افتتح الأزهر الشريف والفاتيكان أمس الأربعاء، الندوة المشتركة بين مركز الحوار بالأزهر ومركز المجلس البابوى للحوار بين الأديان بالفاتيكان حول مواجهة ظواهر التعصب والتطرف والعنف، والتى تعد اولى ندوات الحوار المشترك عقب عودة الحوار بين المؤسستين فى مايو الماضى. وخلال كلمة الأزهر أكد وكيل الأزهر د.عباس شومان، أن الأسس التى يقوم عليها الحوار بين الأزهر الشريف والفاتيكان، هى المشتركات الإنسانية ومناقشة القضايا المشتركة وضرورة مساهمة المؤسستين الدينية الأزهر والفاتيكان فى مواجهة محاولات تشويه الأديان، ومواجهة التطرف والعنف، وقال: «من المؤلم غاية الألم أن ترتكب الجرائم باسم الدين وللأسف استغله بعض وسائل الإعلامية أسوأ استخدام وفق أهوائه. وشدد على أنه إذا أردنا سلاما وأمانا عاما للبشرية جمعاء فعلى الذين يملكون القوة أن يمتلكوا الإرادة القوية فى مواجهة التطرف والارهاب بالقوة والتعليم والاقتصاد، بالإضافة الى تحمل المسئولية تجاه ذلك والتوقف عن سياسة الكيل بمكيالين. ولفت إلى أن الأزهر يقوم بجهود كبيرة لنشر الفكر المعتدل وصحيح الدين وذلك من خلال المؤتمرات ومرصد الأزهر ورسل السلام الذى يرسلها الأزهر إلى دول العالم لا سيما الدول الغربية لتصحيح الأفكار المغلوطة ونشر صحيح الإسلام. وأوضح أن الأزهر يعمل مع الحكومات على الحد من الفقر والجهل اللذين يمثلان عاملين مهمين لانخراط الشباب فى جماعات التطرف والغلو، ولا بد من السير فى هذا الطريق لمنع انخراط الشباب فى تلك الجماعات. وشدد على أننا فى حاجة ملحة للعمل الجاد لتصحيح الصورة الصحيحة للأديان لدى الشباب والتعاون فيما بيننا كمؤسسات دينية، وتفعيل ذلك من خلال مواقع التواصل الاجتماعى وتأليف الإصدارات الجادة التى تجيب عن كل استفسارات الشباب ويزيل اللبس لدى الشباب، دون فرض فكر بعينه أو عقيدة بعينها. فيما أوضح د. محمود حمدى زقزوق رئيس مركز الحوار بالأزهر الشريف ووزير الأوقاف السابق، أن الحوار لا بد أن يكون اللغة المشتركة بين البشر، وأنه إذا صارت الأديان فى مجال الحوار فهذا هو الطريق السليم لمحاربة التطرف والإرهاب. ولفت إلى ان العلاقة بين الأزهر والفاتيكان ترجع لسنوات طويلة من القرن الماضى بناء على بروتوكول تعاون بين الجانبين، موضحا ان عقد هذه الندوة فى هذا التوقيت يأتى احتفاء بزيارة البابا يوحنا بولس الثانى للأزهر عام 2000، موضحا أن المحبة هى عقيدة يؤمن بها المسلم والمسيحى. ولفت إلى أن الحوار والفاتيكان ضرورة وإن كان قد توقف بسبب غيوم بين الأزهر والفاتيكان عندما صدرت بعض التصريحات التى تسيء للأزهر والإسلام، ولكن صحح المسار من أجل إرساء دعائم السلام ليس فقط للمسلمين والمسيحيين بل وللعالم أجمع، حيث إننا جميعا فى سفينة واحدة وينبغى أن نحافظ عليها. فيما أشاد الكادرينال جون لويس توران، رئيس المجلس البابوى لحوار الأديان بزيارة شيخ الأزهر د. احمد الطيب لبابا الفاتيكان فى مايو الماضى حيث تمت عودة الحوار بين الأزهر والفاتيكان، مؤكدا أن عودة العلاقة بين الأزهر والفاتيكان إلى سابق عهده خطوة على طريق الحوار البناء، وان الحوار بين الجانبين يشتمل على إرادة قوية من كلا الطرفين لتقوية الحوار ومواصلته. وأضاف إن زيارته الأخيرة للأزهر كانت فى عام 2010، وقال: «أذكر شيخ الأزهر الراحل د. محمد سيد طنطاوى حيث كان كلمته عميقة وتؤكد روح التسامح. ولفت إلى أن المجلس البابوى للحوار بين الأديان هو وزارة تابعة للكرسى الرسولى للعلاقة بين الأديان ومنها الإسلام والأديان التقليدية ولا سيما الإفريقية والآسيوية، إلا أن أقرب هذه الديانات إلينا الإسلام حيث إنه دين توحيدى على الرغم من اختلافنا العميق معه فى العقائد. وأوضح أننا نعيش فى مجتمع منقسم على نفسه ويوجد به بعض القادة يعتمدون على القوة فقط، مسترشدا بقول الإمام على بن أبى طالب: «يا مالك إن الناس صنفان: إما أخ لك فى الدين أو نظير لك فى الخلق»، مؤكدا أن التعصب والتطرف يؤدى إلى العنف وعلى القادة الدينين والحكماء أن يبينوا بوضوح أن الدين لا يدعو إلى العنف وعليهم أن يدينوا تلك الأفعال خاصة بما يرتكب باسم الدين. شارك فى الندوة من الأزهر الشريف د.عباس شومان، وكيل الأزهر، د. حمدى زقزوق، رئيس مركز الحوار بالأزهر: أ.د محيى الدين عفيفي، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، ود. إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر، وعدد من خبراء مرصد الأزهر العالمى لمكافحة التطرف، ومن المجلس البابوية الكاردينال جون لويس توران، رئيس المجلس البابوى لحوار الأديان، د. روترد ويلانديت، مستشار مؤسسة «CRRM»، ومارتينو دييز مدير بمؤسسة OASIS لتطوير معايير المعلومات المنظمة، إضافة إلى نخبة من الخبراء والمفكرين. وكانت اللجنة التنسيقية لمركز الحوار فى الأزهر الشريف والمجلس البابوى للحوار بين الأديان «الفاتيكان» قد عقدت فى نوفمبر الماضى لقاء بمشيخة الأزهر، للتجهيز لتلك الندوة انطلاقاً من قناعة اللجنة بضرورة الاهتمام بأحوال الناس والحاجة إلى البحث عن حلول لمشكلاتهم تنطلق من التراث الدينى ومن القيم المشتركة بين الإسلام والمسيحية. وتهدف هذه اللقاءات فى المقام الأول لنشر الاحترام المتبادل بين الأديان والثقافات المختلفة، والتعاون فيما بينهم فى ترسيخ معانى التسامح والسلام بين الشعوب وبعضها. وكان شيخ الأزهر د. احمد الطيب قد قام فى مايو الماضى بزيارة تاريخية الى الفاتيكان للحديث عن أهم البنود اللازمة لإتمام حوار قوى وعادل يخدم البشرية بين المؤسستنين الكبرتين فى العالمين الإسلامى والمسيحى وهما الأزهر الشريف والفاتيكان