أشعلت قرارات الإفراج عن عدد من الضباط المتهمين بقتل شهداء الثورة وتبرئة عدد من قيادات النظام السابق أجواء الحشد لمليونية غدًا رغم طعن النائب العام علي قرار الإفراج وأحكام البراءة. الأمر الذي يطرح تساؤلات: هل التظاهرات ستغير من مسار القضايا وهل ذلك يمثل ضغوطًا من الرأي العام تنال من استقلالية القضاء أم أن القضاء يتطلب تطهيرًا وماذا لو تم إدانة من سبق وتبرئتهم؟! المستشار محمود الخضيري النائب السابق لرئيس محكمة النقض يري أن الأحكام الأخيرة ستزيد عدد المشاركين فيها كرد فعل علي تلك الأحكام، ولكن المليونيات لن تفيد في حالة الأحكام القضائية التي من المفترض أن تكون منزهة عن أي رغبات في التشفي للرأي العام، لذلك فلا يجب أن تدخل أحكام القضاء في المليونيات لأنه بذلك سيسيطر الجمهور علي مسار القضايا إنما هناك إجراءات أخري تتخذ وهي بالقضاء أيضًا مثلما حدث من قرار النائب العام بالطعن علي الحكم لاختلاف حيثيات الحكم عن حيثيات الاتهام، وهو إجراء قانوني وقد يكون له خلفية استجابة لمطالب الجماهير لكنه حدث علي كل حال ويشير الخضيري إلي ضرورة تطهير القضاء الذي سيكون قريبًا ومن داخل القضاء أيضًا. كذلك أكد المستشار إسكندر غطاس نائب رئيس محكمة النقض أن المليونيات لا يجب أن تحدد مسار المحاكمات بصرف النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معها لأن ذلك يفتح المجال للتعدي علي استقلالية القضاة بشكل عام فقد تكون المليونيات للدستور أو سرعة المحاكمة أو أهداف الثورة إنما بصدور الحكم سيكون الأمر متعلقًا بإجراءات قضائية كالطعن أو الاستشكال، لذلك يجب المرور بالقنوات الشرعية حتي لا تضيع هيبة القضاة، كما ضاعت هيبة الشرطة وحينها فلن يصبح هناك قانون يحكم بين الناس، إنما سيكون الحكم للأقوي. ويضيف: إن قرار النائب العام بالطعن هو قرار مناسب وفقًا لما رآه قانونيًا من حيث أسباب الطعن وطلب نظر القضية في دائرة أخري. وفي نفس السياق قال المستشار أحمد مكي: إن ما يضخم من الأحكام وتأثيرها هو الإعلام الذي يظهر أن تلك الأحكام هي ضد الثورة والشعوب وهو من يحشد الجماهير للمليونيات، ويعلق مكي قائلاً: إن القضاة يحاكمون أشخاصًا وليس أعضاء نظام سابق لذلك فهم ينظرون أوراق وإثباتات وليس أقاويل وإذا أخطأ قاض سيحاسبه القضاء وليس الجمهور، وذلك أفضل بالنسبة لهيبة القضاء حتي إذا كان بينهم فاسد، والناس يجب أن تتقبل الأحكام ثم تطعن عليها بالقانون بصرف النظر عن الروح الانتقامية وإلا ستكون هناك مجازر عن كل محاكمة وسيشعر القاضي أنه مقيد. وعن قرار النائب العام بالطعن علي الأحكام الأخيرة يقول مكي: إن ذلك الطعن قرار سياسي حيث يريد النائب العام أن يرسل رسالة للناس بالاطمئنان أن حقوقهم لم تهدر. فيما رأي المستشار سعد عبدالواحد نائب رئيس محكمة النقض الأسبق ضرورة عقد محاكمات استثنائية لرموز النظام السابق كون القضاء يحكم بالقانون الذي أمامه بصرف النظر عن صلاحية هذه القوانين من عدمه الأمر الذي يضع القضاء في مواجهة مع الرأي العام، ولا يوفر جدية المحاكمات. وأكد عبدالواحد أن النائب العام قد تسرع في قراره بالطعن علي أحكام البراءة قبل إطلاعه علي حيثياتها والمستندات المتعلقة بها، مضيفًا أنه في حالة الحكم بشكل طبيعي في قضايا فساد النظام السابق ورموزه سيخرج 80% من المتورطين فيها براءة لأن كل الفساد الذي مارسوه تم بواسطة قوانين تبرره وتعطيهم الحق في ذلك مثل القانون الذي يكفل للوزراء إعطاء توجيهات ومزايدات بالأمر المباشر، موضحًا أن الحل الأمثل للخروج من جلسة الجدل الفارغ هو صدق قرارات بالعزل السياسي ومحاكمتهم واعتقالهم والاستيلاء علي أموالهم حتي لا يضع مجالاً للشك في سير الأحكام، وأكد أن هناك مخططًا بوضع القضاء في صورة حرجة أمام الرأي العام علي خلفية تلك القضايا. وقال المستشار مجدي الجارحي: إن المحكمة تصدر أحكامًا بناءً علي وجهة نظر القاضي في المستندات المقدمة إليه وإذا صدرت الإدانة أمام دائرة محكمة أخري بموجب الطعن هذا لا يدين القاضي الحاكم بالبراءة، وأوضح أن النائب العام تأثر بالإعلام في قراره بالطعن دون النظر في أوراق القضية. وفيما يتعلق بالتشكيك في القضاة الذين حكموا بالبراءة وملف تطهير القضاة، أكد أن القضاء يطهر نفسه بنفسه باستمرار ولا ينبغي أن تعبث به أيادٍ خارجية، وأضاف أنه علي كل من يملك مستندات إدانة لقاض تقديمها للجهات المختصة. بينما أوضح أنه في حالة عمل محاكمة ثورة غير طبيعية لرموز النظام السابق سيحرم مصر من استرداد الهاربين من الخارج والأموال المنهوبة في البنوك الأوروبية، ولذلك كان قرار المحاكمات الطبيعية للفاسدين صائبًا قانونًا.