الدولية لإنشاء مناطق نفوذ لها فى العالم العربي. وأكد الرئيس السيسى أن ضمان قوة ووحدة الصف العربى هى خطوة أساسية على صعيد تأسيس علاقات جوار إقليمى مستقيمة تستند إلى مبادئ غير قابلة للمساومة وملزمة للجميع ولاحترام استقلال وسيادة وعروبة دولنا وتحقيق المنفعة المتبادلة، وحسن الجوار والامتناع الكامل عن التدخل فى الشؤون العربية. وأشار إلى أن مصر ستظل طامحة وراغبة فى تحقيق شراكة فعلية فيما بين دولنا على أرضية ما يجمعنا من تاريخ مشترك، والتطلع نحو مستقبل أكثر ازدهارا يتشكل من خلال اضطلاع كل دولة بمسئولياتها على النطاق الوطنى فى سياق أوسع من العمل الجماعى على تعزيز قدراتنا العربية سياسيا واقتصاديا وأمنيا. وأكد الرئيس أن تكامل القدرات المتباينة ينشئ منظومة صلبة قادرة على مواجهة التحديات المشتركة، والأزمات الدولية المستجدة بما فى ذلك أزمتا الطاقة والغذاء، كما ستوفر الحماية الرئيسية لنا جميعًا من الاستقطاب الدولى الآخذ فى التصاعد فى الفترة الأخيرة، منبها إلى أن هذا الاستقطاب باتت له تبعات سلبية على التناول الدولى لأزمات منطقتنا العربية، وأعاد للأذهان مظاهر حقبة تاريخية عانى فيها العالم بأسره. وأشار الرئيس السيسى إلى أن المضى قدمًا على طريق اللحاق بركب التقدم والتنمية يتطلب العمل الجاد على تسوية مختلف أزمات عالمنا العربى، وعلى رأسها دومًا وأبدًا، القضية الفلسطينية، لافتا إلى أن قدرتنا على العمل الجماعى لتسوية القضية واسترجاع الحقوق الفلسطينية، كانت تاريخيًا وستظل المعيار الحقيقى لمدى تماسكنا، مشددا على أن المبادرة العربية للسلام ستظل تجسيدًا لهذا التماسك ولرؤيتنا المشتركة إزاء الحل العادل والشامل على أساس حل الدولتين، ومبدأ الأرض مقابل السلام، وبما يكفل إنشاء دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية تعيد للفلسطينيين وطنهم، وتسمح بعودة اللاجئين بما يتسق مع مبادئ القانون الدولى والشرعية الدولية. وقال الرئيس «إننا ما زلنا نحتاج لمزيد من العمل العربى الجماعى حتى فى التعامل مع الأزمات الجديدة التى جاءت لاحقة على القضية الفلسطينية، فى ليبيا وسوريا واليمن والعراق والسودان، وإلا سيظل أمن وسلم الشعوب الشقيقة فى تلك الدول مهددين بتجدد ويلات تلك الأزمات، وستظل الأخيرة ثغرات فى المنظومة العربية ومراكز لعدم الاستقرار، وهو ما يؤثر علينا جميعًا ويعرقل جهودنا فى التنمية والتكامل». وتابع الرئيس السيسى إنه من الملائم أن أشارككم هنا رغبتنا فى دعمكم لمساعينا الحالية فى ليبيا الشقيقة للتوصل فى أسرع وقت إلى تسوية سياسية بقيادة وملكية ليبية خالصة دون إملاءات خارجية، وصولًا إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن، واحترام مؤسسات الدولة وصلاحياتها بمقتضى الاتفاقات المبرمة، وتنفيذ خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب فى مدى زمنى محدد، وإعادة توحيد مؤسسات الدولة الليبية وحل الميليشيات، بما يحول دون تجدد المواجهات العسكرية ويعيد للبلاد وحدتها وسيادتها واستقرارها. ونبه الرئيس السيسى، إلى معضلة الأمن المائى التى تؤثر على عدد من الدول العربية، والتى تأتى فى سياق وحدة الأمن القومى العربي، وتنذر بعواقب وخيمة إذا تم تجاهلها، مجددا تأكيده فى هذا السياق على أهمية الاستمرار فى حث إثيوبيا على التحلى بالإرادة السياسية وحسن النوايا اللازمين للتوصل لاتفاق قانونى ملزم بشأن سد النهضة الإثيوبى تنفيذًا للبيان الرئاسى الصادر عن مجلس الأمن فى سبتمبر 2021، والأخذ بأى من الحلول الكثيرة التى طُرحت عبر العديد من جولات المفاوضات، والتى تؤمن مصالح الشعب الإثيوبى الاقتصادية الآن ومستقبلًا، وتصون فى الوقت ذاته حياة الشعبين المصرى والسودانى. وأكد الرئيس أن تحدى الأمن المائى لا ينفصل عن تحديات أخرى تواجهها المنطقة، وفى مقدمتها تغير المناخ الذى أصبح واقعًا مفروضًا على العالم، معربا عن تطلعه لاستقبال القادة العرب فى مصر يومى 7 و8 نوفمبر بقمة شرم الشيخ لتنفيذ تعهدات المناخ لتحويل هذا التحدى إلى فرصة حقيقية للتنمية والانتقال إلى أنماط اقتصادية أكثر استدامة لصالحنا جميعًا. وشدد الرئيس السيسى على أن تسوية الأزمات العربية، والتعاطى مع التحديات الدولية، ينطلق أساسا من إيماننا بوحدة أهدافنا ومصيرنا، وتفعيلًا لتعاوننا وإمكاناتنا وأدواتنا فى مسائل الأمن الجماعي، وذلك بالتوازى مع جهودنا فى التكامل على المسارات الأخرى. وقال الرئيس «فلننظر حولنا لقد سبقتنا تكتلات أخرى نحو التكامل، رغم أن من أطرافها من عانوا من تناحر حقيقى بل وحروب فيما بينهم.. فما بالكم بنا ونحن لدينا من المشتركات فى الثقافة والأديان والتاريخ والوجهة السياسية ما يحتم علينا توحيد رؤانا وتجاوز اختلافات وجهات النظر». ووجه الرئيس السيسى، فى ختام كلمته، رسالة إلى الشعوب العربية قائلا: «ثقوا فى أمتنا العربية، فهى صاحبة تاريخ عريق وإسهام حضارى ثرى وممتد، وما زالت تلك الأمة تمتلك المقومات اللازمة لمستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا، وعلى رأسها عزيمتكم وعقولكم وسواعدكم، وثقوا فى أن مصر ستضع دومًا نصب أعينها تماسك الكيان العربي، وصونه وحمايته، وستظل دائمًا حاضرة دعمًا لكم، وستبقى على أبوابها مفتوحة أمام كل أبناء العرب فى سبيل الدفاع عن حاضرهم ومستقبل الأجيال القادمة». وتوجه الرئيس السيسى إلى الله عز وجل بالدعاء أن يسدد خطانا وأن يوفقنا لما فيه الخير لأمتنا العربية.