استيقظنا جميعا على خبر موجع وهو خبر وفاة الكاتب الكبير جلال عامر فجر اليوم الأحد، عن عمر يناهز الستين عامًا، بأحد مستشفيات الإسكندرية، بعد إصابته بأزمة قلبية يوم الجمعة الماضى أثناء مشاركته فى مظاهرة بالإسكندرية بمنطقة السيالة، التى شهدت بعض الاشتباكات بين مؤيدى المجلس العسكرى وعدد من المتظاهرين، ويقول رامى نجل الفقيد انه اثناء نقل والده إلى المستشفى، ظل يتمتم ببعض العبارات لم يفهم منها رامى سوى «المصريين بيقتلوا بعض». جلال عامر يعد أحد صاحب مدرسة فى الكتابة الساخرة التي تعتمد على التداعى الحر للأفكار والتكثيف، تخرج فى الكلية الحربية، وكان أحد ضباط حرب أكتوبر، وشارك فى تحرير مدينة القنطرة شرق، درس القانون فى كلية الحقوق والفلسفة فى كلية الآداب. نُشِرت مقالاته فى عدة صحف، وكان له عمود يومى تحت عنوان «تخاريف» فى جريدة «المصرى اليوم»، كما كتب فى جريدة الأهالى و الدستور والبديل ومن أهم مؤلفاته كتاب (مصر على كف عفريت) وفى هذا الكتاب يقول عم جلال ان الهدف من هذا الكتاب هو بحث حالة وطن كان يملك غطاء ذهب فأصبح من دون غطاء بلاعة. فقد بدأت مصر بحفظ الموتى، وانتهت بحفظ الأناشيد، لأن كل مسئول يتولى منصبه يقسم بأنّه سوف يسهر على راحة الشعب، من دون أن يحدد أين سيسهر وللساعة كام؟ فى مصر لا يمشى الحاكم بأمر الدستور، بل بأمر الدكتور، ولم يعد أحد فى مصر يستحق أن نحمله على أكتافنا إلا أنبوبة البوتاجاز، فهل مصر فى يد أمينة أم فى إصبع أمريكا أم على كف عفريت»، اما أشهر ما قاله عامر انه خاض ثلاث حروب ضد إسرائيل عندما كان ضابطاً بالجيش، لكنّه يخوض الآن «حرب الثلاث وجبات». إذ يخرج المواطن لشراء الخبز وقد يعود أو لا يعود بعد معركة الطوابير، وعن وصفه لزيارة الرئيس مبارك إلى قبر جمال عبد الناصر. وهى الزيارة السنوية التى يحرص عليها، متخيلاً ما الذى يمكن أن يقوله أمام قبر عبد الناصر: «طبعاً إنتَ عارف أنا لا عايز أزورك ولا أشوفك بس هى تحكمات السياسة اللعينة. حد يا راجل يعادى أمريكا؟ ويحارب المستثمرين. على العموم ارتاح. أنا بعت كل المصانع اللى انت عملتها، والعمال إللى انت مصدعنا بيهم أهم متلقحين على القهاوي». كتب عامر الكثير من الوصايا فى حال موته وكانت آخر وصية له هى التبرع بقرنية عينه لمصابى الثورة. حقا اننا لا نملك سوى البكاء اليوم على من اضحكنا لسنوات بكلماته الساخرة. رحم الله أستاذنا الكبير وادخله فسيح جناته.