كانت السلطة الفلسطينية عندما كان ياسر عرفات رئيسها، وقبلها كانت منظمة التحرير الفلسطينية نموذجاً فى مقدرة حركات التحرير الوطنى على استخدام القوة الناعمة كوسيلة للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى ضد قوى الاحتلال، وهكذا استطاع عرفات أن يجعل من القضية الفلسطينية أثناء الحرب وأيضاً بعد معاهدة السلام مع مصر، القضية المركزية فى الوطن العربى، بل وقضية تحمل التعاطف الدولى الإنسانى فى معظم جهات الدنيا الأربعة، وقد اعتمد فى ذلك على القوة الناعمة الفلسطينية التى استخدمت فرق الرقص الشعبى الفلسطينى، والفنون الشعبية المادية الفلسطينية كالمفروشات والملابس التقليدية والحلى وما إلى ذلك من فنون جعلت من (الشال الفلسطينى) بنقوشه المعروفة علامة على القضية. وقد كانت تلك القضية محور التربية الوطنية لجيلى ولأجيال أخرى، وكانت أحاديث المنتديات الثقافية والفعاليات الفنية المختلفة فى مصر، التى لم تخل طوال سنوات القرن العشرين وبواكير القرن الحادى الحالى من عمل فنى من حين لآخر كان يدور حول الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى. ولكن ومع الانقسام الفلسطينى حماس/ فتح، تراجعت تلك القوة الناعمة الفلسطينية والتى استخدمت كامل طاقتها مع ياسر عرفات، حيث كانت قد وصلت لجوهر الصراع التاريخى الذى بدا لأى تفكير موضوعى عقلانى أنه صراع سيعيش لأجيال قادمة، وأن توريث الفكرة لأجيال قادمة ضرورة حيوية، وأن طول أمد الصراع والمناورات الدائمة على مائدة المفاوضات والتى لا تصل إلا إلى اللاشىء هى سياسة لتأكيد بقاء الأمر الواقع كما هو. وقد كانت فرقة مسرح الطفل الفلسطينى هى آخر منجزات ياسر عرفات فى إطار استخدام القوة الناعمة الفلسطينية، وهى التى أسسها الفنان الكبير الراحل الصديق غسان مطر وأخرج أول عروضها الفنان الكبير الراحل السيد راضى، وهى مسرحة «طاق طاق طاقية»، وتوالت الإبداعات فى هذا الاتجاه، وأدرك الشاعر المصرى الكبير شوقى حجاب ذلك، وهو من القلائل المهتمين بالأطفال فى مصر والوطن العربى، فكتب قصته الدرامية الشعرية بلغة فصيحة رغم أن عمله الأساسى هو شعر العامية، وهى من إصدار الناشر المثقف الموهوب فى صناعة النشر إبراهيم المعلم، ألا وهى (هلال القدس البسام) الصادرة عن دار الشروق، وهو عمل فنى موجه للأطفال، تذكرت حجاب والمعلم وغسان مطر، بينما تدافع اليونسكو بقرارها التاريخى حول اعتبار الأقصى ومسجد قبة الصخرة وحائط البراق آثاراً إسلامية خالصة فى ظل تراجع القوى الناعمة الفلسطينية والعربية عن دورها فى استثمار الحدث والاحتفال باليونسكو وقرارها، وإدراك المعنى الثقافى الذى يجب أن يصل للأجيال القادمة، ويسافر فى كل أنحاء العالم مؤكداً الحق الفلسطينى فى القدس.