صعيد مصر، عالم مليء بالأسرار والأفكار الأدبية، ألهمت أحداثه العديد من الكتاب والمؤلفين الذين قدموا للسينما وللتليفزيون مئات الأعمال الفنية عن طبيعة وحياة سكان الجزء العلوى من أراضى نهر النيل. الصورة التقليدية للصعيد المتمركزة فى الثأر والعصبية والصراعات القبلية، سيطرت لعقود على الأعمال الدرامية التى اكتفت بعرض تلك الجوانب من المقومات العظيمة التى يتميز بها أهالى الجنوب الشرقى لمصر. الصعيد يظل حتى الآن الصندوق المغلق، الذى لم ينجح كتاب السيناريو فى إظهار ما يحويه من كنوز تراثية وعادات عربية وإنسانية قديمة أوشكت على الاندثار من مناطق أخرى حصلت على فرص ضخمة من التركيز الدرامى على شاشتى السينما والتليفزيون. وبين ذلك وذاك اختلفت الآراء. الجانب الجيد المخرج مجدى أبو عميرة ملك الفيديو كما يطلقون عليه عبر عن فخره بتقديم نماذج قوية تمتاز بالهيبة والعقل والفروسية والنبل والشجاعة وهذا متمثل فى بطل ذئاب الجبل بدرى بدار وبطل مسلسل الضوء الشارد رفيع بيه العزيزى، وبطل مسلسل الفرار من الحب زكريا أبو العمدة. أبوعميرة قال إنه إذا كان مسلسل ذئاب الجبل يتكلم عن قضية الثأر التى قتلت بحثا فى الصعيد بالتأكيد سيرفض العمل ولكن تناول موضوعات مثل علاقة الأخ بأخته والزوج بزوجته والزعامات القبلية وتقاليد الزواج. صفاء عامر وعبدالرحيم كمال قليل من المؤلفين استطاعوا أن يتعمقوا فى أدق تفاصيل الشخصية الصعيدية والكشف عن الكثير من أسرارها بعيدًا عن إظهارها بالجهل والعصبية وتحكم العادات القبلية التى تدفع للقتل ومن بين أسماء الكتاب يلمع اسمان هما فى الأساس معجونان بروح الصعيد وعاداته ومتعمقان فى الحياة اليومية هناك وهما فى الأساس أولاد الصعيد. محمد صفاء عامر، ابن محافظة قنا الذى ينتمى لقبيلة البلابيش، ترك عمله فى القضاء ليتفرغ للكتابة يحسب له تقديم سلسلة من المسلسلات الصعيدية التى تعتبر من العلامات فى تاريخ الدراما المصرية بدأها ب«ذئاب الجبل» و«الضوء الشارد» و«الفرار من الحب» و«حلم الجنوبى» و«مسألة مبدأ» و«حدائق الشيطان» و«أفراح إبليس» و«حق مشروع» و«الميراث الملعون» أيضًا هناك تجربته السينمائية «صعيدى رايح جاى». النموذج الثانى هو الروائى عبدالرحيم كمال، ابن قرية العيساوية بسوهاج بدأ حياته كروائى واتجه للكتابة التليفزيونية استطاع من خلال مسلسلاته تقديم نماذج مختلفة من الشخصية الصعيدية جسدها كبار النجوم فمن ينسى نور الشريف فى «الرحايا» حجر القلوب «والفخرانى فى «شيخ العرب همام» و«دهشة» وعمرو سعد الذى قدم الصعيدى خفيف الظل فى «يونس ولد فضه». صورة مغلوطة الناقد محمود قاسم قال إنه رغم أصول المخرج يوسف شاهين الإسكندرانية، لكنه قدم منذ بدايته 3 أفلام دارت أحداثها فى الصعيد وهى: ابن النيل وصراع فى الوادى وانت حبيبى وهى من الأعمال المهمة عن الصعيد، لكن نظرًا لكون شاهين ليس صعيديًا لم تتعمق تلك الأعمال بشكل كبير فى الحياة الصعيدية وهذا ينطبق على فتحى غانم عندما قدم فيلم الجبل ويحيى حقى ذى الأصول التركية الذى قدم فيلم البوسطجى عن رحلته عندما عمل كوكيل نيابة فى الصعيد. وتابع: بالنسبة للدراما الصعيدية فالأمر مختلف لأن أغلب الذين كتبوها خرجوا من الصعيد مثل السيناريست محمد صفاء عامر مؤلف الضوء الشارد، وعبدالرحيم كمال الذى قدم أعمالًا مثل شيخ العرب همام والرحايا ودهشة، ومؤخرًا الأخوة محمد وشرين وخالد دياب. ويرى قاسم إن رشدى أباظة وفريد شوقى تنافسا بقوى على شاشة السينما فى عملين مهمين عن الصعيد وهما صراع فى الوادى ودماء على النيل، أما بالنسبة للبطولة النسائية فأعتبر أهم نموذج للمرأة الصعيدية مؤخرًا كان فى فيلم كف القمر لوفاء عامر وخالد يوسف، إذ أن المرأة الصعيدية تعيش فى مجتمع ساكن يفرض عليها عادات وتقاليد وتحمل المسئولية. ويرى قاسم أن أهم ما يلفت انتباه الجمهور للمسلسلات الصعيدية ويكون سببًا فى نجاحها هو تناولها القضايا السلبية من قتل وثأر وإتجار فى السلاح وهذا يجعل هناك حالة تشويق وإثارة تجذب الجمهور وأعطى مثالًا بمسلسل طايع الذى حقق نجاحًا كبيرًا مع الجمهور بسبب احتوائه على مشاهد من القتل والذبح فى الممنوعات. المسلسلات أفضل من السينما السيناريست بشير الديك أكد أن تقسيم مصر قديمًا إلى شمال وجنوب وقلبى وبحرى وصعيد ودلتا جعل لكل جزء فيها عادات وتقاليد خاصة بها، رغم أن أهل مصر تجمعهم عادات وتقاليد واحدة، ثم جاءت الدراما التليفزيونية لتقدم صورة مغلوطة عن أهل الصعيد واختصر عاداتهم فى الأخذ بالثأر وتجارة السلاح والمخدرات وهذا كله كلام فارغ.