تتآمر عليهم الحياة بصعوباتها، والطبيعة مؤخراً بسيولها، فسادت حياتهم الحسرة والحزن، يشتكون.. يبكون على أحوالهم المنسية.. هبت عليهم السيول بنسائم كدرت حياتهم، حواها الموت والخسران والهلاك فهلكت منازلهم، وأرضهم بثمارها.. تعددت مطالبهم حول تحسين أوضاعهم كثيراً، لكن هذه المرة «مُرة» أرض غرقى بدون محصول، بل تتفاقم الديون أكثر وأكثر.. نعم إنهم الفلاحون. سيول محافظة البحيرة تركت وراءها مآسٍ كثيرة، فأغرقت البيوت والمنازل الأخضر واليابس، فتزايدت حالة الغضب والاحتقان لدى الفلاحين بمحافظة البحيرة بعد غرق أراضيهم الزراعية وتلف محاصيلهم، «روزاليوسف» رصدت جزءاً بسيطاً لتلك المآسى فى السطور التالية.. «محمد عاشور - 40 عاماً فلاح من قرية كفر عسكر بمركز إيتاى البارود - قال إنه خسر محصول البصل المخزن هذا العام، بعد أن غمرته المياه فى مخزنه، مؤكداً أن الأمطار الغزيرة دمرته تماماً، وأن لديه 2 فدان، يزرع أحدهما قمحاً كل عام، لكن الماء لم يجف من الأرض حتى الآن لزراعة القمح بعد أن حرثها قبل الأمطار لتهويتها استعداداً للزراعة، موضحاً أنه لا يوجد أى مصارف لتصريف المياه الموجودة فى الأراضى، الأمر الذى جعل أكثر من مساحة 12 فدانًا زراعية حوله تمتلئ بالمياه حتى الآن. وأشار إلى أنه زرع فدانًا «بسلة» كانت مصاريفه 30 كيلو تقاوى بقيمة 900 جنيه، ومبيدات وسوبر فوسفات ب300 جنيه وعماله للأرض 400 جنيه، مضيفاً: «فى الآخر مفيش محصول»، الفلاح معدوم تماماً ومحدش سامع صوته، والفدان خسارته 12 ألف جنيه بسبب غرقه. مشيرا إلى وجود شائعات حول تعويض الفلاحين من قبل الجمعية التعاونية الزراعية ولكن الحقيقة أنه لا يوجد حل حتى الآن. صبرى شحاتة - من قرية العيون بمركز إيتاى البارود - يقول «البطاطس عفنت فى الأرض، وقيمة الفدان إيجار فقط 8 آلاف جنيه. واستطرد صرفت 3 آلاف جنيه مبيدات، وأنا مهدد بالحبس لأن الديون كثرت ووقعت على إيصالات أمانة، حيث اشتريت التقاوى والمبيدات بموجب السداد آجلا، حيث يعتمد الفلاح على السداد بعد حصاد المحصول الذى غرق فى السيول، والخسارة تتراوح بين 25 و30 ألف جنيه فى فدان البسلة، مضيفا: إن تقاوى فدان البطاطس تكلف ب 6 الآف جنيه، وشيكارة سماد السوبر فوسفات ب 500 جنيه، إضافة إلى أجور العمال، مؤكدا على أن الفلاح فى البحيرة مهدد بالحبس، مضيفاً أن هناك تعنتًا مع الفلاح من قبل الدولة، فلا يوجد دعم حقيقى للفلاح ،مشيراً إلى أن محصول القطن غرق فى المياه، وعن تعاون الجمعية الزراعية مع الفلاحين، قال إنه المفترض توفير 4 شكاير سماد للفدان، لكن يصرف شيكارتين فقط والباقى يوفره من السوق السوداء ب 160 جنيهاً للشكارة. رضا جلال - مزارع وإمام مسجد بالبحيرة - قال أن الأمطار الغزيرة أغرقت عشرات البيوت مما اضطر الأهالى لتأجير مواتير وماكينات الرى لكسح المياه بسبب انسداد بالوعات الصرف الصحى وإهمال المسئولين، وأن أغلب الفلاحين يزرعون البرسيم لتوفير أكل المواشىس، وأغلب الزرع الموجود فى هذا الموسم البطاطس والبصل والبسلة والقمح والكرنب، وأشار إلى أن الفلاحين المتضررين جمعوا عددا كبير من صور تحقيق الشخصية وأرسلوا العديد من الشكاوى إلى وزير الزراعة ولم يصل أى رد أو إفادة حتى الآن. وقال بهاء العطار - نقيب الفلاحين عضو الجمعية الزراعية بالبحيرة -: إنه تلقى عددًا من الشكاوى من الفلاحين تفيد بغرق الاراضى الزراعية والطرق المؤدية إليها، وأن المدن الصحراوية أكثر تضررًا فى الخسائر، حيث نتج عن الهطول المستمر للأمطار تجرف آلاف الأفدنة من المحاصيل وتلفها، وأسفرت عن تلف أكثر من 20 ألف نخلة، بالإضافة إلى تدمير10 آلاف شجرة فواكه وموالح. وأكد أن أكبر مركزين فيهما خسائر هما وادى النطرون وإدكو، وأن هناك تعويضات ستصرف عن طريق الجمعيات الزراعية للفلاحين على كل فدان 2500 جنيه، بعد المعاينة، ودراسة الخسائر، وسيتم الصرف للمزارع شخصياً.