تحولت الولاياتالمتحدةالأمريكية من الوسيط بين الدول الداعية لمكافحة الإرهاب إلى الانحياز إلى الدولة الداعمة والممولة للإرهاب، كما تخلت واشنطن عن تعهداتها فى القمة الإسلامية- الأمريكية التى عقدت فى مدينة الرياض. وباتت زيارة ريكس تيلرسون وزير الخارجية الأمريكى إلى المنطقة غير مرحب بها من الدول العربية، وواجه صعوبات كثيرة لإقناع وزراء خارجية الدول الداعية لمكافحة الإرهاب بإنهاء مقاطعة قطر، وأكدت الدول الأربع أن اتفاق الولاياتالمتحدةوالدوحة بشأن تمويل الإرهاب لا يمثل استجابة كافية لمخاوفها. وزراء خارجية الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، أكدوا لنظيرهم الأمريكى فى اجتماعهم بمدينة جدة أمس أن الخلافات داخل البيت الخليجى تظل شأنا خالصا، يتم ترتيبها وحلها ومواجهتها وفق قوانين وأعراف مجلس التعاون، وأخلاقيات الخليج وقيمه، وأن التفاهمات التى تمت مع إدارة الرئيس دونالد ترامب لا تتخطى التحالف فى الحرب على الارهاب، والتحالف لوقف التمدد الإيراني. وحتى مثول الجريدة للطبع، أبدى وزراء خارجية الرباعى العربى ، مصر والسعودية والامارات والبحرين غضبهم واستياءهم من التصريحات التى أدلى بها وزير الخارجية الأمريكى، والتى تثير للتساؤل والارتياب، وتتناقض مع مواقف وتصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الأخيرة، وتعهداته خلال القمة الإسلامية الأمريكية فى الرياض بتوحيد استراتيجيات الحرب على الإرهاب، وأن تشجيعهم للوساطة الامريكية وغيرها إنما انطلق من دفع قطر إلى التجاوب مع قائمة المطالب ال 13، وليس تفهم مواقف قطر، واعتبارها منطقية، كما جاء على لسان ريكس تيلرسون بعد لقائه أمير الكويت الاثنين الماضى. وجاءت زيارة وزير الخارجية الامريكى ريكس تيلرسون الى جدة الذى استقبله خلالها العاهل السعودى الملك سلمان فى إطار جولة بدأها من العاصمة التركية أنقرة، حيث التقى الرئيس رجب طيب أردوغان، كما زار الكويتوالدوحة قبل اجتماعه أمس فى جدة وزراء خارجية الدول الداعية لمكافحة الارهاب. ومنذ بداية الازمة مع قطر بدا الموقف الأمريكى مشبوها، ومزدوجا، داخل الاطراف الفاعلة فى الادارة الامريكية، «كانت روزاليوسف اول من كشفت عنه فى تغطيتها المستمرة للأزمة»، تناقض واضح بين وزارة الخارجية التى دعت الى تخفيف العقوبات على قطر وعدم التصعيد، والبيت الابيض حيث اتهم الرئيس دونالد ترامب قطر بدعم وتمويل الإرهاب، ووزارة الدفاع التى قامت بعد تصريحات ترامب بإجراء تمارين عسكرية مشتركة مع القوات القطرية، وتوقيع عقود معها لبيعها طائرات مقاتلة فى صفقة تجاوزت حاجز ال 12 مليار دولار. «الصفقة» هى العنوان الرئيسى لمذكرة التفاهم التى وقعها وزير الخارجية الأمريكى مع قطر، والتى توضح دون لبس أو ارتياب المضامين التى تنتهجها الادارة الامريكية الحالية التى تصطنع الأزمات لتجنى من ورائها الغنائم والأرباح، ثمن هذه الصفقة لن يقل بحال عن قيمة الصندوق السيادى القطرى الذى يتجاوز ال 320 مليار دولار، الرئيس الامريكى «الشره» دونالد ترامب أسفر بوضوح منذ اللحظة الأولى عن أطماعه فى نفط الخليج، وتراكماته المالية. «مذكرة التفاهم بين الولاياتالمتحدةوقطر لمكافحة تمويل الإرهاب» محاولة أمريكية للالتفاف على الموقف الصلب الذى تتخذه الدول الداعية لمكافحة الارهاب، لن يكتب لها النجاح فى ظل ثبات، وصلادة الموقف الذى تتمترس خلفه مصر والسعودية والامارات والبحرين فى موقف عروبى استثنائى يجهض محاولات قيام حلف قطرى يجمع إيران وتركيا والعراق وسلطنة عمان برعاية أمريكية، ربما تنضم إليه فى وقت لاحق الكويت الذى يظل موقفها «المحايد» غير مفهوم، خصوصا أن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح شاهد على عدم وفاء قطر بتعهداتها فى اتفاق عام 2013 مع الأمير الأب الشيخ حمد بن خليفة والاتفاق التكميلى عام 2014 مع الأمير الحالى تميم بن حمد. التصريحات التى أدلى بها وزير الخارجية الأمريكى ريكس تيلرسون فى المؤتمر الصحفى الذى عقده مع نظيره وزير الخارجية القطرى محمد بن عبد الرحمن آل ثانى بعد توقيع «مذكرة التفاهم بين البلدين لمكافحة تمويل الارهاب» تحمل إدانة للسياسة الأمريكية وتشير الى تورطها فى السلوكيات القطرية، وأن بقايا من فريق إدارة أوباما يدير شئون الخارجية الامريكية، وأنه تحرك لحماية حكومة آل ثانى بمذكرة مشبوهة أعلنت الدول الداعية لمكافحة الارهاب بانها غير كافية لضمان وقف قطر تمويلها ودعمها للإرهاب، وأنها ستراقب عن كثب مدى جدية السلطات القطرية فى مكافحتها لكل أشكال تمويل الإرهاب ودعمه واحتضانه. فى حال تمرير هذه المذكرة المشبوهة «الصفقة» ستكون الدول الأربع هى الخاسر الاكبر لأن قطر ستطلق بضراوة قنواتها الإعلامية المباشرة، الجزيرة وأخواتها، أو التى تتلقى تمويلا ودعما ماليا ولوجستيا من الدوحة، كما أنها ستحرك تنظيماتها الإرهابية وخلاياها النائمة للانتقام من مصر التى تتهمها الدوحة بتجييش دول الخليج ضدها.