يعيش العالم على صفيح ساخن وسط وجود مخاوف من اندلاع حرب شاملة فى أوروبا، فبينما تحشد روسيا جيشها العريض على الحدود الأوكرانية، يتخوف المراقبين من وقوع هجوم عسكرى روسي، واحتمالية رد أمريكى، باستخدام أسلحة متطورة وفتاكة. وارتفعت أسعار النفط أكثر من 2% بفعل مخاوف من أن إمدادات الخام قد تصبح أكثر شحا بسبب التوترات بين أوكرانياوروسيا بينما تجد مجموعة أوبك+ صعوبة فى تحقيق الزيادة الإنتاجية الشهرية التى تستهدفها. وقال الرئيس الأوكرانى إن الصراع العسكرى مع روسيا لن يشمل بلاده فحسب، وإنما سيؤدى إلى نشوب حرب شاملة فى أوروبا. وأضاف زيلينسكى خلال لقائه مع رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون فى كييف أنهما ناقشا خطوات لاحتواء روسيا، مشيرا إلى أنه لا يمكن لأحد التنبؤ بما سيحدث بعد ذلك فى المواجهة بين أوكرانياوروسيا. وقال زيلينسكى إن أوكرانيا تتخذ نهجا مسئولا تجاه اتفاق مينسك لوقف إطلاق النار بشأن إنهاء الحرب فى شرق أوكرانيا، لكنها تختلف مع روسيا حول كيفية تنفيذ الاتفاق. اجتماع مرتقب ل«أوبك بلس» ويترقب العالم اجتماع منظمة «أوبك بلس» الخاص بالدول المصدرة للنفط (أوبك) والدول الحليفة، لإصدار القرار بشأن كمية النفط التى يجب أن تغذى الاقتصاد العالمى بالتزامن مع مخاوف من تحرك عسكرى روسى وشيك ضد أوكرانيا. ويأتى هذا الاجتماع الحاسم ل«أوبك بلس» فى ظل اقتراب أسعار النفط الخام من أعلى مستوياتها فى 7 سنوات، وهو ما سيؤدى حتما إلى ارتفاع أسعار البنزين. ويقول محللون إن النتيجة المحتملة للاجتماع، الذى سيتم عبر الفيديو، ستكون الإبقاء على خطة تحالف «أوبك بلس»، المكون من 23 دولة لاستعادة الإنتاج التدريجى المتقطع خلال ذروة جائحة فيروس كورونا عام 2020، وفق ما أوردت وكالة «أسوشيتد برس». وهذا يعنى زيادة الإنتاج 400 ألف برميل يوميا كل شهر بداية من مارس المقبل. وسوف يدعم الالتزام بهذه الخطة أسعار النفط، حيث لم يتمكن العديد من أعضاء «أوبك»من تلبية حصتهم من الإنتاج. وتتردد أصداء ارتفاع أسعار النفط فى جميع أنحاء الاقتصاد العالمي، من حيث ارتفاع التضخم الاستهلاكى فى الولاياتالمتحدة وأوروبا، وارتفاع أسعار الوقود الأكثر تكلفة من أجل التدفئة، فضلا عن وقود الطائرات والسيارات. شبح الأزمة الأوكرانية يصعد بأسعار النفط وقالت لويز ديكسون، كبيرة محللى أسواق النفط لدى مؤسسة «ريستاد إنيرجي» الروسية لقياس أداء السوق، إن الزيادات الأخيرة فى الأسعار تغذيها التوترات فى أوروبا الشرقية. وأضافت: «قد يؤدى استمرار حالة عدم اليقين المحيطة بأزمة روسياوأوكرانيا إلى تهديد جزء كبير من تدفقات النفط الروسى فى حالة انهيار المحادثات الدبلوماسية، وبدء فرض عقوبات على صادرات الطاقة الروسية». وروسيا منتج رئيسى للنفط والغاز، ويعتقد بعض المحللين أن أى عقوبات ستفرضها الولاياتالمتحدة وأوروبا على روسيا ستسعى إلى تجنيب إمدادات الطاقة. من جانبه، يقول غارى بيتش، محلل إمدادات النفط فى شركة معلومات الطاقة «إنيرجى إنتليجنس»، إن دول «أوبك بلس» تبدو راضية تماما عن الأسواق مع تعافى أسعار النفط ووصولها إلى حوالى 90 دولارا للبرميل. ولم يتمكن بعض الدول الأعضاء فى أوبك، مثل نيجيريا وأنجولا، من زيادة الإنتاج بسبب تباطؤ الاستثمار النفطى. واتهم الرئيس الروسى فلاديمير بوتن، الغرب بمحاولة جر بلاده إلى الحرب وبتجاهل مخاوفها الأمنية المتعلقة بأوكرانيا، فيما تحدث نظيره الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى أن الصراع العسكرى مع روسيا لن يشمل كييف فحسب، وإنما سيؤدى إلى نشوب حرب شاملة فى أوروبا. حشد عسكرى روسى وحشدت روسيا ما يزيد على 100 ألف جندى بالقرب من حدود أوكرانيا، وتقول دول غربية إنها تخشى من أن بوتن ربما يخطط للغزو. وتنفى روسيا ذلك، لكنها قالت إنها ربما تخوض عملا عسكريا غير محدد ما لم تٌلب مطالبها الأمنية، وتقول دول غربية إن أى غزو سيتبعه فرض عقوبات على موسكو. وفى أول تصريحات مباشرة له عن الأزمة منذ ما يقرب من 6 أسابيع، لم يُظهر بوتن أى علامة على التراجع عن المطالب الأمنية، التى وصفها الغرب بأنها مستحيلة وبأنها ذريعة محتملة لغزو أوكرانيا، وهو ما تنفيه موسكو. وقال بوتن، خلال مؤتمر صحفى مع رئيس وزراء المجر الذى يزور بلاده، وهو واحد من عدة قادة لدول حلف شمال الأطلسى يحاولون الحوار معه فى ظل تفاقم الأزمة: «من الواضح الآن أنه تم تجاهل المخاوف الروسية الأساسية». وتحدث بوتن عن احتمال قبول أوكرانيا عضوا فى حلف شمال الأطلسى فى المستقبل ثم محاولة استعادة شبه جزيرة القرم التى ضمتها روسيا إليها فى عام 2014، قائلا: «دعونا نتخيل أن أوكرانيا عضو فى حلف شمال الأطلسى وتبدأ هذه العمليات العسكرية، هل من المفترض أن نخوض حربا مع الحلف؟ هل فكر أحد فى ذلك؟ يبدو أنه لا يوجد». وأوضح بوتن أن «واشنطن لا تهتم بأمن أوكرانيا، بل تريد احتواء روسيا وتستخدم أوكرانيا فى سبيل تحقيق ذلك، بهذا المعنى، فإن أوكرانيا نفسها هى مجرد أداة لتحقيق هذا الهدف». أمريكا تطالب روسيا بسحب قواتها وفى السياق، قال مسئول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية، إن الوزير أنتونى بلينكن أبلغ نظيره الروسى سيرجى لافروف فى اتصال هاتفى بأن على روسيا أن تسحب قواتها الآن من على حدود أوكرانيا إذا لم يكن فى نية موسكو غزو جارتها. وقال المسئول إن بلينكن ولافروف أجريا محادثة «صريحة للغاية»، لكن المسئول أضاف أنه لم تحدث انفراجة أو اتفاق خلال المحادثة، وأن واشنطن لم تر أى علامة على أرض الواقع لخفض محتمل فى التصعيد. وقال المسئول مشترطا عدم الكشف عن هويته: «نواصل سماع تلك التأكيدات على أن روسيا لا تنوى الغزو لكن المؤكد أن كل إجراء نراه يقول العكس مع استمرار حشد القوات وتحريك الأسلحة الثقيلة إلى الحدود». وأضاف المسئول «إذا كان الرئيس بوتن لا يريد حقا الحرب أو تغيير النظام فى أوكرانيا، بحسب ما قاله بلينكن للافروف، فإن الوقت الحالى هو وقت سحب القوات والأسلحة الثقيلة والدخول فى حوار جاد يمكن أن يحسن الأمن الجماعى الأوروبى». اختبار كبير للندن بعد بريكست قالت صحيفة «الجارديان» البريطانية فى تحليل لها تحت عنوان «أزمة أوكرانيا اختبار لا تجرؤ بريطانيا - وجونسون - على الفشل فيه»، إن المملكة المتحدة تعمل من خلال شبكة دبلوماسية بهدف إظهار أنها لا تزال قوى عالمية ذات صلة. وأضافت فى تحليل لباتريك وينتور، أن التهديد الروسى لأوكرانيا هو أول أزمة سياسية خارجية كبرى منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، حيث يمكن للمملكة المتحدة أن تستغل نقاط قوتها، ويظهر أن بريطانيا بقوتها العسكرية لا تتحول إلى قوى ليست ذات صلة بالأحداث العالمية الكبرى كما توقع الكثيرون. وأوضح التحليل أن ملف السياسة الخارجية العالمية شهد فى الآونة الأخيرة لحظات كبيرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى مثل الانسحاب من أفغانستان، والإعلان عن شراكة «أوكوس» الأمنية فى المحيطين الهندى والهادئ، ومع ذلك لم تكن بريطانيا فى قمرة القيادة بالطريقة نفسها. وغادرت المملكة المتحدةأفغانستان تحت الإكراه الأمريكى، ثم نفذت هذا الانسحاب بطريقة فوضوية لدرجة أنه كلف دومينيك راب منصب وزير الخارجية. أما صفقة «أوكوس» فكانت إلى حد كبير صفقة أمريكية أسترالية، حتى لو وضعت المملكة المتحدة فى دور قيادى محتمل فى المحيطين الهندى والهادئ فى المستقبل. لكن أزمة أوكرانيا هى اختبار مختلف – يضيف الكاتب - وهو اختبار لا تجرؤ الشبكة الدبلوماسية الواسعة للمملكة المتحدة على الفشل فيه إذا كانت تريد أن تثبت أن المملكة المتحدة اكتسبت مرونة جديدة فى السياسة الخارجية خارج كتلة الاتحاد الأوروبى. وعلى المستوى الشخصى، يأمل بوريس جونسون أيضًا أن تكون أوكرانيا بمثابة لحظة حاسمة ليثبت لنوابه المتشككين أنه قادر على إظهار حنكة الدولة، وبشكل أكثر تشاؤمًا، لفضح وسائل الإعلام لإنهاء «هواجسها التافهة» ب«حفلات داونينج ستريت».