يعد تصدير الغاز إلي إسرائيل قضية سياسية قبل كونه صفقة اقتصادية تخضع لمعايير الكسب والخسارة هذا ما أكده قرار المحكمة الإدارية العليا في 2010/9/18 . «روزاليوسف» ترصد بالمستندات تسلسل المفاوضات التي جرت لإتمام هذه الصفقة. منها أن فكرة التصدير نفسها نشأت في الحجرات الدبلوماسية قبل أن تنتقل إلي وزارة البترول أو غيرها، وهو الأمر الذي يؤكد أن قطاع البترول تلقي التعليمات شأنه شأن أي موظف أو مسئول بتوصيل جزء من فائض الغاز المصري إلي إسرائيل. جاء خطاب عمرو موسي وزير الخارجية إلي وزير البترول المصري - وقتها - حمدي البمبي والمؤرخ في 12 نوفمبر 1993 ليؤكد أن قرار تصدير الغاز إلي إسرائيل قرار دبلوماسي وسياسي وليس لأي موظف في وزارة البترول سواء الوزير السابق سامح فهمي أو رؤساء هيئة البترول ونواب الرئيس أدني مسئولية لا في قرار التصدير ولا في تحديد الأسعار. خطاب عمرو موسي جاء فيه نصاً «السيد الدكتور حمدي البمبي وزير البترول: تحية طيبة وبعد - وصلنا بمزيد من الشكر خطابكم حول استراتيجيات الغازات الطبيعية وأنني أتفق معكم في الرأي في أهمية البدء في الدراسات الأولية للتصدير لمنطقة غزة وإسرائيل وقد قمت برفع الأمر للعرض علي السيد الرئيس والسيد رئيس مجلس الوزراء موضحاً اتفاقي ورأيكم في هذا الشأن. تجدر الإشارة إلي أن إيطاليا عبرت في اجتماعات مجموعة عمل التعاون الاقتصادي الإقليمي في كوبنهاجن في 8 و9 نوفمبر الجاري 1993 عن استعدادها لتمويل دراسة جدوي عن إمكانية تصدير الغاز المصري إلي غزة وقد وافق وفد مصر علي الاقتراح من حيث المبدأ لحين العودة والتعرف علي رأي القاهرة. وقد ترون التفضل بالنظر في تحديد نقطة اتصال أو تشكيل مجموعة عمل بوزارة البترول للتنسيق مع وفد مصر لدي مجموعة عمل التعاون الاقتصادي الإقليمي بشأن المشروعات الإقليمية في مجالات الغاز والبترول في المنطقة وتفضلوا بقبول خالص تحياتي والتوقيع عمرو موسي وزير الخارجية». هذا هو بداية الخيط في تلك القضية. عملية التصدير ورقة أرادت الدبلوماسية المصرية اللعب بها للحصول علي أكبر عائد اقتصادي ممكن من الدولة المؤيدة لإسرائيل أو غيرها وخاصة المعونة الأمريكية لمصر. احتياطي مصر من الغاز شجع علي إتمام الصفقة لحظة تبادل الأفكار حول التصدير والدليل خطاب من عبدالخالق عياد إلي وزير البترول حمدي البمبي في 1998/12/21 يقول فيه نصاً: المذكرة المرفقة تلخص ما دار في اللقاء المنعقد في مدينة باريس بفرنسا بحضور السادة رؤساء شركات أموكو مصر والدولية وهيئة كهرباء إسرائيل معي وذلك لمناقشة موضوع تصدير حصة شركتي أموكوو الدولية في الغاز المنتج من حقولهم في البحر الأبيض المتوسط بمصر إلي هيئة كهرباء إسرائيل، وأود أن أشير إلي طلب الشركتين من الهيئة المصرية العامة للبترول إصدار خطاب إلي هيئة كهرباء إسرائيل يؤكد عدم ممانعة الهيئة في تصدير حصتيهما وهو ما يتفق مع نصوص الاتفاقيات المبرمة معهم بشأن البحث والتنقيب وإنتاج الغاز وقد قمت بإعداد الخطابات المطلوبة، وأري أن تصدير حصة الشريك الأجنبي يمثل ضرورة قصوي بعد أن تزايدت احتياطات الغاز المؤكدة وكذلك تأكد فرص اكتشاف المزيد منه. وأيضاً الموافقة علي طلب تلك الشركات سوف يكون حافزاً لهم علي المضي قدماً في تنفيذ خطط التنمية والبحث في المستقبل وهو ما سوف يوفر لمصر نصيباً من الغاز يقابل التزايد المستمر علي الطلب علي الغاز محلياً والتوقيع عبدالخالق عياد. السعر كان المحور الأهم في عملية تصدير الغاز إلي إسرائيل، كما جاء في خطاب د.عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق إلي رئيس مجلس إدارة شركة شرق البحر الأبيض المتوسط للغاز ونصه «السيد رئيس مجلس إدارة شركة شرق البحر الأبيض المتوسط للغاز تحية طيبة: يسرني إبلاغكم بأن مجلس الوزراء قد اتخذ قراراً بجلسته في 2000/9/18 بتحديد أسعار بيع الغاز الطبيعي من الهيئة المصرية العامة للبترول في مخرج العريش وغيره بسعر المليون وحدة حرارية بريطانية MBTU طبقاً للمعادلة المرفقة وبحد أدني 75 سنتاً وحد أعلي 1.25 دولار ويزداد الحد الأعلي إلي دولار وخمسين سنتاً في حالة ارتفاع سعر البرميل من بترول برنت إلي 35 دولاراً أو أكثر. وهذه الأسعار للكميات التي سيتم التعاقد عليها معكم من الهيئة المصرية العامة للبترول ولمدة خمسة عشر عاماً، ويمكنكم الاستناد إلي قرار مجلس الوزراء سالف الذكر في الاستثمارات التي ستقومون بها وفي جدوي المشروع حتي يمكن الإسراع بمد خط الأنابيب اللازم وبدء قيامكم ببيع ونقل وتصدير الغاز الطبيعي المصري في أقرب فرصة إلي الدول التي ستقومون بالتعاقد معها ويتم موافاة وزارة البترول بصورة العقد المقترح من جانبكم في أقرب فرصة للدراسة والتوقيع وتقبلوا خالص تحياتي والتوقيع رئيس مجلس الوزراء د.عاطف عبيد، هذا يوضح من الذي أدار ملف تصدير الغاز إلي إسرائيل، كما أن خطاب نائب رئيس الجمهورية ورئيس المخابرات السابق عمر سليمان إلي سامح فهمي وزير البترول في 2005/4/20 ونصه: تحية طيبة وبعد أشرف بأن أرسل لسيادتكم مسودة مذكرة التفاهم الخاصة بشراء ونقل الغاز الطبيعي عبر خط الأنابيب بين الحكومة الإسرائيلية والحكومة المصرية، علما بأن وزير البنية التحتية الإسرائيلية السيد بنيامين بن عازر يرغب في توقيع مذكرة التفاهم مع توقيع شركة الكهرباء الإسرائيلية وشركة «EMC» عقد توريد الغاز رجاء التكرم بالنظر وتفضلوا بقبول فائق الاحترام. الأهم أن رئيس المخابرات السابق عمر سليمان أرسل خطابا في 2005/10/12 إلي م.سامح فهمي وزير البترول والثروة المعدنية ونصه: تخصيص الأرض اللازمة لمشروع شركة شرق البحر الأبيض المتوسط للغاز.. تم تعاقد شركة البحر الأبيض المتوسط للغاز مع الهيئة المصرية العامة للبترول بتاريخ 2005/6/13 لشراء كمية من فائض الغاز كما تعاقدت الشركة علي بيع جانب من هذه الكميات لشركة كهرباء إسرائيل وتم توقيع العقد بتاريخ 8 أغسطس 2005 وبدأ فعلا تطبيق العقد بين الشركة وشركة كهرباء إسرائيل حيث قامت شركة كهرباء إسرائيل بفتح خطاب ضمان للشركة بقيمة 180 مليون دولار أمريكي لمدة سبع سنوات، كما أن الشركة تتعاقد حاليا مع مقاولي التنفيذ. 2 سبق بتاريخ 1998/6/4 صدور قرار التخصيص رقم 323 لسنة 1998 من محافظة شمال سيناء بتخصيص نحو 960 ألف متر مربع للهيئة المصرية العامة للبترول لتنفيذ مشروع الغاز الطبيعي عليها بالشيخ زويد قرب العريش المقام عليها محطة نهاية خط شمال سيناء ال36 بوصة. 3 يتطلب تنفيذ مشروع شركة شرق البحر المتوسط للغاز اقامة محطة استقبال الغاز وضخه شاملة جميع المعدات الفنية والضواغط والعدادات والاعمال الكهربائية والميكانيكية ومد خط الانابيب من هذه المحطة الي ساحل البحر وذلك من أقرب نقطة لمحطة الهيئة المصرية العامة للبترول المذكورة أعلاه وهي المنطقة الواقعة بامتداد نهاية خط شمال سيناء «36 بوصة» برجاء التكرم باصدار تعليماتكم للهيئة المصرية العامة للبترول علي تخصيص مساحة نحو 200 ألف متر مربع لشركة شرق البحر الابيض المتوسط للغاز من ضمن المساحة السابق تخصيصها لها من محافظة شمال سيناء وذلك وفقا للمخطط وبنفس الشروط والاسعار التي تعاقدت عليها الهيئة المصرية العامة للبترول مع محافظ شمال سيناء، وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتوقيع عمر محمود سليمان.. قطاع البترول كان يتلقي الأوامر من جهات أخري سواء في مذكرة التفاهم الجاهزة والمرسلة الي م.سامح فهمي للتوقيع عليها أو حتي في تحديد الكميات والمدة. المفاجأة أن مصر لم تصدر إلي إسرائيل أي كميات غاز منذ بدء التصدير في يوليو 2008 بالاسعار المعلنة ضمن الاتهامات وهي 75سنتاً أو 1.25 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في مصر هناك من يخلط بين سعر البيع وصافي العائد.. ولأن سعر الغاز غير ثابت أو واضح أو معلوم نظرا لسرية المعلومات حول الاتفاقيات الموقعة خاصة أن الغاز ليس له تجمع مثل أوبك في البترول ولا بورصة مثل الذهب وهو ما يجعل من عملية تسويق البترول أو الذهب أمرا واضحاً ومعلوماً عكس الغاز الذي اختلفت أسعار شحناته الفورية عن أسعار الأسواق المستهلكة عن الصفقات طويلة الأجل أي أن السعر العالمي للغاز غير معلن.. وهو متقلب والدليل التصدير الي الاسواق الأمريكية في نوفمبر 2009 وصل سعر المليون وحدة حرارية بريطانية إلي 2 دولار لو طرحنا من هذا السعر قيمة الثولون وهو هنا النقل وخلافه نري أن المصدر يصاب بخسائر وهو ما يعني تصدير بالسالب، وأيضا الأوراق تؤكد أن الاتفاق الأول مع إسرائيل لتصدير الغاز كان 75 سنتاً إلي 1.25 دولارثم يصل إلي 1.5 دولار عند «34 برنت» في عام وهي أسعار لم يتم تطبيقها لان التصدير بدأ عام 2008 فقد نجح المفاوض المصري من وزارة البترول عام 2009 في تعديل أسعار التصدير إلي 3 دولارات بأثر رجعي أي أن مصر لم تصدر أي نقطة غاز الي إسرائيل بالاسعار المتدنية المتداولة في سوق الاعلام برغم أن تصدير الغاز الي إسرائيل عمل من أعمال السيادة كما أقرت بذلك المحكمة الادارية العليا في 2010/2/21 برئاسة المستشار محمد الحسيني رئيس مجلس الدولة السابق فهذا يوضح أن تصدير الغاز لاسرائيل مسئولية دولة وليس وزير البترول.