الصورة الجميلة المشرقة لاستفتاء التعديلات الدستورية التي أشعرتنا بالفرحة والتفاؤل والأمل يجب ألا تنسينا المشاكل العتية العديدة التي تعترض سبيل إتمام الانتخابات البرلمانية المقبلة والتي في الأغلب ستجري بعد نحو ستة أشهر من الآن. فرغم التنافس والاستقطاب الحاد والمعلن الذي شهدناه وعشناه خلال الأيام التي سبقت الاستفتاء بين المؤيدين والمعترضين علي التعديلات الدستورية، فإننا في الانتخابات البرلمانية سوف نكون إزاء تنافس أشد واستقطاب أكبر، خاصة أنه في هذه الانتخابات سيكون المتنافسون كثر وعدداً كبيراً في الدائرة الواحدة من مختلف النوعيات والمشارب. ولعل أولي المشاكل التي تعترض الانتخابات البرلمانية هو عدم كفاية الوقت المخصص للإدلاء بالرأي والتصويت في ظل العدد الحالي المقرر للجان الانتخابية، وهو العدد المحكوم بعدد القضاة الذين اضطر كل واحد منهم للإشراف علي أربعة صناديق مجمعة في حجرة واحدة، نظراً لعدم كفاية عدد القضاة لتغطية كل عدد اللجان.. وفي الانتخابات البرلمانية سوف يستغرق القاضي وقتاً أطول لاختيار المرشح بالمقارنة في التصويت علي الاستفتاء، الاختيار فيه محدد بنعم أو لا فقط.. وحتي لا يؤثر ذلك علي نسبة التصويت يتعين علينا البحث عن حل لهذه المشكلة إما بإطالة فترة التصويت عدة ساعات إضافية حتي العاشرة مساء مثلاً أو بإجراء الانتخابات البرلمانية في أكثر من يوم، أو الاثنين معاً.. حتي نحافظ علي نسبة التصويت الرائعة التي تحققت في الاستفتاء مع العلم أن هذه النسبة «41%» تعني علي الجانب الآخر أن هناك «59%» من الناخبين لم يدلوا بأصواتهم في الاستفتاء. أما المشكلة التالية التي تنتظرنا في الانتخابات البرلمانية فهي عملية التأمين التي ينبغي أن تكون منضبطة ومحكمة، خاصة أن الانتخابات البرلمانية لدينا كان يشوبها دائماً عنف وممارسات بلطجة، في ظل تنافس حاد وأشد في هذه الانتخابات عن الاستفتاء.. ولعل ما حدث من اعتداء علي د.البرادعي منعه من التصويت في الاستفتاء هو بمثابة إنذار مبكر لنا حتي نهتم بالاستعداد الجيد والأفضل لتأمين الانتخابات البرلمانية، حتي لا نفسد هذه الانتخابات بممارسات يتعين أن تتوقف بعد 25 يناير وفي ظل ثورة كان هدفها الأول هو بلوغنا هدف الديمقراطية. يأتي بعد ذلك مشكلة استخدام الدين ومشكلة استخدام المال في شراء الأصوات.. ولقد ظهرت كلتا المشكلتين علي نطاق غير واسع في تجربة الاستفتاء علي التعديلات الدستورية.. فيما لجأ الإخوان ومعهم السلفيون وكل من ينتمون إلي التيار الديني للتحريض علي التصويت بنعم علي التعديلات الدستورية.. ولجأ البعض منهم علي حث المواطنين علي التصويت بنعم بحقائب مشابهة للحقائب الرمضانية.. وفي المقابل لجأ بعض القساوسة لتحريض المسيحيين للتصويت بلا في مواجهة الإخوان. لذلك.. يجب أن نكون أكثر استعداداً لتذليل هذه المشاكل قبل إجراء الانتخابات البرلمانية.. حتي نضمن أن تتم هذه الانتخابات في سلاسة وأمن وبلا تجاوزات أو خطايا وبدون تزوير أو تزييف ولو غير مباشر لإرادة الناخبين.