تنطلق 15 مايو.. جدول امتحانات الشهادة الإعدادية 2024 بالمنيا    ضمن مشروعات حياة كريمة.. محافظ قنا يفتتح وحدتى طب الاسرة بالقبيبة والكوم الأحمر بفرشوط    وضع حجر الأساس لنادي النيابة الإدارية في بيانكي غرب الإسكندرية (صور)    وزير الدفاع يلتقي قائد القيادة المركزية الأمريكية    مدبولي يتابع موقف التعديلات المقترحة على قانون المناطق الاقتصادية    ارتفاع أسعار الدواجن، وهذا سعر البيض في السوق اليوم الثلاثاء    بيلاروسيا تجري اختبارا مفاجئا لحاملات الأسلحة النووية    تعرف على حكم مباراة العودة بين الأهلي والترجي في نهائي دوري أبطال أفريقيا    النيابة تخلي سبيل مجدي شطة بكفالة مالية    سب والدته.. المشدد 10 سنوات للمتهم بقتل شقيقه في القليوبية    تجاوز 185 ألف جنيه.. تعرف على سعر إطلالة ياسمين عبدالعزيز في «صاحبة السعادة» (صور)    وائل كفوري ونوال الزغبي يحييان حفلًا غنائيًا بأمريكا في هذا الموعد (تفاصيل)    الصحة: نحرص على توفير الدورات بشكل دائم لصقل مهارات الأطقم الطبية والإدارية    الشامي: حسام حسن علمني الالتزام في الملعب.. وأخبرني أنني أذكره بنفسه وهو صغير    «زعيم الأغلبية» يدين الهجمات الوحشية للقوات الإسرائيلية على رفح الفلسطينية    غدا.. صحة المنيا تنظم قافلة طبية بقرية معصرة حجاج بمركز بني مزار ضمن مبادرة حياة كريمة    على طريقة الشيف عظيمة.. حضري بسكويت اليانسون في المنزل    9 أيام إجازة متواصلة.. موعد عيد الأضحى 2024    الرئيس الصيني يتعهد ب"عدم نيسان" قصف الناتو للسفارة الصينية في بلجراد    قبل بدء فصل الصيف.. موعد انخفاض أسعار الاجهزة الكهربائية وتوقعات السوق (الشعبة توضح)    نجمة البوب العالمية دوا ليبا تصدر ألبومها المنتظر "التفاؤل الجذري"    كيف يقوم العبد المسلم بشكر ربه على نعمِه الكثيرة؟..د.عصام الروبي يوضح    رئيس "دينية الشيوخ": تعليم وتعلم اللغات يمهد لمقاصد شرعية كريمة    البورصة المصرية تربح 11.9 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    بدء تطبيق نظام رقمنة أعمال شهادات الإيداع الدولية «GDR»    وزير الدفاع البريطاني يطلع البرلمان على الهجوم السيبراني على قاعدة بيانات أفراد القوات المسلحة    للأمهات.. أخطاء تجنبي فعلها إذا تعرض طفلك لحروق الجلد    وزير الري يتابع موقف المشروعات المائية وتدبير الأراضي لتنفيذ مشروعات خدمية بمراكز المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"    انطلاق الأعمال التحضيرية للدورة ال32 من اللجنة العليا المشتركة المصرية الأردنية    ضبط متهم بالاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بأهالي المنيا    نصائح مهمة لطلاب ثانوي قبل دخول الامتحان.. «التابلت مش هيفصل أبدا»    توقف حركة دخول شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة    75 رغبة لطلاب الثانوية العامة.. هل يتغير عدد الرغبات بتنسيق الجامعات 2024؟    احتفالات القيامة بإيبارشية القوصية ومير بحضور المحافظ ومدير الأمن| صور    حفل met gala 2024..نجمة في موقف محرج بسبب فستان الساعة الرملية (فيديو)    9 عروض مسرحية مجانية لقصور الثقافة بالغربية والبحيرة    المشاكل بيونايتد كبيرة.. تن هاج يعلق على مستوى فريقه بعد الهزيمة القاسية بالدوري    بحضور مجلس النقابة.. محمود بدر يعلن تخوفه من أي تعديلات بقانون الصحفيين    الضرائب: تخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية ل25 ألف جنيه بدءًا من أغسطس المقبل    الأمم المتحدة: العمليات العسكرية المكثفة ستجلب مزيدا من الموت واليأس ل 700 ألف امرأة وفتاة في رفح    برلماني: الاستجابة للمقترح المصري طوق النجاة لوقف نزيف الدم    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس على المحافظات    بكتيريا وتسمم ونزلة معوية حادة.. «الصحة» تحذر من أضرار الفسيخ والرنجة وتوجه رسالة مهمة للمواطنين (تفاصيل)    انطلاق فعاليات مهرجان المسرح الجامعي للعروض المسرحية الطويلة بجامعة القاهرة    ضبط نصف طن أسماك مملحة ولحوم ودواجن فاسدة بالمنيا    «تعليم القاهرة»: انتهاء طباعة امتحانات نهاية العام الدراسي لصفوف النقل.. وتبدأ غدًا    عادات وتقاليد.. أهل الطفلة جانيت يكشفون سر طباعة صورتها على تيشرتات (فيديو)    "تم عرضه".. ميدو يفجر مفاجأة بشأن رفض الزمالك التعاقد مع معلول    إيرادات «السرب» تتجاوز 16 مليون جنيه خلال 6 أيام في دور العرض    اقوى رد من محمود الهواري على منكرين وجود الله    المتحف القومي للحضارة يحتفل بعيد شم النسيم ضمن مبادرة «طبلية مصر»    تفاصيل نارية.. تدخل الكبار لحل أزمة أفشة ومارسيل كولر    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    زعيم المعارضة الإسرائيلي: على نتنياهو إنجاز صفقة التبادل.. وسأضمن له منع انهيار حكومته    لاعب نهضة بركان السابق: نريد تعويض خسارة لقب الكونفدرالية أمام الزمالك    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    شكر خاص.. حسين لبيب يوجه رسالة للاعبات الطائرة بعد حصد بطولة أفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإمام تبنى مركزًا وسطًا بين «الإفراط» و«التفريط» فى فهم النصوص الشرعية
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 23 - 02 - 2015

يعد الإمام محمد عبده نموذجا يحتذى به فى هذه المرحلة الدقيقة التى تقوم فيها مؤسسات الدولة بتطوير الخطاب الدينى لانه يمثل فى فكره المستنير شعاعا كاشفا لمن يضعون خططهم لهذا التطوير باعتباره من كبار المجددين وأبرزهم فى العصر الحديث حيث جاء فى فترة زعم فيها البعض أن باب الاجتهاد قد أغلق وأنه لا أمل فى التجديد واقتصر الباحثون على التقليد للسابقين ويأتى التالى فينقل عن السابق ولا يتجرأ شخص على نقد ما ينقله أو يزيد عليه. واستعرض الدكتور عبد الفتاح عبدالغنى أستاذ التفسير وعلوم القرآن الكريم سيرة حياة الإمام محمد عبده وعلاقته بأستاذه جمال الدين الأفغانى وسفره إلى الغرب ومنهجه الذى يقوم على الاعتدال والوسطية ومدى جهده فى عملية تفسير القرآن الكريم
وقال عبد الغنى إن الإمام ولد سنة 1849 بقرية محل نصر بالبحيرة ونشأ فى أسرة عرفت بمقاومتها لظلم الحكام وتضحيتها من أجل الحق والواجب تلقى دروسه فى الجامع الأحمدى فى طنطا وهجر الدراسة بسبب أساليبها الصعبة ورفض والده وأعاده الى الدراسة ودخل الأزهر.
واتصل الإمام بأستاذه جمال الدين الأفغانى واقترب من فلسفته التجديدية التنويرية المنضبطة بقواعد اللغة وقوانين الشرع وبدأ يكتب فى الصحف مقالاته ومنها جريدة الأهرام التى كان من رواد الكتابة فيها، ونفى من مصر وحددت إقامته فى قريته وعاد للعمل ليصير محررا فى مجلة الوقائع ثم حكم عليه بالسجن فى ثورة عرابي. وعكف على البحث والتجديد من خلال تأملاته وأصدر مع الأغانى مجلة العروة الوثقى.
وأضاف: ان الامام له منهج فى فهم النصوص الشرعية فالناظر فيما تركه من تراث فكرى يراه قد تبنى مركزا وسطا بين الافراط والتفريط والملاءمة بين التراث والتجديد والتقريب بين الاصالة والمعاصرة ومواجهة تيار التغريب.
واجه الإمام أنصار الأفكار المتشددة التى عرفت بالجمود والتقليد وبدأ يحث طلابه على التفكير واحترام العقل وإصلاح أساليب اللغة ويرد على هؤلاء الذين يروجون لفكر السلطة الدينية قائلا ليس فى الإسلام سلطة دينية والخليفة فى الإسلام حاكم مدنى سواء أتى بطريقة البيعة أو الاقتراع المباشر وهو الانتخاب.
وقال أيضا: الإسلام دين وشرح عبادة وسرور عقيدة واخلاق ووجود الأحكام الشرعية لا توجد إلا إذا وجدت سلطة تقوم بتطبيقها.
وقال عبد الغنى: اهتم محمد عبده بالإصلاح وانصف المرأة ولا يغيب عنا سورة النساء والتى اسمها يمثل الروح العام وحسبك هنا أن أسوق لك بعضًا من فهمه المستقيم.
أولا: تأملوا حين سئل الإمام عن قضية الفن قال إن الشريعة الإسلامية ابعد من أن تحرم وسيلة من أفضل وسائل العلم بعد التحقق أن هذا الفن لا خطر فيه على الدين لا من جهة العقيدة أو العمل.
واستطرد: يلوم الإمام على المفسرين من غفلوا عن الهدف الذى من أجله أنزل القرآن والاكثار من أمور يخرج بالكثيرين من الكتاب الالهى ولهذا يراه قد قسم التفسير قسمين أحدهما تفسير جاف مبعد عن الله وهدايات الكتاب وهو ما يقصد به تعريف الالفاظ وإعراب الجمل قال هذا لا ينبغى ان يسمى تفسيراً بل دربًا من التدرب فى الفنون المتنوعة كالنحو وعلم الاشتقاق.
ثانيهما: ذهاب المفسر وبيان حكمة التشريع على الوجه الذى يجذب الارواح ليتحقق فيه معنى قوله «هدى ورحمة» وهذا هو القول الذى ارمى إليه فى معنى التفسير.
وتابع عبدالفتاح : أسوق كلاما للأستاذ الإمام فى هذا النموذج الذى يتعلق بقضية الربا يقول: ويحتج أكلة أموال الناس بالباطل الذين ينقطعون بأناس اتكاليين يدعون انهم انقطعوا عن الحياة تاركين الاعمال النافعة فلا يتعلمون علما ولا يجاهدون فى سبيل الله وليس فيهم صفة من الصفات ويأكلون بدينهم، وكذلك فإن الاسلام يبين لنا ان الايثار لابد ان يقابل بالعفة وعزة النفس فحين ذهب المهاجرون الى المدينة وجدوا إيثارًا من الانصار حتى ان البعض منهم عرضوا على إخوانهم تطليق زوجاتهم ليتزوجوا منهن ولكن المهاجرين قابلوا ذلك بالعفة.. بارك الله لكم فى أموالكم وبيوتكم دلونا على السوق.
ويرد الإمام على هذه الخزعبلات: هذه أوهام فإن المسلمين فى هذه الأيام لا يحكمون الدين فى اعمالهم ومكاسبهم ولو حكموه ما استدانوا بالربا وجعلوا أموالهم غنائم لغيرهم .. ألم تسبقنا جميع الأمم إلى اتقان الصناعة والتجارة والزراعة فلماذا لا نتقنها ان ديننا يدعونا إلى ان نسبق الأمم فى الاتقان، المسلمون فى الاغلب نبذوا دينهم فلم يبق عندهم إلا عادات وتقاليد أخذوها بالوراثة فمن يدعى ان الدين عائق للترقى فقد عكس القضية وهذا من عدم البصيرة والتأمل الصادق لحال الأمة.
ولفت الدكتور محمد صابر عرب، وزير الثقافة السابق إلى أن الإمام ليس مجرد اسم أو مفسر أو فقيه، وإنما هو شخصية تركت العديد من القضايا للفكر المصرى، والفتاوى التى تحتاج لتأملها.
وقال: ما تركه يستحق الدراسة فى المدارس والمعاهد الدينية والأزهر الشريف، لأنه أحدث حالة كبيرة جدا فى حياتنا وعلينا استرجاعها حتى تكون حجة أمام المتشددين. وأشار إلى أن الإمام محمد عبده ترك تلاميذ مثل الشيخ عبد المتعال الصعيدى وهو أحد الأبناء المخلصين للإمام وأن مدرسة الإمام امتدت حتى وصلت لشيخ محمود شلتوت، كما اعتبر الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر من تلاميذ محمد عبده، موضحا أننا فى حاجة إلى فكر محمد عبده وفى تلك اللحظة التى يبدو فيها القتل باسم الدين والإسلام وآن الأوان أن تكون كتاباته محلاً للدراسة وعلى كل مؤسسة تعليمية أن تأخذ من فكر الإمام محمد عبده منهجاً.
والتقط منه الخيط الدكتور أحمد زكريا الشلق ليواصل الحديث حول المدرسة العلمية والدينية للإمام وأضاف: إن لمحمد عبده أيضا مدرسة فى السياسة المصرية وكلنا يتذكر حين لعن السياسة، فى حين أن هذه المسألة لم تكن كفرًا بالسياسة بقدر شعوره أن مصر لم تكن مستعدة للثورة ونيل الاستقلال فبدأ يفكر فى التربية والتعليم واصلاح الازهر والمؤسسات التشريعية لتطوير حال الأمة وأن مدرسته كانت ترى ضرورة وجود كفاءات حتى يتحقق الاستقلال ، لافتا إلى أن محمد عبده يعتبر مؤسس حزب الامة مع انه توفى قبل الاعلان عن الحزب وكان يرى أن كفاءات المصريين يمكنها تحقيق الاستقلال والتعامل مع واقع الاحتلال بشكل واقعى وعملى وان تتسلح بالعلم، ولذلك عمل على إصلاح التعليم، وبالفعل تم استبدال طريق الثورة بالإصلاح.
وهو ما سماه لطفى السيد اعداد الأمة بكفاءات الاستقلال وكان تلاميذه يرون ان مصر ستصل الى الثورة بإعداد الشعب من خلال الكفاءات ليصبح المصريون اندادا لسلطات الاحتلال..
واقترح الإمام مشروعات وبرامج للإصلاح وهو ما يشير إلى أن المسئولين عن اعداد الجامعة المصرية عام 1908 كانوا أيضا من تلاميذ الإمام وتبنوا فكرة مقاومة الاحتلال بالإصلاح.
وأكد الشلق: فكر الإمام وتراثه عظيم وزاخر فى كثير من الدراسات والمجالات ومن يقرأ ما كتبه الإمام سيجد الاستنارة فى القضايا العقلية والدينية.
وحول تجديد الفكر الدينى قال الشلق:إن ما طالب به الإمام منذ مائة عام لانزال نطالب به حتى الآن خاصة فى قضية التقليد والاجتهاد وموقف الاسلام من العلم الحديث.
وأضاف: فيما يتعلق بالتقليد والاجتهاد نعنى بها فتح باب الاجتهاد ومن كلام الامام» ان ابواب الاجتهاد مفتوحة فى جميع المسائل التى تثيرها ظروف الحياة ولا يجب ان تكون الكلمة للنصوص البالية.. الدين صديق العلم وكان الإمام يطالب بفهم الدين دون تعقيدات وان الدين يستند على العلم واهتم بدراسة العقل الانسانى ورأى ان الفلسفة هى حب الحكمة وان التفكير الفلسفى لا يجب ان يكون نظريا ويجب ان يتورط فى الحياة.
كما دافع الامام عن حرية الفكر بينما الكافر هو المعاند الجامد وهو من يغمى عينيه ويسد أذنيه عن الحق وبين محمد عبده ان السلوك المعادى للفلسفة ليس دليلا على ان العيب فى الدين وكان يرى ضرورة الانفتاح على العلوم.
وأضاف: ينبغى ان نميز بين الفهم والحفظ وكل من اعتقد شيئاً ولم ينفذ إلا باطنه فهو عبارة عن خيالات تذوب بمجرد الشبهة .. كما اثبت الإمام ان علم التوحيد تأسس على التنوير ودعا إلى المساواة بين البشر وكل ما دعت إليه قيم التنوير فى الغرب دعا إليها الاسلام منذ أن نزل من السماء.
وقال الإمام بالحرف: لقد تآخى العقل والدين فى كتاب مقدس .. وذكر أن بعض طوائف الاصلاح فى المدنية الغربية ذهبت الى اصلاح العقائد لا فى التصديق بالرسالة، واشاد بروح التعاطف بين المسلمين وبين جيرانهم وعدم استشعار عداوة لمن خالفهم لذلك انتشر الإسلام فى الصين بدون السيف بل بالقراءة فالإسلام يحضنا على ان نتعاون مع كل من جاورنا من شعوب الارض. وان تحرير العقل يقضى بأن يكون العقل ناقدا وليس هناك خلاف بين العلم والدين وكان مؤمنا بأن الدين والعلم ليس بينهما نزاع.
وتمسك بالرأى القائل ان العلم والدين يتمسكان وضرب أمثلة تفصيلية كثيرة ورأى ان الصدام نشأ من تدخل الفلاسفة الذين ساندوا بعض الاحزاب ولا يجب استعمال الدين للانشقاق.. كان الامام يمتلك فكرا ناقدا وانتقد المشتغلين بالعلم وضيق أفقهم وعاب على الفقهاء تشبثهم بحرفية النصوص.
وكان مؤمنا باكتشاف ما فى التراث من قيم وبين بإلحاح ضرورة تجديد عقائدنا بما يلائم الواقع ولمصلحة جموع المسلمين ويتساءل كيف تتوافق الاخلاق مع قوم يتعالون على الضعفاء ويتلقون الرشوة واستسلموا للحوادث وان المسلمين فقدوا الثقة فى انفسهم فنشأ التردد وقلة الهمة.
وتابع الإمام نهج الطهطاوى فى المواءمة بين الفكر الاسلامى والافكار الاوربية واصبح الاسلام مرادفا للتمدن واكد على ان الشعوب الاسلامية لن تتقدم الا اذا اقتبست من أوروبا انتاجها العقلى وعلى المسلمين اعادة تفسير الشريعة بناء على ظروفهم.
ومن جانبه قال الدكتور عبد الواحد النبوي: لكى نفهم كيف تمت صناعة محمد عبده لابد ان نعرف الزمن الذى ولد فيه وهو 1849 .. وهذا الزمن رغم ما كان فيه من عورات فإنه اعطاه الفرصة فى الحصول على العالمية فى سن صغيرة.
محمد عبده جاء من أقاصى الريف ولم يكن له أب يقدم له وسائل الثقافة والتحق بالأزهر فى سن السادسة عشر عاما وحصل على العالمية فى سن 26 عاما.
كانت أوروبا فى الوقت تطغى من خلال موجة استعمارية تمثلت فى امبراطوريات مثل فرنسا وبريطانيا وهولندا وبلجكيا فى حين ان عالمنا العربى كان ينام فى ثبات عميق وهو ما كان له أثره فى من يدعو بأن تقوم الامة من ثباتها.
فى حين انقسمت الآراء حول هذا الأمر البعض رأى أننا لابد أن نعتصم بمجموعة من الآليات وان نخطو على نهج أوروبا ونتخلص من الخرافة والتقليد ونلبس ثوب أوروبا وهناك طائفة أخرى على العكس رأت الخروج فى حركة اصلاحية مستنيرة تقدم المجتمع بخطوات كبيرة نحو الامام وهو ما فعله جمال الدين الأفغانى ومن سار على نهجه واتبع خطاه من تلاميذه الذين كان من بينهم الإمام محمد عبده وغيره ممن تبنوا حركة التنوير فى مصر وكان لهم التأثير الكبير فى تغيير مساراتها وصناعة تاريخها السياسى والفكرى والثقافى مثل سعد زغلول وأحمد لطفى السيد وغيرهم.
وأضاف إن الامام اقتدى بالافغانى فى الدعوة الى التحرر وإصلاح الدين وكان يدرك طبيعة المجتمع المصرى كمجتمع متدين بطبعه ورأى ان عملية استيراد الافكار المغلفة ومحاولة زرعه فى الارض لن يجدى ورأى ان اصلاح حال المجتمع يأتى بإعمال العقل وتحريره فى كل النصوص الدينية.
وأعمل الامام عقله فى نموذج تعدد الزوجات ليجعل منها قوة تساعد فى تطوير المجتمع فرأى ان نظام تعدد الزوجات ليس عادة شرعية فالمغول لا يعرفون تعدد الزوجات ومن ثم فإن هذا النظام وليد ظروفه.. وأن تعدد الزوجات ارتبط بزيادة عدد النساء على الرجال فى الحروب القديمة.. وأن الاسلام اتخذ موقفا اصلاحيا من تعدد الزوجات فحدد العدد بأربع.. وليس صحيحا من ادعى ان الاسلام اقر التعدد الجاهلى فى الزوجات.
وأباح الإسلام التعدد لكى يخرج الناس من ظلم حيث كانوا يتزوجون من فى وصايتهن واباح تحقق العدل المطلق بين الزوجات وليس الاقتصار على الزوجة الواحدة .
والامام يرى ان العدل المطلق شرطا لاباحة التعدد وانه من الممكن اللجوء الى القاضى وذكر اسبابا معينة للتعدد.
وظهرت إصلاحيته فى التربية والتعليم وكان لا يرى نهوضا لهذه الامة بدون الاصلاح فى تعليمها. وقال لا قوة ولا ثروة الا بتلقى العلم والمعارف لخروج الأمة من كبوتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.