كشفت الباحثة هند جلال عاقول عددا من الحقائق التاريخية المهمة عن مدينة الإسكندرية، وذلك فى رسالة الماجستير الذى حصلت عليه من قسم الآثار والدراسات اليونانية والرومانية فى كلية الآداب جامعة دمنهور بامتياز، وتوصية بالطبع وتبادل بين الجامعات المصرية وارسال نسخة لوزير الآثار، وكانت الرسالة بعنوان»نقل المعابد بين القيمة الأثرية والتاريخية واستمرارية الحفاظ على الأثر (دراسة تطبيقية على معبد الرأس السوداء بالإسكندرية). ومن أبرز النتائج التى توصلت لها الباحثة أنه لم يكن زحف الإسكندر المقدونى نحو مصر من أجل تشييد مدينة تخلد اسمه، إنما كان بهدف سد جميع الثغرات الاستراتيجية على الأسطول الفارسى استعداداً للجولة التالية فى تحقيق الحلم اليونانى بالقضاء التام على الأسطورة الفارسية شرقية الطابع، ومن ناحية أخرى توفير الغذاء للشعب اليونانى والجيش المقدونى فى رحلته الحربية وذلك بالسيطرة الاستعمارية على صوامع غلال مصر التى تمثل مركزاً من أهم مراكز إنتاج القمح فى العالم القديم. وكشفت الباحثة فى رسالتها ان قرار بناء مدينة الإسكندرية جاء لتكون ميناء بحرياً مواجها لمقدونيا، كقاعدة بحرية تدعم سيطرة الإسكندر على بحر إيجة وعلى البحر المتوسط، خاصة بعد تدمير ميناء صور الفينيقى الذى ربما كان مقدراً له أن يحل محل الإسكندرية، أما من اختار المدينة لتكون عاصمة حكم وأطلق اسم الإسكندر عليها فهو الوالى المقدونى على مصر بعد وفاة الإسكندر. كما كان اهتمام الإسكندر بالإلهة إيزيس وتخطيط معبدا لها عند تخطيط المدينة الجديدة ليس لكونها إلهة تهم اليونانيين والمصريين فقط وإنما لكونها تنتمى للمفهوم البشرى المتفق مع العقلية الغريبة التى ترفض الأشكال الحيوانية فى تصوير الآلهة، فكان حرص أتباعه البطالمة على بناء المعابد على النمط المصرى والإغريقى فى أنحاء مصر لاسيما فى الإسكندرية وأغلبية المدن التى تتركز فيها جاليات يونانية، وقد سار الرومان على نفس النهج وإن اختلف تخطيط معابدهم عن المعبد الإغريقي، وقد حظيت مدينة الإسكندرية القديمة خلال عصريها البطلمى والرومانى بالتعددية فى المبانى ذات الطرازين اليونانى و الرومانى. ومن ضمن النتائج التى توصلت لها الباحثة أن أسطورة إيزيس كانت من أشهر الأساطير فى الديانة المصرية القديمة، وكان لها أثر كبير فى نفوس المصريين، وقد كانت إيزيس فى العصر الهللينستى أعظم إلهة بين الآلهة جميعاً وكان الإغريق يشبهونها بالإلهة ديميتر، وفى عهد البطالمة كانوا يشبهونها بالإلهة أفروديتى وهيرا، ومعبد الإلهة إيزيس الذى عثر عليه فى منطقة الرأس السوداء هو الوحيد الذى تم العثور عليه كاملاً تقريباً من بين عشرات المعابد لكافة الآلهة الإغريقية التى تذكر النصوص القديمة إقامتها فى مدينة الإسكندرية، فهذا المعبد له أهمية خاصة وقيمة تاريخية وأثرية عالية وتستوجب معها ضرورة الحفاظ عليه من الاندثار نتيجة ما يتعرض له من عوامل تلف مختلفة، وهذا ما يدعو إلى سرعة التدخل لإجراء عمليات الصيانة والترميم لهذا الأثر المهم الفريد. وتضمنت النتائج أيضا أن استخدام الحجر فى مجال البناء كان بمثابة فتح حضارى كبير، وكانت القاعدة العملية التى قامت عليها دعائم المدينة، واستطاعت هذه الأحجار عبر الزمن الطويل أن تحفظ الإنسانية تطورها الحضارى والمعمارى والفكرى والعلمى والفنى بشتى الصور، والمبانى التاريخية المشبعة برسالة الماضى باقية حتى الوقت الحاضر كشواهد أثرية حية على التقاليد الموغلة فى القدم.