التحية وكل التقدير لبريد روزا.. أما بعد أنا فتاة من صعيد مصر أبلغ من العمر 22 عامًا، كنت أعيش فى أحضان أسرتى الصغيرة المكونة من أبى وأمى بالإضافة لى، فأنا ابنتهم الوحيدة. بعد وفاة والدى وأنا فى الثانية عشرة من عمرى تكفلت والدتى بتربيتى حتى تخرجت في الجامعة، هى تعمل موظفة بإحدى الهيئات الحكومية وبكل تأكيد تبذل قصارى جهدها لتجعلنى سعيدة، وأنا أيضًا أعرف قيمتها جيدًا فى حياتى، لكننى لاحظت فى الفترة الأخيرة تغيرها - ليس تغيرًا فى علاقتها بى بل فى عاداتها الاجتماعية، لم تكن تميل إلى مهاتفة أحد لساعات كما أصبحت تفعل الآن وتغلق على نفسها باب غرفتها، عندما أسألها عن المتحدث تقول بأنها زميلتها فى العمل تحكى لها أمور حياتها ومشاكلها مع زوجها، كنت أصدق هذا الكلام حتى غلبتنى فِترتى لأن إحساس الأنثى بالأنثى لا يخيب، ربما كان تصرفى خاطئًا حينها سيدى الفاضل لكننى لم أجد مهربًا من سؤال يراودنى بإلحاح وهو: من هذا الرجل وإلى أى مدى وصلت علاقته بأمى، فوجدتنى لا إراديًا أندفع للتفتيش عن المجهول بهاتفها المحمول وإذ بالمفاجأة الكبرى - أمى تحب زميلًا لها بالعمل وتخطط للزواج منه لكننى أنا العائق الوحيد أمامها طالما لم أتزوج حتى الآن، وبرغم تقدم خطاب كثيرون لى لكننى لم أجدهم مناسبين، وهذا بالطبع ليس معناه أن تجبرنى هى على الزواج من ابن زميلها بالعمل لمجرد التخلص من مسئوليتى وبدء حياة جديدة تروق لها مع والده، فأنا لم أتخيل منها أن تبحث يومًا عن بديل أبى بعد وفاته لأن حبهما الكبير وبكاءها المستمر على فراقه كاد يفقدها بصرها بعد وفاته، أهكذا يا أمى بعد أن صبرتى لسنوات حتى رزقك الله بى يكون تخلصك منى هو أكبر هاجس يؤرق حياتك كلها - لا أجد تفسيرًا لموقفك حقًا!!؟، الآن أستاذ أحمد اضطررت للمواجهة معها بعد أن نقلت لى رغبة ابن زميلها للزواج منى. وبرغم أنه شاب مهذب وراق ومناسب - إلا أننى رفضته بشكل قاطع أمامهم جميعًا، لا لشيء سوى ضيقى من شعورى بأننى كضحية تقدم قربانًا لإتمام زواج والدتى ولحزنى الشديد على نسيان أمى إخلاصها لأبى وسعيها لأن تنعم بحياة زوجية جديدة فى أحضان رجل غريب، كل ما سبق دفعنى للتظاهر أمامهم بأننى أرفض الزواج من هذا الشاب لعدم التوافق بيننا، وبعد خروج الضيوف سألتنى أمى عن سبب منطقى للرفض وهل هناك شخص آخر فى حياتى، فأجبتها بأنه إذا حدث ذلك سأخبرها على الفور بدلاً من الحديث إليه تليفونيًا فى الخفاء كما تفعل هى مع أبيه - فصفعتنى على وجهى وبدأت تعدد صبرها من أجلى كثيرًا وبأنها لم تُغضب الله يومًا لكنها تفكر فقط فى المصلحة المزدوجة لى ولها، منذ تلك اللحظة وهى تعانى من اكتئاب شديد ولا تتحدث معى، كما حصلت على إجازة من العمل وأكدت لى أنها لغت فكرة الزواج، وأصبحنا نعيش حياة كئيبة تحت سقف بيت واحد.. فماذ أفعل!؟ إمضاء ع. ى
عزيزتى ع. ى تحية طيبة وبعد… عندما قررتِ التفتيش فى أسرار والدتك والإطلاع على رسائل هاتفها بسبب إحساسك الذى وصفتيه بأنه فِترة الأنثى التى تشعر بها ولا تخطئها أنثى مثلها، وبأن هناك رجل فى حياتها تريدين التفتيش عنه - فلماذا تغافلتِ إذا عن نفس المنطق الذى يجيز ويعترف بأحقيتها فى أن تعيش حياة جديدة مع رجل آخر بعد وفاة زوجها، الإجابة على السؤال السابق هى بنعم، لأنها فِترة إنسانية تميل خلالها حواء للإستقرار الإجتماعى مع رجل يبدد وحدتها ويرعاها، ووالدتك إنسانة لها مشاعرها فلا يجب أن تعيش ما تبقى من حياتها تبكى رحيل زوجها وتتناسى أحقيتها فى التغلب على إحساسها بالعوز الفطرى بعد فقدها لوالد ابنتها، ومما لا شك فيه ان تلك الزاوية تحديدا من مشكلتك هى أساس متين أبنى عليه نصيحتى للمجتمع بصفة عامة من أجل الإعتراف يقيناً بأحقية السيدة المطلقة أو الأرملة فى الزواج الثانى إذا توفرت لها الفرصة المناسبة لتحقيقه، ذلك تماما ما ينطبق على والدتك بعد وفاة أبيك وإمكانية ارتباطها إذا تحققت المعادلة الصعبة - وهى الإطمئنان على مستقبلك قبل بناء مشروع زواج جديد، وهذا بالضبط ما وصلتى إليه أنت بعد اطلاعك غير المشروع على رسائل والدتك مع هذا الرجل، وتأكدك بأنها حريصة أولاً على الإطمئنان عليك فى بيت زوج مناسب، ولا تقدم زواجك قربانا كما تعتقدين لراحتها وسعادتها - أو أى زوج يخلصها من مسئوليتها تجاهك - بدليل أنك رفضتى الكثيرين ممن كانوا غير مناسبين لك من وجهة نظرك دون ضغط منها، هى فقط سألتك عن سبب رفضك لهذا الشاب ابن زميلها وكانت لا تستحق تلك الصفعة من ابنتها الوحيدة والتهكم عليها وإلصاق التهم المستترة بعدم الإنضباط الأخلاقى وإخفاء حديثها مع زميلها، هى فقط كانت تخشى من ظنك بأنك حجر عثرة فى طريقها كما تظنين الآن ظلمًا وبهتانا، لذا أنصحك صغيرتى بطلب العفو منها وصفحها عن أخطاءك السابقة فى حقها، إعطى لنفسك فرصة بالتعرف أكثر على هذا الشاب الذى تقدم لخطبتك وتؤكدين بأنه مهذب ومناسب، ولا تحكمى عليه بشيطان العند الذى يسيطر على أفكارك ويجعلك تتخلصين منه ومن غيره للإستمرار بتلك الدائرة المغلقة من عدم الإستقرار الإجتماعى والنفسى فى حياتك، واعلمى بأنك سواء وافقتى عليه أو على غيره - لا يجب أن تفقدين الثقة فى الأم التى وصت عليها جميع الأديان السماوية وعلى كيانها المقدس، تلك الجوهرة التى لا مثيل لها - لا تفقدى بريقها بردود أفعالك المتسرعة وغير المسئولة وكونى لها سندا وعونا تملكين الدنيا بأسرها، يقول الله تعالى فى سورة لقمان - بسم الله الرحمن الرحيم «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِى عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِى وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ» صدق الله العظيم. دمتِ سعيدة وموفقة دائما ع. ى