الدكتورة مهجة غالب، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، حاصلة على ليسانس الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر عام 1978، وأول عميدة لكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر بالانتخاب عام 2011، وتولت عضوية البرلمان عقب انتهاء عملها كعميدة للكلية، آمنت بأن تفسير القرآن الكريم ليس مقصورًا على الرجال فقط، فأصبحت واحدة من العالمات الأزهريات اللاتى تبحرن فى دراسة علوم القرآن. تساؤلات عديدة طرحناها على الدكتورة مهجة حول الفتوى، وأصولها، بالإضافة إلى تساؤلات الشباب فى أمور دينهم، ومدى صحية هذا الأمر من عدمه، ومن يحق له تقديم إجابة شافية، وإلى نص الحوار..
■ ما رأيك فى مجال الفتوى بين الناس اليوم؟ - الناس فى أمس الحاجة لمعرفة من يحق له الفتوى، لأنها شىء خطير يؤثر على عامة الشعب، فكل من هب ودب أصبح معنيًا بالفتوى، وللأسف يكون غير متخصص أو عالم بأمور الدين بل يعتمد على قراأته لكتاب أو اثنين، ومن ثم يعطى لنفسه الحق فى الإفتاء، لكنه إذا وضع قول الرسول «صلى الله عليه وسلم»: «أجرؤكم على الفُتيا أجرؤكم على النار» نصب عينيه سيتحرى الدقة فى فتواه، أو يترك الأمر للمتخصص الذى ينطبق عليه شروط المفتي. ■ اتخذ كثير من المتطرفين من تعدد المذاهب الإسلامية حجة تساعدهم على إبداء فتاويهم الشاذة بنسبها إلى أحد هذه المذاهب، فهل أصبح تعدد المذاهب نقمة تتسبب فى الفتاوى الشاذة؟ - هذا الأمر ليس صحيحًا، فالمتطرفون هم الذين يحاولون تتبع الفتاوى المغرضة، كما يقومون ببتر عبارت من موضعها، وسواء كان مذهبًا واحدًا أو مذاهب متعددة، فالخطأ يقع على عاتق المتطرفين وليس تعدد المذاهب. ■ يلجأ العلماء إلى آراء الفقهاء ليستدلوا منها على أبحاثهم وفتاويهم، فما تعقيبك على الرأى القائل بإنه يجب عدم اتباع آراء الفقهاء والالتزام بالقرآن والسنة؟ - كيف يمكننا ألا نلتف إلى آراء أيا من العلماء! كتب العلماء منها الغث ومنها السمين أى الجيد، بالتالى نتبع الجيد منها ونبتعد عن الخاطئ، فبالتأكيد نجد أن الجيد يتوافق مع القرآن والسنة، والسيئ منه يخالفهما، والعرف وما اجتمع عليه علماء المسلمين بالتالى لن نلتفت إليه. ■ تصور الفتاوى التى ظهرت على الساحات مؤخرًا المرأة على أنها منبع للغرائز فقط، فكيف يمكن التصدى لها؟ - فتاوى مغرضة بالتأكيد، لكن أناشد المرأة بعدم إعطاء أى فرصة لأصحاب الفتاوى المغرضة أن تكون وسيلة أو سلعة لإثارة الشهوات، وذلك يتحقق من خلال التزامها بما أمرها به الله عز وجل ورسوله الكريم، حيث ارتداء الزى الشرعى وعدم التعطر وعدم الخضوع فى القول، فكل ذلك يجعل للمرأة الحق فى الخروج وممارسة حياتها الطبيعية. ■ فى رأيك، ما دور المرأة فى مواجهة الفتاوى الإرهابية التى نشهدها فى الوقت الحالى؟ - تنقسم المرأة فى هذا الأمر إلى نوعين: المتخصصة وغير المتخصصة، فإما عن غير المتخصصة تقوم بنصح أبنائها بعدم تلقى الفتاوى الصادرة عن غير المتخصص، أما المتخصصة فعليها مسئولية كبيرة، أبسطها تعليم بنات جنسها الفتوى الصحيحة وتبين لهم الفتاوى الخاطئة وأسبابها، فتقوم بدور الداعية الذى يرشدنا إلى الطريق الصحيح. ■ الجيل الحالى كثير التساؤل والسيدات غير المتخصصات غير قادرات على الإجابة عن جميع أسئلتهم، فما التصرف حيال ذلك؟ - تساؤل الشباب ظاهرة صحية لأنه دليل على إعمال عقلهم وعدم استقبال أى معلومة بسهولة إلا إذا اقتنعوا بها، وذلك بعد نقاش مع المتخصصين فى أمور الفتوى لاستيضاح المعلومات الصحيحة، لذا يجب على المرأة غير المتخصصة اللجوء للمتخصصين، لإيصال الفتوى الصحيحة لأبنائها، وأن تكون على استعداد للرد على تساؤلاتهم. ■ تستغل الجماعات الإرهابية الشباب لاستقطابهم إليهم، فكيف تقومين بتوجيه طالباتك بالابتعاد عن الفتاوى المتطرفة والجماعات الإرهابية التى تحاول جذبهن لأفكارهم؟ - يتم تدريس مادة بعنوان «قضايا فقهية معاصرة»، وتقديمها فى شكل توعية غير مباشرة للطالبات، وذلك حتى لا ينفروا منها، فتصبح كالدرس الدينى المجبرين عليه، وتقوم التوعية على التأكيد على ضرورة إعمال العقل فى استقبال أى معلومة، ويأتى ذلك إثر حالة التردى التى وصلنا إليها فى الفترة الأخيرة من تناقل الفتاوى والكلام الذى يقال دون فهم وتمحيص، أو حتى تبين المراد منه، فوجدنا ما يقرب من 90% من الطالبات كن مستجيبات لهذا الأمر، وبدأن يتساءلن عن الفتوى والظروف التى مرت بها مصر، من ظهور بعض المشايخ ممن ليسوا أهلاً للفتوى.