على عكس كل ما يروج عن عزوف الشباب عن الثقافة والقراءة والإبداع، يأتى معرض القاهرة الدولى للكتاب لينسف هذه المقولات فى ظل الأعداد الضخمة من الشباب التى تحرص على زيارة المعرض، وقد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعى على مدار السنوات الماضية فى خلق هذه الحالة من الزخم الكبير التى يشهد المعرض، خصوصاً بعد ثورة 25 من يناير 2011 التى رسخت قيم حرية التعبير والإبداع مما ساهم فى ميلاد عشرات من دور النشر الجديدة وشجع مئات من الشباب على نشر أعمالهم الإبداية، وبرغم هذا الزخم الكبير الذى يصاحب معرض الكتاب لكن يبقى السؤال مطروح حول مدى جودة الأعمال المعروضة، وإلى أى مدى تحول الكتاب إلى سلعة مرتبطة بالعرض والطلب وليس بالقيمة والجودة؟ فى هذا السياق تحاور روزاليوسف العديد من المبدعين والمبدعات الشباب المشاركين فى الدورة 47 لمعرض القاهرة الدولى للكتاب حول أعمالهم الجديدة ومدى حرصهم على أن تصدر أعمالهم بالتزامن مع انطلاق فعاليات معرض الكتاب، بالإضافة لتقييهم للمعرض بصورة عامة. قال الروائى الشاب أحمد شوقي: «أصبح معرض الكتاب موسمًا أدبيا، تمامًا مثل موسم مسلسلات رمضان، وموسم أفلام العيد، ولا أقصد بذلك أى إشارة سلبية إنما ألفت إلى القدر من الاهتمام الذى بات يحتله المعرض مع انفجار الكتابة والنشر». وأضاف شوقى «ليس المعرض هو الموسم الوحيد للكتاب فقد بات لدينا موسمًا آخر وهو موسم البوكر، وربما إذا حظت جائزة كتارا بصيت البوكر نفسها سيكون لدينا موسم لكتارا وربما سيتكرر الأمر نفسه مع الجائزة الجديدة للقصة القصيرة، وهذا كله أمر صحى، أن يصبح لدينا هذا الاهتمام الحقيقى بالكتاب بغض النظر عن محتواه هو أمر صحى، ربما تخلق حرية النشر تلك إذا أطلقناها على مداها نظاما فى المستقبل يفرز قراء حقيقيين محبين لتحصيل المعرفة، بالإضافة أن موسم المعرض هذا ينعكس إيجابيا على صناعة النشر وبالطبع يستفيد منه عمال المطابع بكل تأكيد وهو أمر فى ذاته جدير بالاحتفاء». ومن جانبها قالت الكاتبة منى عبد الكريم «كانت مشكلتى الدائمة مع معرض الكتاب خلال السنوات الماضية هو الشعور بالتيه وبالإرهاق لعدم معرفتى بمخطط المعرض، وربما كان أكثر ما أسعدنى هذا العام هو الانتباه لهذا الموضوع من خلال توزيع خريطة ورقية تتضمن الصالات وما تضمه من قاعات ودور النشر، وقد ساعدت التكنولوجيا كثيرا فى الترويج للمعرض هذا العام، وذلك من خلال وسائل التواصل الاجتماعى والتكنولوجيا وعلى رأسها وجود تطبيق عم أمين على الموبايل لثانى عام على التوالى والذى يساعد الزوار فى إيجاد ما يبحثون عنه من كتب أو دور نشر، أو التعرف على جدول فاعليات اليوم، إضافة لوجود صفحة للمعرض على الفيس بوك يتم تحديثها باستمرار تتيح لمتابعيها التعرف على الأنشطة باستمرار». وأضافت «لعل تكاملية الفنون والانتباه لضخ المزيد من الفاعليات الفنية الموسيقية والتشكيلية، من الأمور التى تحسب لهيئة الكتاب خاصة مع إقامة المسرح المكشوف الذى تجده فى الغالب كامل العدد، والذى جذب جميع الفئات العمرية، ويعتبر المسرح المكشوف أحد الأنشطة المستحدثة هذا العام، حيث يستضيف فرق الشباب والفرق الحرة من مختلف أنحاء مصر لتقديم إبداعتها وعروضها ومنها: أوسكاريزما والآلات الشعبية وعمدان النور وكذلك كورال التقدم ذوى الإعاقة.. ذلك بخلاف خيمة الفنون التى تستضيف خمس فقرات فنية يومية تتنوع بين سينما الأطفال وعروض مسرح الشباب، وعروض الفنون الشعبية والحفلات الغنائية وعروض فنية لذوى الاحتياجات الفنية». وفى هذا السياق قال الروائى الشاب وسام جنيدى « لعل من اكبر مكاسب للثورة المصرية «25 يناير» هى الثورة الثقافية التى تلتها، الكثير من الشباب اتجه نحو الكتاب، واتجاه الشباب نحو الكتابة ربما ينبع من الفكر الثورى الذى جاء عقب الثورة، وخلو تلك الثورة من أية مكاسب للشباب، مما دفع الشباب للتعبير عن ما يجيش بصدورهم من خلال الكتابة والفنون الأخرى». وأضاف «معرض الكتاب هو ملتقى للكتاب خاصة لكتاب الوطن العربى، ويعد فرصة لمحبى الكتب نتيجة للتخفيضات التى يحصل عليها من دور النشر المتعددة على إصدارتها خاصة من السنين السابقة، ولكن أنا لست حريصا على إصدار كتبى فى فترة المعرض فقد جاء هذا بمحض الصدفة لخطة الدار التنانير بها أعمالى،لكن هى فرصة على أى حال للالتقاء بقطاع عريض من القرّاء فى خلال فترة المعرض». وأشار إلى أن الأعمال المطروحة فى المعرض حتى الآن جيدة، وخاصة أن القرّاء لم يعد يعنيهم فكرة الرواية فقط، ولكن فنون مثل القصة القصيرة وشعر النثر أصبح لها محبون ومريدون، فكرة خضوع الكتاب لمسألة العرض والطلب وليس الجودة هى فكرة مع الأسف منتشرة بين قطاع كبير من الشباب ولكن ليس القرّاء المعتادى قراءة، خلق الاتجاه للقراء من قبل بعض دورى النشر مستمر فى مصر خاصة فى أدب الرعب والجريمة، ولكن ذلك ليس فى مصر فقط ولكنه اتجاه عالمى، وفكرة أنالزمن هو شىء سيئ بالنسبة لأى كاتب، أوالتقدير الذى يأتى متأخراً يدفع بعض الكتاب الجيدين الى عدم الاستمرار .