جدال دار بين كل من الروائية سلوي بكر والشاعر أحمد طه، حول الموقف من التمويل الأجنبي للمؤسسات الثقافية وجمعيات حقوق الانسان، وذلك أثناء حديثهما عن المجلات الثقافية المستقلة التي أشرفا علي إصدار بعضها في السبعينيات والثمانينيات، في ندوة عقدتها هيئة الكتاب مساء الثلاثاء الماضي، لمناقشة علاقة هذه المجلات بالتغيير. سلوي بكر تساءلت كيف تكون المجلات أو المؤسسات مستقلة طالما أنها تتلقي أموالا من الولاياتالمتحدةالأمريكية أو السعودية فتضطر لتنفيذ أجندات هذه الدول؟، واستشهدت بمجلة "هاجر" التي أصدرتها بالتعاون مع الدكتورة هدي الصدة في الثمانينيات، للتركيز علي قضايا المرأة، وأكدت أن مأساة هذه المجلة هو سعي الصدة للحصول علي تمويل أجنبي يذهب لجمعية المرأة والذاكرة التي أنشأتها، فلم تستطع هذه الجمعية أن تبقي علي مستوي المجلة، وقالت سلوي بكر: أخطر ما يحدث في مصر الآن هو التمويل الأجنبي للنشاط الثقافي في مصر، وعلي المؤسسة الثقافية الرسمية أن تنشط لمواجهة هذا التمويل ولتكون هي الداعم الحقيقي، واقترحت علي رئيس هيئة الكتاب الدكتور أحمد مجاهد، تنظيم ندوة موسعة لمناقشة هذا الموضوع. أما الشاعر أحمد طه، الذي شارك في إصدار مجلات "الكتابة السوداء" و"أصوات" و"الجراد" فقال: كل منظمات حقوق الانسان في مصر التي أعانت الناس ضد جهاز الأمن ودافعت عنهم كانت تمول أجنبيا، ولا يجب أن نفعل مثل جماعة "التكفير والهجرة"، ونعمم سلبيات بعض هذه المؤسسات. وتابع: لست ضد التمويل الأجنبي طالما خاليا من الغرض والإملاءات، وهنا ردت عليه سلوي بكر قائلة: نعم لعبت جمعيات حقوق الانسان دورا في الدفاع عن البعض، لكنها ظلت تستخدم ذلك كورقة ضغط من جانب الأنظمة الغربية علي الأنظمة العربية، ولم يكن ذلك التمويل لإعلاء قيمة الانسان أبدا، لأن الدول الممولة هي نفسها التي خلقت أجهزة الأمن كجهاز الأمن المركزي وغيره، فرد عليها طه مؤكدا أن التمويل الأجنبي صادر عن مؤسسات مستقلة ليست تابعة لحكومات هذه الدول. وفيما يتعلق بموضوع الندوة فضّل الكاتب الصحفي أسامة عفيفي مصطلح "المجلات غير الدورية" علي مصطلح "المجلات المستقلة" وقال: الاستقلال يعني عدم الإنحياز وهو أمر لا يمكن أن نضمه، كما أن هذه المجلات موضوع النقاش نشأت بالأساس متحايلة علي القانون الذي امتنع عن منح الترخيص لغير المجلات الدورية"، وأضاف: أول مجلة غير حكومية كانت جاليري 68 التي صدرت في أعقاب ثورة الشباب والمثقفين علي النكسة، وفي السبعينيات وكنتيجة للحركة الطلابية ورغبة المثقفين في التغيير ظهرت مطبوعات الماستر لتخرج بما تحتويه علي السائد في ذلك الوقت، ولتطرح قضايا نقدية وسياسية واجتماعية مختلفة عن السائد، ولم تكن هذه المجلات ذات طابع ثقافي فقط ولكنها تمثل تيارات فكرية وسياسية مختلفة وتطرح مشروعا مكتملا للحداثة". الشاعر هشام قشطة: جمعنا أموال من أنفسنا وقررنا إصدارها لتأخذ طريقا آخر غير الطريق الذي تم تخطيطه للثقافة المصرية وفيه كانت تتعامل المؤسسة الرسمية مع المثقف علي أنه ترسا في آلة، قررنا نشر تلك الكتابة الأخري التي لا تستطيع المؤسسة الرسمية استيعابها".