حملة لتوفير أجهزة كمبيوتر.. دعوات لتأهيل المدارس لتعليم التكنولوجيا | تفاصيل    تراجعت على العربات وبالمحال الصغيرة.. مساعٍ حكومية لخفض أسعار سندوتشات الفول والطعمية    وفقا لوزارة التخطيط.. «صيدلة كفر الشيخ» تحصد المركز الأول في التميز الإداري    الجيش الأوكراني: 96 اشتباكا قتاليا ضد القوات الروسية في يوم واحد    طائرات جيش الاحتلال تشن غارات جوية على بلدة الخيام في لبنان    3 ملايين دولار سددها الزمالك غرامات بقضايا.. عضو مجلس الإدارة يوضح|فيديو    كرة سلة - ال11 على التوالي.. الجندي يخطف ل الأهلي التأهل لنهائي الكأس أمام الجزيرة    المقاولون العرب يضمن بقاءه في الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية بعد فوزه على سموحة بثلاثية    تصريح مثير للجدل من نجم آرسنال عن ليفربول    السجن 15 سنة لسائق ضبط بحوزته 120 طربة حشيش في الإسكندرية    إصابة أب ونجله سقطا داخل بالوعة صرف صحي بالعياط    خناقة شوارع بين طلاب وبلطجية داخل مدرسة بالهرم في الجيزة |شاهد    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع "صاحبة السعادة" تريند رقم واحد على يوتيوب    رئيس وزراء بيلاروسيا يزور متحف الحضارة وأهرامات الجيزة    بفستان سواريه.. زوجة ماجد المصري تستعرض جمالها بإطلالة أنيقة عبر إنستجرام|شاهد    ما حكم الكسب من بيع التدخين؟.. أزهري يجيب    الصحة: فائدة اللقاح ضد كورونا أعلى بكثير من مخاطره |فيديو    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    بديل اليمون في الصيف.. طريقة عمل عصير برتقال بالنعناع    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    إسرائيل تهدد ب«احتلال مناطق واسعة» في جنوب لبنان    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    مقتل 6 أشخاص في هجوم على مسجد غربي أفغانستان    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لأول مرة أبطال الموقعة يتحدثون ل«روزاليوسف».. «الشهيد الحى».. بطل فقد نصف جسده بصاروخ طائرة العدو
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 05 - 10 - 2016

ملحمة النصر فى أكتوبر.. ملحمة عسكرية وطنية شارك فيها الشعب المصرى قواته المسلحة ليسطروا أسطورة النصر فى العصر الحديث على جيش أشاع فى العالم أنه لا يقهر.
للنصر أبطاله.. والمعركة تصدى لها رجال، رجال من خيرة أبناء مصر، دافعوا عن عرضهم وكرامتهم، وحرروا أرضهم، ليؤكدوا للعالم أجمع وليس لجيش العدو أن عقيدة رجال مصر، وقواتهم المسلحة الدفاع عن كل حبة رمل فى أرضها.
الحرب خدعة، وللحرب مقدمات.. بطولات وتضحيات.. رجال مهدوا للعبور بدمائهم.. تاريخ من العزة والكرامة.. قدموا درسا فى العسكرية لجيوش العالم.. غيروا خريطة المعادلة السياسية فى المنطقة.. فعلوا كل شىء لقهر المستحيل.
اليوم، مصر تحتفل بالذكرى الثالثة والأربعين لمعركة النصر، تلك المعركة التى سطر فيها جنودنا وأبطالنا بدمائهم ملحمة من البطولات والتضحيات دفاعا عن تراب بلادهم، تحملوا الصعاب وهم صائمون واستطاعوا خلال ست ساعات اقتحام خط بارليف وكشف اكذوبة العدو الاسرئيلى الذى قال انه لايقهر.
وفى ذكرى النصر دوَن التاريخ للمصريين وللامة العربية صفحة جديدة، سطر فيها حروف النصر، واعادوا البسمة والفرحة لوجوه المصريين بعد ست سنوات تذوقوا خلالها مرارة الهزيمة.
ولم يأت انتصار السادس من أكتوبر، العاشر من رمضان ، مصادفة بل كان ثمرة جهد وتدريبات شاقة للقوات المسلحة المصرية وعمليات فدائية، إلى أن تمت ملحمة النصر واسترداد الكرامة.
ملحمة المعركة، وبطولات رجال القوات المسلحة التى سبقتها فى حرب الاستنزاف.. لا تكفيها سطور عشرات الكتب لتروى ما حدث.. ولكن ما سنرويه فى سطورنا القليلة هى وقفة مع طبيعة وبنيان المقاتل المصرى فى حرب أكتوبر.. طبيعة المصرى الذى يقاتل لآخر قطرة دم فى جسده.
بنيان المقاتل المصرى ترويه موقعة» الشهيد الحى» .. وهى عملية محددة قامت بها مجموعة من رجال الصاعقة المصرية خلف خطوط العدو قبل الحرب بأربعة سنوات.. مهمتها تفجير مخازن أسلحة وذخيرة للعدو فى عمق سيناء.
عملية «الشهيد الحى» لقبت بذلك نسبة لأحد أبطالها وهو عبد الجواد سويلم الذى فقد نصف جسده فى العملية ساقيه وذراع، ورغم ذلك أصر أن يستكمل ويعود للميدان ليجاور زملاءه فى لحظة العبور.. هكذا هو المقاتل المصرى وهكذا عقيدة رجال القوات المسلحة المصرية وستظل.
فى تلك السطور نروى فى لقاء مع خمسة من رجال موقعة الشهيد الحى «مجموعة الموت» مع قائد المجموعة اللواء عيد زكى، وأربعة من أفراد مجموعته» عبد الفتاح إبراهيم، صابر عوض، أحمد ياسين، وعبد الجواد سويلم (الشهيد الحى).
المفاجأة أن هذه المجموعة تلتقى معا لأول مرة منذ 48 عاما، لدرجة أنهم يعرفون أسماء بعض ولكنهم لم يتعارفوا على بعضهم بسبب تقدم السن.. وفى اللقاء روى الجميع الموقعة وكأنها تحدث.
تفاصيل المهمة
قائد «مجموعة الموت» اللواء عيد زكى إبراهيم، يلتقط خيط الحديث ليبدأ فى حواره رواية تفاصيل المهمة، التدريب وصولا للنجاح بتدمير مخازن سلاح وذخيرة العدو.
■ كيف بدأت مهمة تدمير مخازن العدو فى سيناء؟
- بدأت المهمة عند تكليف المجموعة بتدمير مخازن سلاح وذخيرة العدو واستراحة لجنود العدو.. أخذنا نتدرب على العملية فترة أكثر من شهر، وقمنا بعمل ماكيت او نموذج لمخزن السلاح فى منطقة انشاص للتدريب عليه، ووصلنا بالاحمال البدنية للجنود لأقصى ما يمكن أن يتحمله بشر.
ووصل الأمر أننى كنت أدرب الجنود كل واحد يحمل زميله ويطلع به الجبل، وينزل تانى حتى احقق الواقعية فى التدريب، وبالتالى يجب أن نكون مستعدين لأى احتمال ممكن نواجهه
ولكن الصعوبة فى الموقف أن القوات الاسرائيلية، لما كانت تنظم مواقع ادارية يتم انشاؤها فى مناطق جبلية وليست مناطق مفتوحة بحيث الطيران لا يستطيع تصويرها.
■ متى بدأت العملية للتنفيذ؟
- بدأت الدورية فى مساء يوم 20 يوليو 1969 للتنفيذ، ولم يكن أى وسيلة للذهاب للموقع سوى السير على الأقدام ولمسافة كنا متدربين عليها، لأن الصاعقة زمان كانت تتدرب فى طوابير سير من انشاص لبورسعيد.
تعليمات القيادة ل«مجموعة الموت» تدمير منطقة مخازن للعدو ما بين الكاب والتينة فى عمق سيناء فى الشرق.. وتم تشكيل المجموعة من 19 مقاتلاً من وحوش الصاعقة بقيادتى وكنت وقتها «ملازم أول».. وبدأ التدريب على المهمة لقرابة الشهر على موقع تم بناؤه للتدريب عليه.
خرجت دورية صاعقة من 19 مقاتلًا.. مهمتها تدمير منطقة مخازن سلاح للعدو فى عمق سيناء، وكان ذلك ليلة 20 يوليو 1969.
الدورية نفذت المهمة بنجاح قبل الفجر وقتلت 16 جنديًا من جنود العدو، ولَغَّمَت المخازن بالعبوات الناسفة التى تنفجر بعد وقت يسمح للدورية أن تكون على أبعد مسافة من الموقع.
وكان النظام الهندسى عند العدو متطورًا بحيث كانت مخازن الذخيرة والسلاح كلها فيها تهوية، وكانوا يغطون فتحات التهوية بالزرع حتى لا يبدو أو يظهر الموقع.
الموقع كان فيه حراسة ليلية، وكانت المهمة أن يتم التخلص من تلك الحراسة فى صمت لأنه لو تم القضاء عليها بصوت عال لاستطاع العدو التخلص منا.
ولذا كلفت صابر عوض وعبد الفتاح عمران بالتخلص من الحراسة باستخدام السلاح الأبيض، وكلفتهم بالتخلص من اثنين من الحراسة دون أن يصدر أى صوت من الحراسة أثناء قتلهم.
■ كيف تم التنفيذ عند الوصول الى موقع التفجير؟
- وصلنا للموقع ليلا، وكنا نسير همسا حتى اقتربنا، وقسمنا أنفسنا 3 مجموعات الاولى تهاجم ملجأ الافراد، والمجموعة الثانية والثالثة يتولون التجهيز الهندسى لتلغيم المخازن بدائرة هندسية مرتبطة بمولد كهربائى كان فى يدى، بحيث بعد التحرك بمسافة يتم تفجيره.
وكانت المجموعة التى ستدخل على مبيت الافراد 6 أفراد وانا معهم وبالفعل نجحنا فى قتل 16 جنديًا اسرائيليًا.. فى نفس الوقت تم تلغيم الموقع وربطه بمولد كهربائى.. وتحركنا عند أبعد نقطة من الموقع وعلى بعد 11 كيلو مترًا من القناة تم تفجير الموقع.
الانفجارات وقعت بعد شروق الشمس والدورية ابتعدت إلى أن أصبحت على مقربة 11 كيلومترا من القناة، بعدها أعطيت أوامرى بانتشار المقاتلين تحسبًا لطيران العدو الذى سيصل فى أى لحظة.
■ هل الرد الاسرائيلى كان سريعا؟
- كما توقعنا لحظات وفوجئنا بأربع طائرات حربية تهاجمنا، واستفردت طائرة بالبطل عبد الجواد سويلم الذى كان متأخرا عن زملائه.. وظلت تهاجمه برشاشاتها وهو يناورها ويضرب عليها ببندقيته حتى نفدت ذخيرة رشاشات الطائرة دون أن تصيبه، فما كان منهم سوى أن قاموا بإطلاق صاروخ على البطل عبد الجواد سويلم.
الشهيد الحى
هنا بدأت مواجهة البطل عبدالجواد سويلم (الشهيد الحى) مع القاذفات الاسرائيلية، حيث قال إنها أصعب لحظات عمره، وهو من أبناء محافظة الاسماعيلية..
■ كيف بدأت المطاردة مع الطائرات الاسرائيلية؟
- أصعب موقف فى حياتى هو انقاذى من الموت بعد نجاح العملية وتفجير المخازن الاسرائيلية، وبعد أن قامت الطائرة الاسرائيلية بضربى بصاروخ وفقدانى نصف جسدى
الموقف كان صعبًا لأننا كنا مجموعة شباب عمرنا نحو 23 سنة، كان موقفًا صعبًا لأن بعد ما تم ضربى ولم استطع الحركة، وزملائى اتأخروا على نحو دقيقة، والدقيقة فى زمن الصاعقة وقت كبير يعنى 60 ثانية، والثانية فى الصاعقة وقت يحدث فيها حاجات كثيرة.
كان فيه احساس أن ربنا بجوارنا وواقف معانا، لأن مفيش حد مصدق انى يتم ضربى بصاروخ وأخرج حى.
■ ليه اعتبرته أصعب موقف لك وكيف تتذكر الحادث؟
- كان أصعب يوم فى حياتى، تخيل لما واحد يبقى حاسس إنه أسد، وفاجأة تجد نفسك تفقد كل شىء بلا أنياب، (فقدت رجلين وذراع وعينى)
■ هل كنت متوقعًا أن يضربك بصاروخ؟
- نعم كنت متوقعًا أن يقوم بضربى بصاروخ، كنت متوقعًا انه لا يتركنى لانى كنت بناور الطائرة وأطلق عليها النار برشاش.
وهناك شروط للشهادة، منها ألا تعرض نفسك للموت، والشهادة فى سبيل الله ألا تلقى بنفسك للموت وإلا سيكون انتحارًا، انما الشهادة أن يفاجأك الموت وأنت تقاتل.
كنت أجرى من الطائرة الاسرائيلية وأناورها، حتى اذا تم ضربى وتلقيت الشهادة اكتملت شروطها.. فى نفس الوقت كنت أقاوم لأن سيناء كانت فى حاجة لعرقى وجهدى مع زملائى وقتها.. وتأكدت أنه لن يتركنى عندما انفرد بى فى منطقة مفتوحة فى صحراء سيناء
■ ما الذى دار بعد أن فقدت نصف جسدك بصاروخ العدو؟
- بعد أن أطلقت الطائرة الاسرائيلية الصاروخ وأصبت وفقدت الحركة، كان أصعب ما فيها خوفى أن أقع فى أسر العدو
لم يكن امام قائد المجموعة سوى أن يأمر زميلى (عبدالفتاح وصابر) بحملى والجرى بأقصى سرعة نحو القناة قبل وصول طائرات العدو مرة ثانية، وبالفعل وصلا فى منطقة عبورهم من الضفة الشرقية بعد نحو ساعة ونصف الساعة.
■ ما الذى حدث عند الوصول لنقطة العبور والعودة للكتيبة؟
- قائد الكتيبة وقتها الشهيد النقيب سمير يوسف (استشهد) استقبلنى ووضعونى على نقالة، وتم إجراء غيار للجروح واعطونى محلول ملح لتعويض الدم الفاقد من جسدى.
الطبيب قال إن الوضع صعب جدا وأمامى ساعتين على أكثر تقدير وتنتهى حياتى، اقترحوا احضار مدرعة لنقلى، لكن خطورتها أنها ستكون مكشوفة للعدو واستهدافها محتمل جدا، إلى أن اقترح قائد المجموعة عيد زكى إبراهيم نقلى على النقالة مشيًا إلى بورسعيد، أى مسافة 25 كيلو تستغرق نحو 12 ساعة سيرًا.
وصمم رجال المجموعة وزملائى القيام بالمهمة ونقلى، وبالفعل قام (عبدالفتاح عمران وصابر عرب) بحملى، وبجوارهما أحمد ياسين حامل محلول الملح
والطريق الذى كنا نسير فيه كان بجوار خط بارليف بنحو 250 مترًا، وكنا نسير بجواره فى خط متواز، بجوار السكة الحديد التى بمحاداتها ترعة تنمو على شاطئها الشرقى شجيرات و«بوص» كثيف، كان بمثابة وسيلة إخفاء لهم وتمويه.
زيارة جمال عبد الناصر
■ ما تفاصيل زيارة الزعيم جمال عبد الناصر لك فى المستشفى؟
- دخلت مستشفى بورسعيد وانا فاقد الوعى بعدها تم نقلى لمستشفى دمياط ومنه لمستشفى الحلمية العسكرى بالقاهرة.
فى أحد الأيام فوجئت بالممرض يخبرنى بزيارة مهمة لى وكنت ملفوفا بالشاش ولا يظهر سوى رأسى.. لحظات وأفاجأ بمن يقبل رأسى ويجلس على كرسى بجوارى (الزعيم الراحل جمال عبد الناصر).
■ ما الذى دار بينك وبين الرئيس عبد الناصر؟
- تحدثنا عن العملية وتنفيذها وتخلل الحوار مداعبات.. وفى نهاية الحوار سألنى عايز حاجة ؟!
فقلت له «عايز أرجع الميدان مع زمايلى» .. ذهل الرئيس عبدالناصر من الطلب ووقف فجأة وقال بتموت وعايز تحارب.. انت الشهيد الحى.. ومن هنا كان لقب البطل عبدالجواد الشهيد الحى.. اللقب الذى عرفه به الزعيم عبد الناصر.
■ هل عدت للميدان مرة ثانية؟
بعد سبعة شهور من العلاج عاد البطل عبدالجواد سويلم الى كتيبته فى الصاعقة مرة أخرى وظل فى الخدمة بذراع واحدة فقط منذ عام 1971 حتى 1975 بعد الحرب والانتصار واسترداد الارض.
■ بعد اصابتك وبتر قدميك وذراعك وعينك قبل الحرب. هل تركت الميدان؟
- المفاجأة أننى كنت موجودًا، بعد أن تم شفائى طلبت من الرئيس جمال عبدالناصر أن أعود وحدتى فى الصاعقة أينما ذهبت، وشاركت فى الحرب وأنا بحالتى دون قدمين وذراع.. وفى أى مكان تتجه فيه الوحدة أذهب معها.
وقت الحرب كنا فى القنطرة والسويس، وهذا مسجل وموثق.
العبور فى أكتوبر
■ شعورك بيوم النصر فى 6 أكتوبر؟
- يوم 6 أكتوبر وفرحته وهيبته زى يوم عرفة، وكأنك واقف على جبل عرفات، فاليوم له هيبة كبيرة لأننا شعرنا أن ربنا كان بجوارنا ونصرنا، شعرت أن ربنا نصر الحق، أن ربنا نصرنا بأسباب ودون أسباب
■ كيف تم استقبالك بعد أن عدت للميدان مرة ثانية؟
- عندما عدت للميدان مرة ثانية كان عمرى وقتها 23 سنة و7 شهور، وكان المهم الروح المعنوية المرتفعة.
■ لحظة النصر ورفع العلم المصرى؟
- لحظة عبورنا كنا نبكى من الفرحة، وكان وجودى جنب زملائى أعطاهم دفعة معنوية هائلة، أن واحدًا بيد واحدة جاء يقاتل معهم.
وخرجت من الجيش سنة 1975، بعد النصر، وبعد ما ارتويت من النصر واستعادة الأرض.
■ أكثر الذكريات التى تستعيدها وانتم متجمعون حاليا مع أبطال العملية؟
ذكرياتنا بعد أن نتجمع بعد مرور 48 سنة، من أسعد لحظاتى أن نتجمع (طقم الموت) بعد كل هذه السنوات، وحاسس أننى بعيش نفس اللحظة الآن وقت أن تم ضربى بصاروخ الطائرة الاسرائيلية وزملائى يحملوننى لانقاذى.
عايش اللحظة الآن واللواء عيد زكى يؤمر زملائى بحملى للمستشفى بسرعة.
مجموعة الموت
فى الحوار كان يجلس ثلاثة من أفراد مجموعة الموت، أحد أبطال موقعة الشهيد الحى صابر عوض، وهو من زفتى بمحافظة الغربية..
■ ما دوركم فى العملية؟
- لما اتكلفنا بالمهمة وسرنا للموقع فى عمق سيناء مع، اللواء عيد زكى وكان وقتها ملازم أول، أكد علينا المهام على المجموعات عند أقرب ساتر، وكانت مهمتى ذبح فردى الخدمة.
وكان نجاح المهمة مبنى على التخلص من فردى الخدمة فى صمت دون صوت، لأن باقى مهام المجموعة مترتب على التخلص من الحراسة، وبالفعل قمنا انا وعبد الفتاح عمران فى لحظة واحدة كل واحد على فرد حراسة وتخلصنا منهما فى وقت واحد بشكل تم تدريبنا عليه، وبعدها دخل كل فرد من أفراد المهمة بالقيام بدوره.
- يلتقط البطل عبد الفتاح عمران وهو ابن محافظة الاسكندرية خيط الحديث ليروى تفاصيل التخلص من حراسة الموقع دون صوت.. وقال كان من أصعب اللحظات هو حمل «الشهيد الحى» 11 كيلو مترًا فى عمق سيناء، ومن موقع الكتيبة الى بورسعيد 25 كيلو سيرا على الاقدام.. وكنا نتسابق فى المجموعة على من يقوم بحمل زميلهم الجريح.
ويروى: من حبى للجيش والخدمة للقوات المسلحة مستعد اروح الجيش مرة ثانية
- أما البطل أحمد ياسين وهو من ميت غارب بالبحر الأحمر، فيروى ذكريات ما حدث.. حيث لأول مرة يجتمعون منذ 48 عاما.. وقال إن أصعب لحظاته هو انقاذ زميلهم، حيث كانت مهمة حمل محلول الملح لزميله الجريح وفى يده الاخرى بقايا جسمه ساقين وذراع.
شهيد سوهاج
روى اللواء عيد زكى تفاصيل واقعة استشهاد جندى مصرى من سوهاج دفاعا عن أرضه، تبرهن معدن المقاتل المصرى وتحمله المسئولية.
وقال إن الشهيد الجندى محمد أحمد ضاحى من أخميم بسوهاج.. حفر نفقًا لمسافة 8 أمتار على الجبهة بمفرده فى يومين فقط، رغم أن حفر النفق يقوم به 4 أفراد فى 4 أيام ، فقررت منحه إجازة ثلاثة أيام زيادة.
ودفعة الاجازات الخاصة به كان مقررا لها العودة يوم 23 يوليو 1969، وفوجئت به عائدًا معهم رغم أننى أعطيته 3 أيام اجازة اضافية.
■ محمد أحمد ضاحى، كان عسكرى من الصعيد لايقرأ ولا يكتب، وكانت شغلته مزارعًا.. فلما سألته لماذا عدت؟
- قال وهو فى إجازته وبأرضه، فكر أن الكمين المسئول عن تأمينه مع ثلاثة من زملائه ليلا، بحيث اثنين يحرسان واثنين نيام ويبدلوا الحراسة، سيكون هناك غفرة فيها عسكرى واحد، وبالتالى لو نام ممكن يتسلل أى فرد من العدو فقررت أن أقطع إجازتى وأعود لوحدتى.
فقلت له للدرجة دى يا محمد واعى للمسئولية؟.. فرد مش بلدنا يا فندم وإن مكناش ندافع عنها مين يقوم بواجبه؟
وفى الساعة الثالثة فجرا تعرضت الوحدة لغارة من طائرتين إسرائيليتين، وفيها استشهد العسكرى محمد أحمد ضاحى.. وهذا هو الانسان المصرى والجندى المصرى الفريد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.