تلقت الأسواق، يوم الخميس الماضى، قرار تحرير سعر صرف العملة، بحالة من التفاؤل، لا سيما أن ثمة بوادر كانت تشير إلى تراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه فى السوق الموازية والبنوك، وقد بدأت البنوك تنفيذ قرار التعويم بسعر تراوح بين 13 جنيهًا و13.5 جنيه إلا أن الأسعار ما لبثت أن ارتفعت شيئًا فشيئًا حتى وصلت إلى 16 جنيهًا فى بعض البنوك ،إن لم تكن قد تجاوزت هذا المستوى بالفعل. والسؤال الذى يطرح نفسه بقوة الآن .. هل يأخذنا قرار التعويم إلى انفلات فى سعر صرف العملات الأجنبية ولا سيما الدولار، وأن يكسر الدولار حاجز ال20 جنيهًا كما يتوقع البعض، أم يتراجع السعر إلى ما دون ال10 جنيهات فى طريقه للعودة إلى مستوياته قبل 2011، حيث كانت الأسعار تدور حول 5 جنيهات و70 قرشًا و6 جنيهات؟. المسئوليات الوطنية للبنوك من جانبه قال طارق عامر، محافظ البنك المركزى، إن البنوك لابد أن تتحمل مسئولياتها تجاه الوطن، وذلك من خلال تحديد سعر صرف للعملة لا يضر بالاقتصاد، لافتًا إلى أن البنك المركزى يترك مسئولية تحديد سعر الصرف إلى البنوك دون تدخل فى ذلك. ويسعى البنك المركزى إلى تعزيز قيمة الاحتياطى النقدى لديه، وهو الأمر الذى من شأنه تقوية مركز الجنيه فى مواجهة الدولار، وفى هذا الإطار أوضح طارق عامر أن البنك المركزى يستهدف الارتفاع بالاحتياطى النقدى إلى نحو 25 مليار دولار بنهاية العام الجارى، مشيرًا إلى أن البنك المركزى تمكن من زيادة الاحتياطى بقيمة 4 مليارات دولار فى الشهرين الأخيرين. وأوضح «عامر» أن مؤسسات عالمية ودولاً وبنوكًا عالمية تعهدت بضخ 16.3مليار دولار لمصر لسد الفجوة التمويلية للعام المالى 2016-2017، ويضمن ذلك إحداث توازن لسعر الصرف بالسوق المحلية. توقعات ارتفاع الدولار إلا أن ثمة تقارير أفادت أن أسواق الصرف تنبئ بمزيد من التراجع فى الجنيه على مدى الأشهر المقبلة إثر قرار البنك المركزى تحرير سعر الصرف ،وتنبئ العقود الآجلة غير القابلة للتسليم التى يستخدمها المتعاملون لتكوين المراكز تحسبا لارتفاع العملة أو انخفاضها إلى أن الجنيه سيتراجع إلى 15.6 للدولار خلال ثلاثة أشهر وإلى 15.9 فى ستة أشهر و17 فى غضون عام،كما أشار خبير اقتصادى إلى أنه من الممكن أن تشهد الايام المقبلة زيادة سعر الدولار إلى 20 جنيهًا. استقرار سعر الصرف قادم من جانبه قال محمد الاتربى،رئيس بنك مصر، ل«روزاليوسف» إن تجربة تحرير سعر الصرف، هى تجربة تاريخية لمصر، وستأتى بنتائج ايجابية كبيرة للسوق،لافتًا إلى أن التجربة ما زالت فى الأيام الأولى، وفى هذا الوقت من الممكن أن تحدث فروقات متباينة فى أسعار العملة بين البنوك وبعضها، إلا أنه خلال الفترة المقبلة،لاشك فى أن السوق ستشهد استقرارًا،والوصول بسعر الصرف إلى مستويات مقبولة. وأكد «الاتربى» أن زيادة حصيلة الدولار فى البنوك بشكل كبير، تعزز من قدرة الجهاز المصرفى على الوفاء باحتياجات استيراد السلع المهمة والضرورية للسوق، وأن يكون التعامل من خلال القنوات الرسمية، مؤكدًا أن حصيلة الدولار التى دخلت بنك مصر فى يومين بلغت 10 ملايين دولار تقريبًا. كما أكد «الاتربى» ضرورة أن يكون هناك تفاؤل لدى الناس،حين أن الاجراءات التى يتم اتخاذها فى الوقت الراهن، تعجّل من إصلاح الاقتصاد. قدرة البنك المركزى على التدخل من جانبه يؤكد د.مجدى عبد الفتاح ،الخبير المصرفى، أن سعر الدولار فى البنوك فى الوقت الراهن، يتم تحديده بناء على العرض والطلب، لكن ما زالت لدى البنك المركزى الآليات التى يستطيع من خلالها التدخل لإحداث التوازن للسوق فى حالة حدوث زيادات غير صحية فى سعر الدولار ولا تعبر عن السعر العادل للعملة، مشيرًا إلى أن المركزى مازال يمتلك أداة طرح عطاءات دولارية ،ومن خلالها يمكنه السيطرة على الأسعار إذا ما شعر أنها انفلتت عن المستوى المطلوب. وأكد «عبد الفتاح» أن مستوى سعر الدولار 8.88 جنيه الذى كان معمولاً به قبل قرار التحرير قد انتهى والآن الأسعار تصل إلى ما يزيد على 15 جنيهًا فى البنوك،وهناك احتمالات بزيادتها أو تراجعها، لكن الأمر المهم هو أن الأسعار الجديدة للعملة ستؤثر على مستوى الأسعار، حيث من المتوقع أن تشهد الأسعار بالسوق ارتفاعًا كبيرًا،نظرًا لأن جميع السلع التى يتم استيرادها والتعاملات الجمركية ستتم بالأسعار السوقية للدولار، وليس السعر الذى كان يحدده البنك المركزى، ومن ثم فإن هناك ارتفاعًا فى الأسعار قادم لا محالة. ولفت «عبدالفتاح» إلى أن الأمر الذى يزيد من وطأة برنامج الإصلاح وتعويم سعر العملة، هو اتخاذ قرار رفع سعر المواد البترولية بنسبة كبيرة فى نفس الوقت الذى يتم فيه تنفيذ تعويم العملة، مشيرًا إلى أن ذلك من شأنه أن يزيد فى مستويات الأسعار ومعدلات التضخم بالسوق، داعيًا الحكومة إلى ضرورة حماية الطبقات الفقيرة والمتوسطة من وطأة الغلاء. وأكد «مجدى عبدالفتاح» أن القرارات التى تم اتخاذها ستخدم مصر فى الحصول على قرض صندوق النقد الدولى، حيث لم تعد هناك نقاط عالقة فى برنامج الإصلاح الذى توافقت مصر عليه والصندوق، مشيرًا إلى أنه يتوقع أن يقوم الصندوق بضخ الشريحة الأولى من القرض البالغ 12 مليار دولار قريبًا، وهو أيضًا من شأنه تدعيم قدرة البنك المركزى على زيادة الاحتياطى، والوصول إلى سعر مقبول للدولار أمام الجنيه. مستويات أسعار العملة تاريخيًا وبالنظر إلى مستويات سعر الدولار خلال السنوات الماضية يتضخ أنه خلال عام 2003 حتى عام 2004 وصل سعر الدولار إلى 6 جنيهات، ومن عام 2004 حتى 2005 وصل سعر الدولار إلى 6 جنيهات و30 قرشا، ومن عام 2005 وحتى 2010 وصل سعر الدولار إلى 5 جنيهات و75 قرشا، وفى 24 يناير 2011 وصل سعر الدولار إلى 5 جنيهات و81 قرشا، وفى 31 مايو 2012 وصل سعر الدلار إلى 6 جنيهات و6 قروش. أما فى 31 مايو 2013 فقد وصل سعر الدولار إلى 7 جنيهات وقرش واحد، وفى 31 مايو 2014 وصل سعر الدولار إلى 7 جنيهات و15 قرشا، وفى 3 نوفمبر 2016 وصل سعر الدولار إلى 13 جنيها، والآن هو يقترب من 16 جنيهًا على المستوى الرسمى. إصلاحات اقتصادية سريعة وحول مدى قدرة الدولة على إحداث التوازن فى سعر العملة خلال الفترة المقبلة قال محسن عادل، خبير أسواق المال، إن الأساس فى الأزمة الحالية سواء على المستوى النقدى أو الاقتصادى هو عدم قدرة الاقتصاد على تنمية موارده بالعملات الاجنبية مع تراجع موارد الدولة من السياحة وعدم نمو الاستثمارات الاجنبية المباشرة بصورة كافية وتراجع إيرادات الصادرات وكذلك ضعف الطاقات المتاحة لإنتاج سلع أساسية أهمها الغذاء ما يضطر الدولة لاستيرادها وأيضا اعتماد الكثير من الصناعات القائمة على المدخلات المستوردة وضعف المكون المحلى بنسب متفاوتة. ويستلزم علاج هذه المشكلات اقامة تنمية صناعية مستدامة فى ظل هيكلة اقتصادية قد يمتد تنفيذها لعدة سنوات لاقامة صناعات للاحلال محل الواردات من ناحية وتنمية التصدير من ناحية أخرى وتظهر بوادر هذه الاستراتيجية حاليا فى استراتيجية تنمية وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة واقامة تجمعات زراعية تصنيعية متكاملة ضمن مشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان. وأوضح أنه من المفيد لتعظيم النتائج اتباع استراتيجية لسياسة نقدية مرنة تساهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية فى قدرتها على تجميع فائض المدخرات من القطاعات الاقتصادية المختلفة لاعادة توظيف هذه المدخرات فى تمويل عمليات الاستثمار والتبادل التجارى مع ربط معدلات التوسع النقدى بمعدلات لنمو الدخل المحلى الاجمالى وتحقيق التوازن الداخلى والخارجى على السواء والمحافظة على استقرار سعر صرف حقيقى وأن تتواءم وتتفاعل ديناميكياً السياسة النقدية مع باقى السياسات الاقتصادية وتحقيق اهدافها بأقل اختلافات ممكنة وتحقيق أقصى ما يمكن من استفادة لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية من خلال إطار مؤسسى للدولة. وأكد «عادل» ضرورة العمل بجدية و بالاستعانة بجهات متخصصة عالمية للترويج للسياحة فى مصر فهناك ضرورة للترويج غير التقليدى للسياحة المصرية سواء من خلال الإنترنت أو التواجد فى أماكن ترويج غير تقليدية بدول العالم كالمتاحف المتخصصة خاصة بالدول الأوروبية والولايات المتحدةالأمريكية مع ضرورة اعادة النظر فى اسلوب الإدارة والخدمات اللوجستية للمناطق السياحية خاصة الأثرية لابراز الشكل والمضمون الحضارى المصرى مع تنظيم حزم تشجيعية لليابان والصين ودول أمريكا الجنوبية (الأرجنتين والبرازيل) من خلال رحلات طيران عارض طويلة مباشرة بعد نجاح تجربة الصين فى فبراير 2015 مع التركيز على أنواع جديدة مثل سياحة المؤتمرات و السياحية البيئية وسياحة الحوافز. كما يجب أن يتم تنويع المنتج السياحى وتنمية قطاعات السياحة الترفيهية والشواطئ مع تشديد التأمين على المنشآت السياحية وتأكيد ذلك إعلاميا ما يشجع السائحين الأجانب على السفر مصر.