كتب - د. صلاح جودة الشائعات: كما هو معروف هي أخبار عن مستقبل (من الممكن) (أن تكون توقعات صحيحة) أو (غير صحيحة) ومن الممكن أن تكون توقعات نتاج معلومات موجودة لدي مطلق الاشاعة أو أن هناك من يدعي العلم ببواطن الأمور فيطلق إشاعات حتي يقال عليه إنه يعلم ما خفي من الأمور. وعادة فإن الشائعات منها (الحميد) ومنها (السيئ) وهناك شائعات تسبب خسائر للآخرين وللغير وغالبا لا يتوقع مطلق الشائعة هذه الخسائر التي تسببت للغير أو هذه الأزمات التي تسببت للغير وإذا كان هذا هو حال الإشاعات في الحياة الدنيا. فإن أكثر القطاعات تأثرا بالشائعات هو (مجال الاقتصاد) أو (المجال المالي) وأشهر إشاعة في التاريخ هو (الإفلاس الذي حدث لأحد البنوك اللبنانية) وهو بنك (أنترا) في بيروت في منتصف الستينيات وكان هذا نتاج إشاعة أطلقها البعض فإن البنك تعرض لهزات كبيرة ولذلك سارع جميع المودعين بسحب أرصدتهم من البنك ما عرض البنك لإشهار إفلاسه. كذلك ظهرت في أوائل التسعينيات إشاعة كبيرة بأن (بنك الاعتماد والتجارة قد تعرض لحالات تزوير وحالات اختلاس من العاملين فيه) ولذلك سارع جميع المودعين علي مستوي العالم بسحب أرصدتهم من البنك ما عرض البنك للافلاس علي مستوي العالم وتسبب ذلك في مشاكل مالية في فروع البنك بمصر لولا حكمة القائمين علي (الجهاز المصرفي المصري) الذين قاموا بضم وإدماج بنك (الاعتماد والتجارة) إلي (بنك مصر) وقام البنك المركزي المصري (في ذلك الوقت) بتوفير قرض مساند بمبلغ (1 مليار جنيه مصري) لبنك مصر لمدة (10 سنوات) بدون فائدة، وذلك لمواجهة الاعباء نتاج (إفلاس بنك الاعتماد والتجارة)، ونذكر هنا أن رئيس بنك مصر في ذلك الوقت وهو المصرفي المحترف (الاستاذ محمد حافظ) هو الذي تبني مبادرة ضم وإدماج (بنك الاعتماد والتجارة) إلي (بنك مصر) وهو الذي اتبع سياسة قتل الشائعة في مهدها وذلك بأسلوب عملي، وهو انه صرح لجميع العاملين في (بنك الاعتماد والتجارة) بأن أي عميل يريد سحب أمواله يتم اعطاؤه امواله حالا دون إبطاء، وكان هذا الرد العملي كفيلاً بردع اي شائعات ولذلك كان العميل يخرج من البنك بأمواله وبعد يومين فقط يقوم بإعادة إيداع امواله في ذات البنك او في (بنك مصر) ذاته، وأقرب مثال علي ذلك هو (البورصة المصرية) و(البورصات العربية) وهي بورصات وليدة فإن أقدم بورصة في التاريخ الحديث هي (البورصة المصرية) التي تم إعادة انشاؤها في (عام 1992) بعد صدور القانون (95 لسنة 1992) وهو قانون (سوق رأس المال المصري). ونجد أن كل فترة يتم انتشار شائعات تفيد بأن سهم الشركة (س) مثلا سيرتفع لأرقام خرافية لأن القائمين علي الشركة قد قاموا بتوقيع عقود مهمة مع الحكومة (مثلا) أو فإنه يوجد مجموعة من المستثمرين العرب سيقومون بشراء الحصة الحاكمة من أسهم الشركة وبالتالي سيرتفع سهم هذه الشركة أو أن رئيس مجلس إدارة الشركة الحالي سيتم تعيينه في منصب مهم وهذا سيساعد الشركة علي تحقيق أرباح خيالية وأقرب مثال علي ذلك هو عندما تم تعيين (المهندس أمين أباظة) وزيرا (للزراعة) (عام 2005 والمحبوس حاليا علي ذمة قضايا فساد مالي وكسب غير مشروع) أن ارتفع سعر سهم الشركات التي كان يعمل بها خاصة شركات (النيل والعربية لحلج الاقطان). وتأثير الشائعات علي (البورصة المصرية) أو علي (الاقتصاد المصري) بصفة عامة ان مطلق هذه الشائعة يستفيد عادة من ارتفاع السهم أو من انخفاضه. ففي حاله الارتفاع يقوم (مطلق الشائعة) أو (المستفيد الأول) من الشائعة ببيع جزء كبير من أسهمه محققا أرباحا كبيرة وعندما يعود السعر للانخفاض يقوم بالشراء مرة أخري لاستعاده نسبته في الشركة، وهكذا نجد أن هذه الشائعات ماهي إلا نوع من أنواع (القرصنة) علي اموال المستثمرين وأموال الآخرين ونجد انه في عام (2006) تبني مجموعة من أعضاء مجلس الشعب إصدار قانون لمكافحة الشائعات ومحاولة فرض عقوبة علي مصدر هذه الشائعات ولكن نجد أن القانون لم يصدر حتي الآن (نوفمبر 2011). ومن الممكن وأد أي إشاعات في مهدها وهو أن يصدر قانون (المعلومات) المحجوب في ادراج (مجلس الشعب ومجلس الشوري) المنحل منذ قيام (ثورة 25 يناير 2011) لان هذا القانون وصدوره سيجعل جميع المعلومات متاحة أمام الآخرين خاصة (الصحفيين) و(الإعلاميين) و(المتخصصين) وبالتالي فإن هذا المناخ سيعمل علي (وأد) أو (موت) أي شائعة لان المعلومة الصحيحة متاحة للجميع لأنه من المعروف ان المناخ الذي يغذي الشائعة هو عدم وجود معلومة متاحة ولذلك علينا من الان العمل علي اصدار قانون (حرية المعلومات) وان يعلم المسئولون بأن حق الشعب والرأي العام هو الاطلاع علي المعلومات وأن جميع المسئولين قد تبوءوا مكانتهم لخدمة هذا الشعب وليس لإخفاء المعلومات عنه خاصة بعد ثورة 25 يناير وبعد انتخابات المرحلة الأولي من مجلس الشعب. مدير مركز الدراسات الاقتصادية