بقلم: توماس فريدمان حصلت جماعة الإخوان المسلمون وحزب النور السلفى -الأكثر تشددا- على أكثر من 60% من مقاعد البرلمان فى بعد أن أجريت الانتخابات البرلمانية المصرية ، ونحن الان على وشك اختبار فريد من نوعه فى الشرق الأوسط.. ماذا يحدث عندما يتصارع الإسلام السياسى مع الحداثة والعولمة من دون النفط؟ لقد هيمنت الحركات الإسلامية منذ فترة طويلة على إيران والمملكة العربية السعودية. وكان كل من آيات الله فى إيران والسلفيين الوهابيين فى المملكة العربية السعودية، قادرين على المواكبة بين عقيدتهم والحداثة، ربما لأن النفط قادر على شراء أى تناقضات.. السعودية يمكنها أن تواصل فرض القيود على النساء والعادات والتقاليد الصارمة على البنوك والمجتمع والمدارس.كما يمكن لرجال الدين فى إيران رفض العالم ومتابعة البرامج النووية وفرض القيود السياسية والدينية الثقيلة. البلدان مازال بإمكانهما تحسين مستويات المعيشة لشعوبهما وذلك لأن لديهما النفط. أما فى مصر ، فالأحزاب الإسلامية لا تملك هذا الترف، لذلك فإنها ستضطر إلى الانفتاح على العالم، ويبدو أنها شرعت بالفعل فى تحقيق ذلك. وتعد مصر مستوردًا للنفط. كما أنها تستورد 40 % من احتياجاتها الغذائية. وتشكل السياحة جزءًا كبيرًا من إجمالى ناتجها المحلى.. ومع تفشى البطالة وتآكل الجنيه المصري، سوف تحتاج مصر المساعدة من صندوق النقد الدولي، وإدخال مقادير كبيرة من الاستثمارات الأجنبية وتحديث مجال التعليم لتوفير فرص عمل للشباب الذين نظموا كل ذلك التمرد العام الماضي. مصر فى حاجة إلى أن تكون متكاملة مع العالم. جماعة الإخوان المسلمون التى تسمى حزبها «الحرية والعدالة»، توجه الكثير من الدعم للطبقات الوسطى والشركات الصغيرة، كما يهيمن السلفيون عن طريق الشيوخ على الفقراء فى المناطق الريفية والحضرية الفقيرة. وقد اخبرنى عصام العريان، نائب رئيس حزب الإخوان المسلمين: «نحن نأمل أن نتمكن من جذب السلفيين -لا أن يقوموا هم بجذبنا– وفى النهاية يخدم كل منا احتياجات الشعب المصري». وأوضح لى العريان أنه فى حين أن كل من الحرية والعدالة والنور السلفى حزبان سياسيان ،فهما مختلفان ولن يتقاسما السلطة قائلاً: «كحزبين سياسيين، فهما شيئ مختلف وآمل ان ننتظر جميعا لنعرف الفرق بين الحرية والعدالة والنور». وفيما يخص معاهدة السلام مع إسرائيل، قال العريان: «إنها التزام الدولة- وليس أى جماعة أو حزب- وقلنا إننا نحترم التزامات الدولة المصرية فى الماضي.» فى نهاية المطاف قال: إن العلاقات مع إسرائيل ستتحدد على أساس معاملة الأخيرة للفلسطينيين. ولكن بصفة عامة، كما قال: «المحنة الاقتصادية فى مصر تجعلنا نشعر بالقلق بشأن شئوننا». كما أوضح لى محمد خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين وخبيرها الاقتصادى أثناء حديثنا وسط مزرعة الفراولة بمنزله أن جماعته تعتزم الاندماج مع العالم قائلاً: «لم تعد مسألة ان تكون مع أو ضد العولمة مسألة اختيار». وفى سياق آخر، قال نادر بكار المتحدث الإعلامى باسم حزب النور إن حزبه سوف يتحرك بحذر، وقال لى: «نحن حراس الشريعة» فى اشارة الى القانون الإسلامي، و«نريد من الناس أن يكونوا معنا على نفس المبادئ.. لكن لدينا باب مفتوح لجميع المثقفين فى جميع المجالات»، وأضاف: «النموذج الاقتصادى للحزب البرازيل» وقال: «نحن لا نحب هذا النموذج الدينى». وأشار إلى أن السلفيين يعدون بأنه لن تكون هناك ديكتاتورية مرة أخرى «والشعب المصرى لن يعطى فرصة أخرى لأى شخص لأن يكون ديكتاتورياً». وفى نوفمبر، قال حازم صلاح أبوإسماعيل، وهو رجل دين سلفى ومرشح لرئاسة الجمهورية، إن مصير أى امرأة ترتدى البيكينى على الشاطئ هو الاعتقال. وسرعان ما نفى حزب النور ما قاله أبوإسماعيل، كما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن متحدث آخر باسم الحزب اسمه محمد نور قوله ألا ينبغى على السياح الخوف مما تتناقله وسائل الإعلام بشأن حظر الكحول والتشديد على الفنادق السياحية وقال: «ربما 2000 شخص من أصل 80 مليوناً يشربون الكحول» وأضاف «وهناك اربعة ملايين ليست لديهم مياه صرف صحى.. فهل سننشغل فى البرلمان بالناس التى ليست لديها مياه أم بالأشخاص الذين يسكرون؟» ماذا سنفعل بكل هذا؟ الإسلاميون المصريون أمامهم قرارات كثيرة وصعبة. كان من السهل عليهم الحفاظ على درجة عالية من النقاء الأيديولوجى.. كل هذه السنوات وهم خارج السلطة، أما الآن فظهورهم المفاجئ على الساحة السياسية يتزامن مع سقوط الاقتصاد الحر.سوف تعقد اول جلسة للبرلمان فى 23 يناير ، وسوف يكون أمام الاسلاميين مسئولية كبيرة لإصلاح هذا الاقتصاد من دون النفط. أنهم لا يريدون تفويت هذه الفرصة، وفى الوقت نفسه يريدون أن يكونوا أوفياء لجذورهم الإسلامية.. أنهم يعرفون أن مؤيديهم انتخبوهم لتسلم الحكومة وتحسين التعليم وتوفير الوظائف وليس المساجد. وسوف يكون من الرائع أن أراهم كيف يتعاملون مع هذه المشكلات وقرارتهم سوف يكون لها تأثير كبير على مستقبل الاسلام السياسى فى المنطقة. ترجمة- داليا طه نقلاً عن نيويورك تايمز