تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد… أنا سيدى الفاضل زوجة أبلغ من العمر 23 عامًا، من إحدى محافظات الدلتا، حاصلة على مؤهل عالٍ، زوجى هو جارى وفتى أحلامى منذ أن كنا أطفالًا صغارًا، إنسان طيب القلب وكريم، رزقنى الله منه بطفلة تملأ علينا حياتنا، والدى موظف بسيط أفنى حياته من أجل إسعاد بناته الثلاث، وأنا أكبرهن، شقيقتى الصغرى تدرس بكلية الطب، أجهدته بعد أن أسعدته بتفوقها، حيث اضطر للعمل فترة مسائية بعيادة خاصة، ليكون قادرًا على التكفل بنفقات دراستها الشاقة، كذلك فإن شقيقتى الوسطى، لم تكن بعيدة هى الأخرى عن هذا العطاء وتلك التضحية، حيث حصلت على مؤهل فنى فوق المتوسط ، بتقدير تراكمى أهلها لدخول كلية الهندسة - ثم رفضت تكملة دراستها، بحجة أنها ملَّتها، ولا تمتلك الثقة فى خوض تجربة دراسية معقدة، كنا نشعر بأنها انتحرت علميًا من أجلى وأجل طبيبتنا الصغرى،، كل ما سبق من تفاصيل تعد خلفية مهمة، ربما تحتاجها أستاذ أحمد وأنت تكتب ردك على مشكلتي، ولا تعلم كم أعانى بعد زواجي.. مشكلتى تتمثل فى كلمة شرف غير مصانة، بين والدى وحماىَّ، مع العلم بأنهما أصدقاء بدرجة أشقاء، أو هكذا كان يظن والدي، رزقه الله الصحة وطول العمر، تكبد مشقة السعى والصبر لأجل إسعادنا، قبل زواجى كان يسألنى عن كل طلباتى ليحققها لي، وأنا خَجْلَى لا أدرى ماذا يجب أن أطلب من أب مكافح، لا يملك رفاهية الاختيار فى تربية ثلاث فتيات، بسن الزواج،، حاولت أن أقتصد فى طلباتى قدر استطاعتي، وهو يقول لى «ميهمكيش أنتِ أول فرحتي، اطلبى وكل طلباتك مجابة» - بل كان يكلف شقيقتيَّ بشراء أثمن المقتنيات التى تحتاجها أى عروس، حتى أتزوج من الرجل الذى أحببته وأنا رافعة هامتي- لكننى لم أكن أتخيل تلك الصدمة مع أول خلاف عائلى بينى وبين شريك حياتي، وهى مفاجأتى بأن والدى زوجنى له بالتقسيط، بعد أن اتفق مع والده أن يسدد للأخير تكاليف الزواج المتفق عليها بالمناصفة بينهما، على ثلاثة أشهر، ذهبت لوالدى أسأله عن حقيقة هذا الأمر، فاعترف وهو يبكى معتذرًا لي، وأنا أُقبل قدميه وأتوسل إليه أن يتوقف عن جلد ذاته، وقال بأن صديق عمره ووالد زوجي، خان العهد وخلف الوعد، أن يظل هذا الأمر سرًّا بينهما حتى لا يجرح مشاعري، عاتبته فقط على عدم مصارحته لى من البداية، لأتفق مع زوجى أن يصبر على استعدادنا للزواج، دون استدانة أو مذلة. الآن أصبحت مدمرة نفسيًا بسبب هذا الموقف، كما أن شقيقتَيَّ تشعران بالأسى لأجلي، لا أستطيع تخطى تلك الأزمة التى أضعفتنى وقللت من قدرى فى نظر زوجي، وجعلتنى أسأل نفسى - هل يستحق هذا الرجل أن أكمل حياتى الزوجية معه، بعد أن عايرنى بفقري، وقلة حيلة والدي، أم أنسحب من حياته، قبل أن يطعنى مجددًا تحت سقف نفس المنزل، الذى يجمعنا مع والده، والذى أصبحت أكرهه هو الآخر، وتيقنتُ بأن ابنه صورة طبق الأصل له، فبماذا تنصحني!؟ إمضاء أ. ص
عزيزتى أ. ص تحية طيبة وبعد… كنت لا أتمنى بأى حال من الأحوال أن ينعطف بكم قطار الخلافات الزوجية، ليصل عند هذا الحد من الصدام، والتذكير بالعثرات الاجتماعية التى تطالنا جميعًا، وهذا المسار لا يمر به الحب أبدًا، حيث تمهد قيم فقط مثل العطاء ونكران الذات وتقديم التضحيات طرقاته وتؤمن استقراره.. وهذا ما يدفعنى للتأكيد على الملاحظة الأهم ذات الصلة، وهى أن والدك بارك الله فى عمره وصحته، لم يكن السبب الرئيسى فى الوصول لهذا الصدام - بل على العكس تمامًا - هو ككل أب حريص ألَّا تهتز ثقة أبنائه فيه، يحاول بأقصى طاقة جعلهم يشعرون بالأمان لوجوده فى دنياهم، يفكر فى تدبير أمورهم على الوجه الأكمل، ومما لا شك فيه أن الرجل كان على يقين بالرغبة الجارفة لشقيقتكم الوسطى، فى تكملة دراستها الجامعية، بعد أن تأهلت لإحدى كليات القمة - لكنه اضطر آسفًا لتصديق زوال رغبتها الوهمى فى تحقيق طموحها، لأنه يحتاج سعيها للعمل معه بشرف، دعمًا لباقى أفراد الأسرة، من جهه أخرى فإن ثقته التى خابت فى صديق عمره، والذى انتظر منه الحفاظ على سره حتى آخر العمر، لم يكن فى الحسبان، والأهم الآن عزيزتى هو التفكير بإيجابية فى خلق جو مناسب للحياة، بقيمتها الحقيقية ومتعها المشروعة،، على سبيل المثال أنتِ ذكرتِ بأن زوجك رجل طيب القلب وكريم، تلك الصفات تدل على أنه شريك يستحق التقدير، وتقوية جسور الثقة معه - ولا تنس التفكير فى أن هذا الخلاف الذى أوصله لذكر اتفاق زواجكما كان أساسه مدة زمنية للسداد وليست منحة لا ترد، وهذا ما يدعوكِ لتبسيط الأمور على نفسك بدلًا من تهويلها، وإذا نظرنا إلى نقطة أخرى جوهرية، ربما تُهدأ من روعتك تجاه حماكِ قليلًا، هى حتمية مشاركة أفراد أسرته فى بعض الأمور المصيرية، من بينها الاتفاق موضوع الخلاف بينكما، ذلك ليتحمل زوجك بعضًا من مسئولياته تجاه والده، لإنجاز مشروعه وإتمام زواجه فى ميعاده، بدلًا من تأخيره، كل تلك الأمور تحدث، ويشعر خلالها كاتم السر بحاجته لإشراك المقربين من أهله، لمساعدته بالرأى والنصيحة، فى النهاية أنصحكِ بعدم الاستسلام لوساوس الشيطان ومحاولاته المستمرة فى توطين الإحساس بالدونية وإضعاف الهمم داخلك، بسبب موقف أو ربما ذلة لسان غير مقصودة، ولا يصح بأى حال من الأحوال خسارة من تربطنا بهم علاقات أساسها المودة والرحمة، مثل الزواج، وكذلك وجود أطفال لا ذنب لها فى بداية حياة تدب فيها الصراعات والكآبة من حولهم بشكل مبالغ فيه. دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا أ. ص