خارج وعلمى فى إيدى.. كلى حماس وأمل فى بكرة.. راجع ملفوف فى كفن لون قلبى وأبويا بيبكى بحرقة.. وبيسأل ليه.. وإيه السبب.. السبب قسوة أمى.. لغاية امتى هتفضلى قاسية كده؟ الأولة آه غرقت فى موجك.. والتانية آه قتلنى الجمل على أرضك لما طلبت العيش.. والتالتة آه خنقنى السم وكتم أنفاسى وراحت عينى لما قلت عايز حرية.. والرابعة آه اتعرت أختى لما قلت نفسى أحس بالكرامة الإنسانية.. والخامسة آه مات ولادك غدر على أرض البواسل. لغاية امتى هتفضلى يا مصر قاسية على ولادك.. وكل ذنبهم إنهم حبوكى بجد..كفاية كده.. دم ولادك مش لازم يضيع. وحيد والديه «عمر محسن» يتساءل والده:بأى ذنب قتل؟ عندما يموت هؤلاء الشباب اجمل ما فى مصر غدراً يجب ان تسقط الكلمات التى حتماً ستعجز عن وصف ألم يعتصر قلب أم على اغلى ما لديها أو الحزن الذى يطوق الاهل والاصدقاء وحتى من لم يعرفوهم من قبل..لكن ستبقى صورهم وابتساماتهم البريئة التى يخفون وراءها سؤالاً بأى ذنب قتلنا؟ محفورة فى اذهاننا حتى لا ننسى حقهم الذى لن يأتى الا بالقصاص وتطبيق عدل الله على الارض لتطمئن قلوبهم بأنهم ماتوا فداءً لوطن افضل عرف معنى الحرية التى نادوا بها فى الميادين . الشهيد «عمر محسن» 23 عاماً لم يكن يغيب يوماً عن تشجيع فريقه ومتابعة لعبته المفضلة فهو لا يعرف ان الغدر واستباحة دماء المصريين يمكن ان يصلا الى هذا الحد، فراح ضحية مشاهدة مباراة كرة قدم ليترك والديه يعيشان فى حسرة وألم فهو الابن الوحيد لهما الذى كانا ينتظران تخرجه فى قسم الاقتصاد بالجامعة الامريكية بعد ايام قليلة ليبدأ صفحة جديدة فى حياته «لتطوير البيزنس فى مصر».. كما كان يحلم . كل من يعرفه اكدوا انه دمث الخلق يعرف الحق ويدافع عنه بكل شجاعة فقد خرج يوم 25 يناير العام الماضى ليهتف بالعدالة والحرية التى دفع ثمنها بروحه الطاهرة. وقد اشاد زملاؤه بالجامعة بأخلاقه وحسن طباعه عبر البيان الذى اصدروه بعد هذه الكارثة المفجعة واكدوا من خلاله ان الطالب الشهيد أحد خيرة شباب الجامعة والذى قُتل بغير ذنب وبغير حق واعلنوا الحداد اليوم داخل الجامعة وتم تعليق جميع المحاضرات لتأبين شهداء هذه المجزرة. وقد شيعه الاصدقاء فى جنازة مهيبة وقفت فيها الام صامدة ووجهها يملؤه النور والصبر الذى انزله الله عليها وهى تودع ابنها وصديق عمرها بينما كان اصدقاؤه يحاولون التماسك ووسط الدموع وفاجعة الحدث طالبوا بالقصاص العادل حتى لا يضيع دم عمر ومن ماتوا . وأخذ صديقه مصطفى يرثيه قائلاً: «لقد تعلمت منه طيبة القلب والتسامح وحب الناس جميعاً». أنس: أتمنى أن أسمع خبر وفاتى وأنا حى كى أرى العيون التى ستبكى على غريب هو عالم الأطفال لهو وعبث وابتسامة ينثرونها فوق مرارة الأيام فتلون أحلامنا وأيامنا وتضفى عليها مذاقًا خاصًا بنكهة الحب.. إنه عالم أنس ومن هم فى مثل عمره، براءة بلا حدود أبى عالمنا إلا أن يترك عليها أثره فأطفالنا أجساد صغيرة وحكمة شيخ هرم يعلو صوته بالضحك وفى عينيه مايكفى لملء الأرض ببحور من البكاء وقلب فى حجم قبضة اليد يحوى الدنيا بين شرايينه. أنس محيى الدين طفل لم يتجاوز ال15 عاما كتب على حسابه الخاص على الفيس بوك قبل شهر من وفاته «كم أتمنى أن أسمع خبر وفاتى وأنا حى كى أرى العيون التى ستبكى على».. الجملة أثارت شجون أصدقائه بشدة وعلق احدهم « صعب قوى تدخل على بروفايل واحد صاحبك وتكتب: الله يرحمك ياصاحبى كنت جنبه اثناء الموت واختاره هو وسابك أنت فى انتظار دورك». تلك هى الحالة التى أصبح عليها أصدقاء أنس من بعد مجزرة استاد بورسعيد ورحيل صديقهم بعضهم قاطع الفيس بوك وبعضهم أخذ على عاتقه مهمة نفى كل ماتردده وسائل الإعلام من قصص حول موت صديقهم، فقد نشر أحد مستخدمى الفيس بوك « وصية تحمل اسم أنس يقول فيها» ان يتم لفه بعلم مصر «أن تشيع جنازته من ميدان التحرير» أن يتم التبرع بقرنيته إلى مصابى الثورة «، ثم جاء أحد أقاربه فنفى أن يكون ترك آنس وصية وعلق عليها أكيد اللى عملها كان قصده كشف روح أنس الطيب الله يرحمه، فأنس كان الوجه الملائكى لأفراد الألتراس وكان صاحب اجمل ضحكة فالأستاد كله مات جسدك يا انس وعادت روحك لبارئها ولكن خلدت سيرتك يا شهيد الحرية وستظل رمزا يجمع بين الطفولة والرجولة والأمل الملائكى». «مصطفى عصام» نجا من الموت فى موقعة الجمل «قالوا قد ايه بتهواه.. قلتلهم الاهلى مش نادى.. ده حياة دايما فى قلبى وعمرى ما بنساه.. اديلوا حياتى وروحى وعمرى فداه» هذه هى العبارة التى اختارها الشهيد مصطفى عصام لتعبر عن نفسه عبر حسابه على موقع الفيس بوك حيث كتب كلمة «أهلاوى» لتكون تالية لاسمه ووصف نفسه بأنه «بنى ادم مصرى»، والذى أصبحت صورته عاملاً مشتركاً بين أصدقائه الذين عم الحزن قلوبهم فالأمل الذى اعتادوا أن يروه فى أعين مصطفى خطفه الموت والسبب أنه ذهب كعادته لتشجيع ناديه المفضل.. كان مصطفى رحمه الله محبا للحياة فهو مصدر لإشاعة روح التفاؤل لكل من حوله فقد عرف دوما بروحه الطيبة وخفة دمه التى لم تتسبب فى ضيق أى أحد منه بل على العكس كان يحصد المحبين دائما بأخلاقه وسماته الطيبة فهو حافظ للقرآن، فلم يغب عنه العمل التطوعى رغم انشغاله بالدراسة فى السنة الأولى بكلية الهندسة إلا أنه لم ينس يوما حق بلده عليه، وفى 25 يناير العام الماضى خرج ليطالب بالحرية مع أصدقائه الذين جمعهم نفس الهدف ونفس الحلم. نجا من موقعة الجمل ومات فى الاستاد الشهيد مصطفى عصام كان قبل ساعات يقف وسط اصدقائه يملأ قلبه الحماس ويرج ارجاء الاستاد هتافاً لناديه قبل أن يتحول المكان الى مقبرة حفرها الظالمون لكل من نادوا بالعدل وهنا توقف الحلم الذى رسمه مصطفى لنفسه بأن يصبح مهندساً ناجحاً يعيش فى وطن حر تسوده العدالة الاجتماعية ويتساوى فيه الجميع. ويتساءل والده قائلاً: « ابنى نزل موقعة الجمل ورجع سليم ينزل ماتش كورة يرجعلى ميت.. ليه؟» سؤال لن يغيب عن ذهنه حتى يعلم القاتل الحقيقى لابنه ويرى القصاص بعينه. عمل خيرى يحمل اسمه وفى يوم عزاء مصطفى مساء أمس اتفق أصدقاؤه على التجمع من أجل القيام بعمل خيرى يهدون ثوابه لروح الشهيد، ويقول «صلاح الهوارى»-طالب بكلية التجارة بجامعة الزقازيق إنه جمعه صداقة مصطفى قبل ثلاثة أعوام حبهم المشترك لبرنامج «على القهوة» بإذاعة نجوم Fm ثم التقاه بعدها فى حملة «والله بعودة» لتوزيع الشنط الرمضانية على المحتاجين،كما رافقه فى حملة «احنا مصر» لزيارة مستشفى سرطان الأطفال.. يكمل صلاح حديثه وهو فى حالة دهشة فقد جاء من محافظة الشرقية لزيارة القاهرة وعندما مر بالقرب من منزل مصطفى اتصل به عدة مرات لكن تليفونه أشار بعبارة «خطأ فى الاتصال» إلا أنه لم يهدأ وبادر بالاتصال ببعض أصدقاء مصطفى والذين أعطوه نفس الإجابة وفى نهاية اليوم بعد عودته لمنزله فتح الإنترنت ليجد الخبر الذى أفزعه بشدة ولم يكد يصدقه اتصل بعدد من أصدقائه والذين أكدوا له الخبر المحزن فحاول الاتصال بوالده إلا أنه لم يتمكن من الوصول إليه. أصدقاء حامد: «دمه مش هايروح هدر» «تشجيع من نار 4 سنين أحرار».. هو الشعار القديم للألتراس وبعد أربعاء بورسعيد الأسود تحول الشعار إلى رسالة فى وداع الشهداء «جاى من بعيد حالف مايمشى لسه ماخفشى قلبه حديد وبألف إيد ويعلو صوته رايح لموته يموت شهيد». حامد فتحى 20 سنة وقف أصدقاؤه يتلقون العزاء وأجسامهم تنتحب من البكاء وينبهون المعزين بعدم الحديث مع والده ويقول احدهم بصوت مختنق والد حامد رجل تجاوز الستين وكان يعده صديقا وسنداً له ولشقيقته من بعده وها هو الرجل المسن يقف يتلقى فيه العزاء.. حامد لم يقتل، حامد مات شهيداً ولن نترك حق الدم. أما شقيقة حامد فتقول كان سعيداً عندما ودعته قبل سفره لتشجيع ناديه المفضل عاد إلىَّ جثة .. وعندما بدأت فى تفحصه سمحوا لى برؤية جبهته وعينيه التى لم تخل من آثار الكدمات لم تكن آثار ضرب عادية «ده كان ضرب افترا» مع الأسف المسئولين يصلون إلى مكان الحادث بعد وقوع الجريمة وإكتمالها هذا مع أعتدناه ولكن أن يكون هناك أمن بالفعل داخل الاستاد ويغض بصره عن الحادث بحجة أن تدخله يعنى إثارة الجمهور هو أمر غير مقبول وغير مفهوم .. أن يستمتعوا بدور المشاهدين وأبناؤنا يقذفون من مدرجات الاستاد كالدمى والعرائس ولا أحد يمنع المجرمين ... أليس لديهم أطفال وأبناء يخافون عليهم فيعتبرون.