سيارة صينية تثير الرعب في أمريكا.. ما القصة؟    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي شمال الضفة الغربية    أوستن يؤكد لنظيره الإسرائيلي ضرورة حماية المدنيين قبل أي عملية في رفح    المدنيون في خاركيف يعانون والناتو لا يتوقع حدوث اختراق روسي استراتيجي    وسام أبوعلي يعلن التحدي.. ويؤكد: اللعب للأهلي شرف كبير    طلعت يوسف: قدمنا 70% فقط من مستوى مودرن فيوتشر أمام إنبي    حسن مصطفى: مواجهة الأهلي والترجي تختلف عن الموسم الماضي.. وكولر اكتسب خبرات كبيرة في افريقيا    بركات: الأهلي أفضل فنيا من الترجي.. والخطيب أسطورة    عاجل - "موجة حار نار".. كواليس حالة الطقس ودرجات الحرارة اليوم في محافظة السويس    تعليم المنوفية تحسم مصير الطالبة المتهمة بمحاولة تسريب مادة الجبر من دخول الامتحانات    قبل ساعات من الافتتاح.. تفاصيل مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    لبلبة: عادل إمام أحلى إنسان في حياتي (فيديو)    كيفية معالجة الشجار بين الاطفال بحكمة    من أجل بطاقة السوبر.. ماذا يحتاج برشلونة لضمان وصافة الدوري الإسباني؟    شبانة يهاجم اتحاد الكرة: «بيستغفلنا وعايز يدي الدوري ل بيراميدز»    أحمد سليمان يكشف عن مفاجأة الزمالك أمام نهضة بركان    هل يشارك لاعب الزمالك في نهائي الكونفدرالية بعد وفاة والده؟    الاحتلال يواصل إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم (فيديو)    أسعار الدواجن والبيض اليوم الجمعة 17 مايو 2024 بالبورصة والأسواق بعد آخر ارتفاع    الذكاء الاصطناعى.. ثورة تكنولوجية في أيدى المجرمين الجدد    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    بعد قفزة مفاجئة.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الجمعة 17 مايو 2024 بالصاغة    يوسف زيدان يفجر مفاجأة بشأن "تكوين": هناك خلافات بين الأعضاء    تحرك جديد.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 17 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    يوسف زيدان يهاجم داعية يروج لزواج القاصرات باسم الدين: «عايزنها ظلمة»    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    فصائل عراقية تعلن استهدف موقع إسرائيلي حيوي في إيلات بواسطة الطيران المسير    «واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» .. موضوع خطبة اليوم الجمعة    محافظ جنوب سيناء ووزيرة البيئة يوقعان بروتوكول أعمال تطوير مدخل منطقة أبو جالوم بنويبع    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    أحمد السقا يكشف عن مفاجأة لأول مرة: "عندي أخت بالتبني اسمها ندى"    شريف الشوباشي: أرفض الدولة الدينية والخلافة الإسلامية    بعد اختفائه 12 يومًا.. العثور على جثة الطفل أدهم في بالوعة صرف بالإسكندرية    محافظ الغربية: تقديم الخدمات الطبية اللائقة للمرضى في مستشفيات المحافظة    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    ماذا قالت نهاد أبو القمصان عن واقعة فتاة التجمع وسائق أوبر ؟    قوات الإنقاذ تنتشل جثة مواطن سقط في مياه البحر بالإسكندرية    كارثة تهدد السودان بسبب سد النهضة.. تفاصيل    تركيب المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلي بمفاعل محطة الضبعة النووية    الدراسة بجامعة القاهرة والشهادة من هامبورج.. تفاصيل ماجستير القانون والاقتصاد بالمنطقة العربية    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    شروط الحصول على المعاش المبكر للمتقاعدين 2024    عاجل - واشنطن: مقترح القمة العربية قد يضر بجهود هزيمة حماس    براميل متفجرة.. صحفية فلسطينية تكشف جرائم إسرائيل في غزة    ورشة عمل إقليمية تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي مدخلاً لإعادة هندسة منظومة التعليم»    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    كلمت طليقى من وراء زوجي.. هل علي ذنب؟ أمين الفتوى يجيب    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 17 مايو 2024    كمال الدين رضا يكتب: الكشرى والبط    الوادى الجديد: استمرار رفع درجة الاستعداد جراء عواصف ترابية شديدة    بعد عرضه في «كان» السينمائي.. ردود فعل متباينة لفيلم «Megalopolis»    كاميرا ممتازة وتصميم جذاب.. Oppo Find X7 Ultra    الأمير تركي بن طلال يرعى حفل تخريج 11 ألف طالب وطالبة من جامعة الملك خالد    طريقة عمل بيكاتا بالشامبينيون: وصفة شهية لوجبة لذيذة    للحفاظ على مينا الأسنان.. تجنب تناول هذه الفواكه والعصائر    تنظم مستويات السكر وتدعم صحة العظام.. أبرز فوائد بذور البطيخ وطريقة تحميصها    لا عملتها ولا بحبها ولن نقترب من الفكر الديني.. يوسف زيدان يكشف سر رفضه «مناظرة بحيري ورشدي»    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لغة الجينات 72
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 27 - 09 - 2021

سلوكيات الإنسان فى الغالب ليست ثابتة، فهى تتغير حسب مراحل العمر، يتحكم فى هذه التغيرات الجينات الأصلية والجينات الخبيثة.
«صاحب الجينات الأصلية» قد يبدو فى الظاهر فى مرحلة ما أو وقت معين لا يسير خلف النور بداخله.. لكن فى الباطن تأتيه نقطة تحول.. بعدها يختلف تمامًا فى سلوكه وطباعه. «نقطة التحول» تغير حياة صاحب الجينات الأصلية كلها.. تقلبها رأسًا على عقب.. هذه النقطة قد تكون جملة أو كتابًا أو منظرًا إنسانيًا أو حتى شجارًا عائليًا أو مشهدًا تليفزيونيًا أو ذكريات من الماضى أو بيتًا شعريًا أو تأنيب الضمير.
«نقطة التحول « نفسها تأتى لصاحب الجينات الخبيثة.. لكنه يخاف منها.. يخشى فقدان مكاسبه فيتجاهلها ويهرب منها.. هذه النقطة تظل تطارده ليل نهار.. فى الظاهر تراه هادئًا ساكنًا وفى الباطن متوترًا عصبيًا.. يمارس هوايته المفضلة فى النفاق والحقد.. يعيش ذليلاً إلى النهاية.
الشاعر الكبير «إبراهيم ناجى» واحد من أصحاب الجينات الأصلية ممن وهبوا حياتهم للنور بداخلهم.. واحد ممن جاءتهم نقطة التحول فصمد.. وانتصر لأخلاقه وثقافته وعزة نفسه فلم يطأطأ رأسه ولم ينحن.
فى الظاهر شاعر كبير تغنت له أم كلثوم بالأطلال.. وظل أحد أهم رموز الغناء المصرى فى عصره الذهبى، وفى الباطن مرهف الحس مات كمدًا بسبب أصحاب الجينات الخبيثة الذين وشوا به بعد ثورة 1952 ليعيش مأساة حقيقية وأوجاعًا انتهت بإدراج اسمه فى قوائم التطهير لتزداد مأساته وتستمر حتى موته كمدًا.
وترتب على قائمة التطهير أن فصل الدكتور «ناجى» من عمله كمدير للإدارة الطبية بوزارة الأوقاف وأصبح - فى عرف الدولة الجديدة - شخصًا يستحق التطهير فقد كان فى الظاهر معاديًا لها وللثورة أو هكذا اتهموه.. وفى الباطن الدكتور ناجى لم تكن له أى اهتمامات سياسية ولا كان من أركان الإذاعة ولم يعمل بها.
أصحاب الجينات الخبيثة ممن وشوا بالدكتور إبراهيم ناجى فى الظاهر تصرفوا بجهل شديد وخلطوا بينه وبين الشاعر محمود حسن إسماعيل، لأنه صاحب ديوان «الملك» وهو نفسه كان من أركان الإذاعة المصرية وقتها.. وفى الباطن بسبب هذا الخلط المقصود جهلا، أصيب الشاعر الرقيق إبراهيم ناجى فى مقتل دون أن يكون له أى ذنب.
«ناجى « فى الظاهر ابتسم بسخرية من هذا الظلم البيّن ومن قرار فصله من عمله، وفى الباطن وهب حياته للفقراء.. افتتح عيادته فى شبرا ليعالج الفقراء مجانًا ويمنحهم ثمن العلاج.. لكنه لم ينسى أبدا الظلم فأصيب باكتئاب لازمه إلى آخر يوم من وفاته، وظل لآخر يوم فى عمره يسأل وما ذنبى حتى يوضع اسمى فى قائمة التطهير دون أى مسببات أعاقب بفضلها؟!
«إبراهيم ناجى» تعرض للظلم حتى بعد وفاته 1953.. فى الظاهر قررت الدولة أن تطبع المجموعة الكاملة لشعره، وهنا تصدى الشاعر صالح جودت مع زميلين هما أحمد رامى ومحمد ناجى «شقيق الشاعر وكان ضريرًا» وأحمد عبدالمقصود هيكل بوصفه ناقدًا، وأصدروا ما وصفوه بأنه المجموعة الشعرية الكاملة لناجى.
وفى الباطن كان صدور هذه المجموعة فضيحة مجلجلة، فقد ضمت ديوانًا كاملًا للشاعر كمال نشأت وبعض قصائد لشعراء آخرين، عدا أنها خلت من كثير من شعر ناجى.. وتسببت هذه الفضيحة فى دعوى عرضت على المحاكم وانتهت بمصادرة الديوان المعيب.
«نقطة التحول» فى حياة الدكتور إبراهيم ناجى رغم قسوتها فى الظاهر إلا أنها فى الباطن كانت الدافع الحقيقى للمزيد من الأشعار الجميلة.. الدافع للمزيد من مساعدة الناس والتفرغ لعلاجهم ومساعدتهم.
أعلم أن تلك اللحظة التى تصنع فارقًا فى حياتك قادمة آجلًا أم عاجلاً، فى الظاهر قد تكون مؤلمة.. لكنها فى الباطن ستعيد تشكيل حياتك من جديد، تعيد صنعك أنت نفسك، بها تكتشف ذاتك الحقيقية، تكتشف الكثير الذى لم تكن تنتبه إليه من قبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.