كلما مر يوم من فعاليات الدورة الثامنة للمهرجان القومى للمسرح، كلما ازدادت لجنة تحكيم المهرجان حيرة وترددا، والتى تضم عضوية كل من الفنان محمود الحدينى رئيسا، والدكتور حاتم حافظ، والدكتور محمد أبو الخير، والدكتور سامى عبد الحليم، ومنال محيى الدين، ولمياء محمد، ونبيل الحلوجي، والفنان هشام جمعة، والناقد عبد الغنى داود، فقد احتدمت واشتدت المنافسة بين عروض المهرجان، وذلك على اختلاف تنوعها، وخلفيتها الإنتاجية، لذلك تعتبر هذه الدورة، من أغنى وأنجح دورات المهرجان القومى على مدار سنوات انعقاده، حيث شهدت مشاركة عدد غير قليل من الطاقات الفنية الشابة، والتى قدمت هذا العام بانوراما لمجموعة من الأعمال المتنوعة، سواء من القطاعات التابعة للوزارة أو البيت الفنى أوالجامعات أوالمستقلين أوحتى مسرح القطاع الخاص. جاء على رأس عروض المهرجان التى لاقت استحسانا جماهيريا كبيرا، منذ أيام عرضه الأول وتوقع له الجميع، أكثر من جائزة بهذه الدورة عرض «روح» للمخرج باسم قناوي، وبطولة حسن نوح وفاطمة محمد على وياسر عزت وسماح سليم ولبنى ونس وعابد عنانى تصميم ديكور وملابس محمد جابر وإضاءة أبوبكر الشريف ودراماتورج ياسر أبو العنين، وقد حظى هذا العرض بإعجاب الجميع، نظرا لاكتمال عناصره الفنية، وهو المرشح الأول لحصد جوائز المهرجان، يليه فى الاقتراب من تكامل العناصر «هنا انتيجون»، والذى عرض ضمن فعاليات المهرجان على مسرح الجمهورية، وانتاج الطليعة وإخراج تامر كرم وبطولة علاء قوقة وهند عبد الحليم ورحاب خليل ومحمد ناصر وأحمد توفيق تصميم ديكور محمود صبرى وإضاءة عمرو عبد الله الشريف وملابس مى كمال، وهو العرض الثانى المرشح لنيل أكثر من جائزة، ويليهم «حلم ليلة صيف» إخراج مازن الغرباوى وبطولة أميرة عبد الرحمن وحسام داغر وسهر الصايغ وحسن حرب وإيمان الإمام ومحمد الأحمدى صياغة شعرية مصطفى سليم تصميم ديكور وملابس أحمد عبدالعزيز إضاءة رامى بنيامين وموسيقى أحمد مصطفى، ومن العروض المرشحة للفوز بأكثر من جائزة أيضا، عرض «هاملت المليون» للمخرج خالد جلال، والتابع لجامعة المستقبل، العرض بطولة فرقة المسرح بجامعة المستقبل، وتأليف أشعار مصطفى سليم موسيقى هيثم الخميسى وديكور حازم شبل وإضاءة ياسر شعلان وملابس مروة عودة وتصميم استعراضات مجدى صابر، ويعتبر من أقوى عروض الجامعة المرشحة للفوز بجوائز، أمام عروض البيت الفنى للمسرح، تأتى أيضا على رأس هذه الترشيحات لنيل جوائز المهرجان، عروض «بارانويا»، وهو عرض مونودراما بطولة ريم حجاب وإخراج محسن حلمى والتابع لمركز الهناجر، وكذلك «بعد الليل» بطولة الدفعة الأولى من استوديو المواهب بمركز الإبداع الفنى إخراج خالد جلال وإنتاج صندوق التنمية الثقافية، و«الفيل الأزرق» التابع لدار الأوبرا إخراج مناضل عنتر، وبطولة أعضاء فريق الرقص المسرحى الحديث، و«رجالة وستات» إخراج إسلام إمام والتابع لمسرح أوبرا ملك. على الجانب الأخر جاءت عروض الجامعات والفرق المستقلة وعروض الهيئة العامة لقصور الثقافة، فى المرتبة الثانية للترشيحات للحصول على جوائز بالمهرجان، حيث اشتركت معظم هذه العروض فى الافتقار للنضج والحرفية الفنية، سواء فى تناول النصوص العالمية أوالأداء التمثيلي، وكانت من أبرز الأمثلة، على هذه الأعمال عرض «ابن عروس»، لفرقة القاهرة القومية تأليف وإخراج ياسين الضوي، قدم العرض سيرة الشاعر ابن عروس، لكن لم يكن على مستوى المنافسة بالمهرجان، بسبب فقره فى عناصره الفنية مثل الملابس أو الديكور، وبسبب أداء الممثلين الذى كان بدائيا للغاية، وكذلك كانت عروض «دون كيشوت» التابع لفرقة منتخب جامعة بنها إخراج أسامة محمد شفيق، و«نقطة ومن أول إمبارح» فريق كلية طب أسنان وإخراج ميشيل منير، و«سيرك يا دنيا» فريق مسرح كلية التجارة وإخراج محمود عمران، و«هردبيس» التابع لفرقة الرؤية المستقلة وإخراج جرجس ميلاد، و«ألف نيلة ونيلة» فرقة نادى مسرح دمياط وإخراج حسن النجار، و«فراش إجباري» إخراج أحمد رجائى فرقة سودوكو المسرحية، و«أرلكينو والأكليل» فرقة جيفارا، إخراج عمر الشحات، كل هذه العروض اشتركت، فى نفس العيوب الفنية، وبعضها كان يعانى من التطويل والملل، وربما كان أكثرها إزعاجا لجمهور المهرجان ولجنة التحكيم، عرض «هردبيس» حتى أن الجميع تساءل كيف سمحت لجنة المشاهدة المسئولة، عن اختيار العروض لهذا العمل بالدخول، ضمن المسابقة الرسمية، وبالنظر إلى هذه الأعمال، خاصة عروض الجامعات والفرق المستقلة، كان واضحا حالة الإخفاق الفنى الشديد، التى أصبحت تعانى منه عروض المستقلين، وبعض عروض الجامعات، والهيئة العامة لقصور الثقافة، لذلك كان يجب على لجنة المشاهدة المسئولة، عن اختيار عروض المسابقة الرسمية، أن تراعى المستوى الفنى فى اختيارها لهذه الأعمال، وتضع معايير ثابتة لإختيار من يرتقى لمستوى التسابق. لكن فى المقابل هناك أعمال فنية شاركت، من نفس جهات الإنتاج ورغم ضعف بعض عناصرها إلا أنها كانت تستحق المشاهدة والمشاركة ضمن فعاليات المهرجان، وكان واضحا بها حجم المجهود المبذول، كما أنها تنبىء، بظهور طاقات فنية شابة فى المستقبل القريب، كان منها عروض «إيكوس - الحصان» التابع لبيت ثقافة السنبلاوين سينوجرافيا وإخراج فريد يوسف، و«الحصار» فرقة هواة قصر ثقافة المنصورة إخراج السعيد منسي، و«هانبيال « فرقة روانا الهوسابير وإخراج محمد جبر، «الغريب» التابع كلية التجارة جامعة عين شمس وإخراج محمود عبدالعزيز، «فى انتظار جودو«التابع لفرقة من القاهرة مع حبى إعداد وإخراج أحمد صبحي، اشتركت هذه العروض فى محاولة تقديم حالة فنية مختلفة وجديدة، واهتم صناعها بالصورة والرؤية البصرية لأعمالهم، وبدا ذلك واضحا فى عرضى «الحصار»، و«هانبيال»، و«إيكوس-الحصان» لكنها اشتركت أيضا فى عدم اكتمال النضج الفني، واتضح هذا الضعف فى أداء الممثلين، خاصة فى العروض الثلاث السابق ذكرهم، حيث احتفظ ممثلى هذه العروض، بأدءا تمثيلى تقليدى قديم للغاية اعتمد على الصراخ و«الرغي»، والتطويل فى مناطق كثيرة بالعرض، لم تكن تحتمل الإطالة، وربما يأتى اللوم هنا على الإعداد عن النص الأجنبى الأصلي، الذى لم يكن بالجودة الكافية، لكن لايمكن إنكار المجهود المبذول، من الجميع للاقتراب من مستوى التنافس والاحتراف، لذلك قد يتعرض هؤلاء الشباب للظلم، عندما تتم مقارنتهم بالمحترفين، وبالتالى كان من الممكن الاستعانة بفكرة لجنة الدعم الفني، التى سبق وطبقها المخرج أحمد السيد بأحد مهرجانات مسرح ملك، وكانت تضم هذه اللجنة عدد من الشباب المحترفين، للتدخل بخبراتهم الفنية فى عروض الهواة، كى يقومون بعمل نوع من التهذيب والتماسك لأعمالهم، وبالتالى يستفيد الشباب المشاركين، ويستفيد المهرجان بإشعال منافسة أشرس بين المتسابقين. أما العروض التى كانت على مستوى منافسة المحترفين كان عرض «ليلة القتلة» التابع لنادى قصر التذوق إخراج إسلام وسوف، وكذلك «أحدب نوتردام» قصر ثقافة الفيوم وإخراج أشرف حسني، «الأمير» مركز إبداع الأمير طاز إخراج محمد مرسي، «بلا مخرج» فرقة صوفى المستقلة وإخراج أحمد فؤاد، «فى انتظار جودو«فرقة من القاهرة مع حبى وإخراج أحمد صبحي، «العشاء الأخير» إخراج أحمد العطار، وبطولة سيد رجب وبطرس غالى ورمزى لينر، و«هاملت المليون» فرقة مسرح جامعة المستقبل وإخراج خالد جلال، و«بعد الليل» إخراج خالد جلال، كل هذه الأعمال اشتركت فى ميزتين، الأولى أنها ضمت عناصر محترفة لها، وبالتالى كان هذا فارقا، فى مستوى أداء الممثلين، ومن هذه العناصر كان المخرج أو معد النص المسرحى أو الممثلون أنفسهم، وبالتالى خرجت العروض قوية ومتماسكة، ودخلت فى منافسة شرسة مع عروض البيت الفنى للمسرح، والميزة الثانية أنه بدا واضحا من هذه العروض، اهتمام جهات الإنتاج التابعة لها بجودتها الفنية، كى تخرج فى شكل مناسب يرقى لمستوى التنافس. وأخيرا وليس أخرا، تعتبر دورة هذا العام من أميز وأزخم دورات المهرجان القومى للمسرح، سواء على مستوى عروض المسابقة الرسمية نظرا لتنوعها الشديد، والتى تنوعت بين عروض درامية، وأخرى استعراضية مثل عرضى الأوبرا «نساء من مصر» لفرقة فرسان الشرق إخراج طارق حسن، و«الفيل الأزرق» لفرقة الرقص المسرحى الحديث إخراج مناضل عنتر، وهو ما فتح مجالا أوسع وأرحب فى التنافس بين المبدعين الشباب، وكذلك كان عرض الهامش، الذى أصر أن يشارك مخرجه ناصر عبد المنعم رئيس المهرجان، على الهامش وهو عرض «سيد الوقت» بطولة وائل إبراهيم، وتامر نبيل، وسامية عاطف، ومعتز السويفى ومحمود الزيات وصلاح السيسى وحسن عبد الله وحازم عبد القادر وزياد إيهاب، وشاهدت لجنة تحكيم المهرجان، العرض يوم الإثنين الماضي، وبعد انتهائه، وقف أعضاؤها فى التحية النهائية، احتراما للممثلين الذى تعامل جميعهم، وكأنهم داخل المسابقة الرسمية للمهرجان، خاصة تامر نبيل الذى أدى شخصية الملك الظاهر ابن صلاح الدين، بأداء أبهر الجميع، وكأنه أراد أن يقول، كنت جديرا بالمشاركة ولكنه القدر..!!