على الرغم من حالة الإنكسار التنظيمى والهزيمة الميدانية التى يعانى منها تنظيم داعش الإرهابى إلا أنه يحاول بشكل دائم تخليق وجود جديد له على جغرافيا جديدة داخل ولاياته المزعومة مستخدماً كافة الأساليب الدموية التى يجيد التنظيم توظيفها وتسويقها من أجل خدمة مصالحه واستمرار نفوذه. وقد كشف إصداره الجديد والذى جاء تحت عنوان «وأخرجوهم من حيث أخرجوكم»،والذى تم بثه عبر وكالة «أعماق» التابعة له عن طموحه فى جغرافيته الجديدة والتى اختار لها ليبيا لتكون نقطة البداية وذلك لما تعانيه الدولة هناك من حالة عدم استقرار على الصعيد الأمنى والسياسى وهو ما خلق واقعا فوضويا سيسعد على المزيد من الأنتشار والتمدد الداعشى المستغل للتنافس بين قوى الدولة المتصارعة. وبالرغم من أن دواعش ليبيا خسروا ولاياتهم الثلاث برقة وفزان وطرابلس وتم تجفيف مصادر تمويلهم من حقول النفط والاتجار بالبشر والتهريب عبر الصحراء الإفريقية الكبرى ودخولهم فى صراعات دموية مع عناصر القاعدة إلا أنهم استطعوا نقل ثقلهم التنظيمى إلى المناطق الصحرواية الجنوبية ليكشف إصدارهم الجديد رؤية القيادة الأم لداعش حول جغرافيته الجديدة وأيضا توجهات خليفته الإرهابى الجديد والمجهول «أبو إبراهيم الهاشمى القريشى»، الذى خلف الإرهابى أبى بكر البغدادى والذى قتل فى 27 أكتوبر 2019م، بالشمال السورى فى عملية نوعية أمريكية، والتى ترتكز على تصدير الدموية والعنف والترويع الى أقصى درجة وإرسال رسالة وأضحة التفاصيل عنوانها «داعش باقية وستتمدد» ولكن على بحر من الدماء والجثث الطافية. وبالنظر إلى تفاصيل الإصدار المرئى لداعش نجد أن تنظيم داعش يعتمد فى تمدده فى الجنوب الليبى على تحويل مناطقه إلى ملاذات آمنة وذلك من خلال سياسية قاتلية ترويعة تعتمد على تصفية كافة مؤسسات الدولة الليبية هناك فى ظل حالة إنشغال الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر المدعوم من مجلس النواب الليبى المنتخب بمعركة طرابلس مع الميليشيات الإرهابية والمجلس الرئاسى برئاسة فايز السراج، وهو ما ظهر جلياً فى الهجمات على بلدة الفقهاء، ومركز تدريب الجيش فى منطقة سبها ومدينة غدوة والتى استهدفت بشكل أساسى المجالس البلدية ومناطق تمركز الجيش والمواطنين المتعاونين مع مؤسسات الدولة فى مكافحة التنظيم الإرهابي. يضاف إلى ذلك أن ملاذات التنظيم الآمنة فى الجنوب الليبى ساعدته على استقطاب أعداد جديدة من المتعاطفين معه والبقاء والتعايش والاستمرار والتمدد خاصة فى مناطق صبراتة وجبال جنوب وغرب بنى وليد مما ساعد على كثافة عناصره فى العدد والعدة، وحصوله على غنائم كبيرة تمثلت فى عشرات من السيارات رباعية الدفع وامتلاكه لأنواع متعددة من الأسلحة والرشاشات والمدافع المضادة، وهو ما يوسع من قدراته اللوجستية وبالتالى عملياته الإرهابية على مزيد من الجغرافيا.