أول تعليق من التعليم على زيادة مصروفات المدارس الخاصة بنسبة 100 ٪    وصول مدير حملة أحمد طنطاوي إلى المحكمة للمعارضة على حكم حبسه    وزير التعليم العالي يترأس اجتماع مجلس الجامعات الأهلية    أسعار البيض اليوم الاثنين 3-6-2024 في الأسواق    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 3 يونيو 2024    وزير المالية: وثيقة السياسات الضريبية «2024-2030» مازالت تحت الدراسة    وزير الإسكان يوجّه بتسليم الوحدات للمقبولين بإعلانات «الاجتماعي» في الموعد المحدد    «النقل»: 5.150 مليار جنيه صافي أرباح 4 شركات متخصصة في الحاويات    تراجع معدل التصخم في إندونيسيا خلال الشهر الماضي    «القاهرة الإخبارية»: الاحتلال الإسرائيلي يقصف منطقة المغراقة وسط قطاع غزة    المجلس النرويجي للاجئين: بوركينا فاسو الأزمة الأكثر إهمالاً في العالم    مصادر طبية فلسطينية: 21 شهيدا منذ فجر اليوم في غارات إسرائيلية على غزة    إعلام فلسطيني: مدفعية الاحتلال تستهدف منطقة المغراقة وسط قطاع غزة    موجة حر قاسية تجتاح الهند.. عشرات القتلى و25 ألف مهددون بالموت جراء ضربة شمس    محمد الشناوي يحرس عرين منتخب مصر أمام بوركينا فاسو في تصفيات المونديال    محمد الشناوي يرفض عرض القادسية السعودي    رسومات الأحياء المقررة على الصف الثالث الثانوي.. «راجع قبل الامتحان»    «الأرصاد»: محافظات الصعيد الأكثر تأثرا بالموجة شديدة الحرارة اليوم    رئيس البعثة الطبية للحج: جاهزون لاستقبال الحجاج.. وفيديوهات إرشادية للتوعية    كشف غموض العثور على طفل مقتول داخل حظيرة «مواشي» بالشرقية    السكة الحديد تعدل تركيب عدد من القطارات وامتداد أخرى لمحطة القاهرة    القاهرة الإخبارية: غارات جوية إسرائيلية تستهدف المناطق الشمالية لخان يونس    مخرجة «رفعت عيني للسما»: نعمل في الوقت الحالي على مشاريع فنية أخرى    مدينة الدواء المصرية توقع شراكة استراتيجية مع شركة أبوت الأمريكية    خلال يومين.. الكشف وتوفير العلاج ل1600 مواطن ببني سويف    صباحك أوروبي.. صفقة ليفربول الأولى.. انتظار مبابي.. وإصابة مدافع إيطاليا    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    شرف عظيم إني شاركت في مسلسل رأفت الهجان..أبرز تصريحات أحمد ماهر في برنامج "واحد من الناس"    5 فصول من مواهب أوبرا دمنهور في أمسية فنية متنوعة    مواعيد مباريات اليوم الإثنين 3-6- 2024 والقنوات الناقلة لها    مصرع شخصين وإصابة 5 آخرين في حادث تصادم بأسيوط    الأنبا فيلوباتير يناقش مع كهنة إيبارشية أبوقرقاص ترتيبات الخدمة    أخبار مصر: حقيقة تغيير سعر نقاط الخبز ومصير الدعم، بيع مقتنيات سمير صبري، السكك الحديدية تحذر المواطنين،أفشة: 95% من المصريين مش بيفهموا كورة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 3-6-2024    حريق كبير إثر سقوط صواريخ في الجولان المحتل ومقتل مدنيين جنوب لبنان    بالفيديو.. أول تعليق من شقيق المفقود السعودي في القاهرة على آخر صور التقطت لشقيقه    سيدة تشنق نفسها بحبل لإصابتها بأزمة نفسية بسوهاج    كلاوديا شينباوم.. في طريقها للفوز في انتخابات الرئاسة المكسيكية    كيفية حصول نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بني سويف    أفشة: هدف القاضية ظلمني.. وأمتلك الكثير من البطولات    ارتبط اسمه ب الأهلي.. من هو محمد كوناتيه؟    أحداث شهدها الوسط الفني خلال ال24 ساعة الماضية.. شائعة مرض وحريق وحادث    أفشة يكشف عن الهدف الذي غير حياته    عماد الدين أديب: نتنياهو الأحمق حول إسرائيل من ضحية إلى مذنب    متحدث الوزراء: الاستعانة ب 50 ألف معلم سنويا لسد العجز    أمين سر خطة النواب: أرقام الموازنة العامة أظهرت عدم التزام واحد بمبدأ الشفافية    محمد الباز ل«بين السطور»: «المتحدة» لديها مهمة في عمق الأمن القومي المصري    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    «رئاسة الحرمين» توضح أهم الأعمال المستحبة للحجاج عند دخول المسجد الحرام    وزير الصحة: تكليف مباشر من الرئيس السيسي لعلاج الأشقاء الفلسطينيين    إنفوجراف.. مشاركة وزير العمل في اجتماعِ المجموعةِ العربية لمؤتمر جنيف    مصرع 5 أشخاص وإصابة 14 آخرين في حادث تصادم سيارتين بقنا    تنخفض لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الإثنين 3 يونيو بالصاغة    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    الفنان أحمد ماهر ينهار من البكاء بسبب نجله محمد (فيديو)    إصابة أمير المصري أثناء تصوير فيلم «Giant» العالمي (تفاصيل)    حالة عصبية نادرة.. سيدة تتذكر تفاصيل حياتها حتى وهي جنين في بطن أمها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تولستوى الأديب الباحث فى معنى الحياة

صادف يوم 20 من نوفمبر الجارى الذكرى رقم 105 لوفاة الروائى الروسى الأيقونة ليو تولستوى الذى ولد فى 9 ديسمبر 1828 وتوفى فى عام 1910، ويعتبر «تولستوى» من أهم رواد الأدب الروسى على مر التاريخ ومن أشهر أدباء البشرية الذى قدم العديد من الروايات والمجموعات القصصية والمؤلفات التربوية والفلسفية لعل أشهرها رواية «الحرب والسلام» ورواية «آنا كارنينا» وترجمت أعماله إلى لغات عديدة ومنها اللغة العربية.
ولد تولستوى فى ضيعة اياسيانا بوليانا الواقعة فى مقاطعة تولا الروسية سنة 1828 وكان أصغر أخواته الأربعة الأولاد وتذوق تولستوى منذ صغره مرارة الفقد، حيث ماتت أمه وهو لم يتجاوز العامين من عمره ثم مات والده الكونت تولستوى وعمره عشر سنوات فتنقلت مسئولية رعايته هو وأخوته بين جده وعمه وعمته.
ورغم ذلك كان لأبويه الأثر الكبير فى تكوين القريحة الإبداعية لدى تولستوى، فوالده الذى اشتغل بالزراعة فى الأرض التى ورثها عن والده الإقطاعى كان يحب المطالعة وكان يمتلك مكتبة واسعة فيها قسم للأدب الفرنسى مما شكل عاملًا حيويًا فى اهتمام الصغير بعالم الأدب. كما يعتقد أن تولوستوى ورث جينات المعرفة الإنسانية من والدته، إذ كانت تجيد العديد من اللغات بجانب الروسية مثل الإنجليزية والألمانية والفرنسية والإيطالية.
تلقى تولستوى تعليمه الابتدائى على أيدى مدرسين للغة الفرنسية والألمانية، فى عام 1843 التحق بالجامعة ليدرس اللغات الشرقية، إلا أنه هجر الدراسة بعد أربع سنوات دون الحصول على شهادة تخرج وانطلق فى رحلة لعالم الأدب والكتابة ورحل فى بدايتها إلى مدينة سانت بطرسبرج وهناك عاش حياة اللهو.
وفى عام 1853وهو ابن خمسة وعشرين عاما التحق تولستوى بالجيش الروسى وأرسل ضابطًا فى منطقة القوقاز جنوب غرب روسيا واشترك فى حرب القرم، فى الفترة حتى عام 1856 وأظهر شجاعة فى معركة «سيفا ستوبول» إلا أنه كره الحروب ووهب قلمه لنبذها.
وظهرت موهبته المبكرة حيث قام بتأليف سيرة ذاتية فى مؤلفاته «مرحلة الطفولة» و«فترة الصبا» فى1854 أثناء حرب القرم، وعمد إلى التجول فى أوروبا بعد الحرب حيث تعلم طرق التربية والتعليم الحديثة فى غرب القارة واستلهما فى ضيعته «ياسنايا بوليانا» عندما افتتح مدرسة لأبناء الفقراء وأصدر مجلة تربوية حينذاك.
ونأتى لفصل هام من حياته ألا وهو قصة زواجه وحياته الأسرية فقد تزوج «سونيا» الفتاة الارستقراطية الجميلة ابنة السابعة عشرة وهو فى الرابعة والثلاثين من عمره بعد قصة حب رومانسية وكانت وفقًا لكلماته زوجة رائعة أنجب منها ثلاثة عشر طفلا وكانت مع ذلك زوجة مثقفة تخرجت فى جامعة مرموقة، تجيد الفرنسية والألمانية والإنجليزية. ساعدت الأديب فى كتابة مؤلفاته وإعدادها للنشر وعاش معها عقود طويلة حياة أسرية رائعة. إلا أنها شهدت فى النهاية تحولًا مأساويًا عندما حاول تولستوى التجرد من مظاهر الثراء، ومر فى حياته بصراع عنيف مع الكنيسة فنبذته الكنيسة من مظلتها بقرار حرمان كنسى ومنعت كتبه عام 1901، أى قبل وفاته بتسع سنوات.
قدم تولستوى للإنسانية ميراثًا هائلًا من الأعمال التى تنوعت بين الفلسفة والإصلاح والروايات، لعل أشهرها رواية «الحرب والسلام» التى تعد من أروع ما كتب تولستوى ونشرت كاملة عام 1869 وهى ملحمة تاريخية لحياة خمس أسر روسية، استعرض فيها ما يمر به الإنسان خلال مراحل حياته المختلفة على خلفية من الأحداث السياسية والعسكرية التى كانت تموج بها قارة أوروبا فى الفترة من عام 1805 إلى عام 1820وتركز على غزو نابليون بونابرت لروسيا عام 1812. ومن أرائه فى رواية الحرب والسلام أن التاريخ لايُصنع بواسطة من يطلقون على أنفسهم أبطالًا.
وخرجت روايته الملهمة «آنا كارنينا» عام 1877وفيها ينتقد الطبقة الارستقراطية التى كان ينتمى إليها فى النصف الثانى من القرن 19.
وكان لتجربة الحرب أثرها عليه فقدم تولستوى أعمالا تسجل فى مصاف أدب الحرب مثل «الحرب والسلام» و«أقاصيص سيفاستوبول» عام 1855، عن قصة حصار مدينة سيفاستوبول فى شبه جزيرة القرم فى الفترة من 1854 - 1855. وتأتى رواية «القوازق» عام 1863 لتسجل صراع الإنسان العاطفى فى زمن الحرب.
ولتولستوى عدد من المؤلفات الإصلاحية والفلسفية، ففى عام 1882 نشر كتابه «اعترافاتي» الذى اتخذ فيه منحى فلسفيًا عبر خلاله عن عذاباته وحيرته. ويعكس كتابه «ماهو الفن» مبدأه الذى انبثق عنه صراعًا دائمًا داخل المبدعين وهو الفن للحياة ودور الفن الأخلاقى والثقافى، كذلك جاء مؤلفه «مملكة الله داخلك» دعوة للبشر للبحث عن الخير فى أعماقهم.
وتأتى مرحلة هامة فى حياة تولستوى الإبداعية أواخر القرن التاسع عشر انتقل فيها من أدب الارستقراطية إلى أدب الواقع وفيها استمد رسالة أعماله من مقولة الفن للحياة مثل قصة «وفاة إيفان أليش» عن فلاح فقير على فراش الموت ورواية «الحاج مراد»عن زعيم إحدى القبائل فى جبال القوقاز والتى عمد فيها إلى الكشف عن انهيار وفساد النظام السياسى والاجتماعى الروسى حينذاك.
كانت رسالته فى أدبه دومًا نبش مكنونات العقل والنفس للإجابة عن السؤال الأبدى الذى طالما أرق الأدباء والفلاسفة ما هو معنى الحياة؟ واتسمت كتاباته بحب الحياة وقبول الواقع ونشر ثقافة المغفرة والتسامح.
وحمل تولستوى المبدع والإنسان كثير من التناقضات وبذور الصراع الداخلى والتى تبلورت فى أعماله وانتقلت لقرائه فهو كان ينتمى لأسرة أقطاعية فى روسيا فى القرن التاسع عشر إلا أنه مع تقدمه فى العمر رفض مظاهر الثراء وتملك القصور والإقطاعيات وتجرد منها منطلقًا يبحث عن شظف العيش بين الفقراء فى أكواخهم.
كما أنه كان رجلًا عسكريًا شارك فى حروب عديدة منها حصار سواستبول عام 1851 وحرب القوقاز وشارك فى الحرب الروسية الشيشانية، إلا أنه رفض الحروب بعد أن خبر مآسيها.
وقضى تولستوى شطرًا كبيرًا من حياته التى تجاوزت الثمانين عامًا فى صراع للتعبير عن رأيه المضاد لسلطة الكنيسة والسياسيين وكذلك الثورة البلشفية رغم أنه فى البداية تحمس لمبادئها من نبذ النظام الإقطاعى والقيصرى ورغم أن البلاشفة اتخذوا من مبادئ وتعاليم تولستوى ستارًا أخلاقيًا للدورهم القمعى فى التاريخ. وظهر وجه تولستوى المقاوم للظلم والقمع سواء الدينى أو السياسى ففى روايته «البعث»عام 1899 انتقد سلطة الكنيسة الأرثوذكسية ورفض عنف الثوريين فى بدايات القرن العشرين.
ويعكس مشهد نهاية حياة أديبنا زخم الصراع الذى عاش فيه تولستوى أواخر أيامه بين رغبته فى التخلى عن ممتلكاته وعائد بيع مؤلفاته ومشاركة الفقراء معيشتهم الضيقة وبين زوجته وأسرته لذا تخلى عنهم ورحل برفقة طبيبه وأحد تلاميذه فى قطار من الدرجة الثالثة بهدف الوصول لأحد الأديرة مما أسفر عن تدهور حالته الصحية وليموت وفقًا لبعض الروايات فى مكتب مدير محطة القطار فى محطة «اسكابوفا» فى 20 من نوفمبر عام 1910. ويقال أن أخر كلماته هى « لقد انتهى كل شىء، تلك هى النهاية، وهذا لا يهم».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.