مبدئياً.. أكرر إدانتي للفعل السقيم والمؤسف.. الذي تعرض له الدكتور محمد البرادعي رئيس الجمعية الوطنية للتغيير.. يوم أن ذهب إلي مدرسة في مساكن الزلزال بالمقطم لكي يدلي بصوته في الاستفتاء.. هذا عمل مدان ولابد من استنكاره.. حتي لو كنت قد حملت بعض مسئوليته للفريق المحيط بالبرادعي لأنهم اختاروا له موقعاً غير مدروس.. ما جري يلقي بظلال خطيرة علي عملية الانتخابات الرئاسية.. وليست تلك هي طريقة التعامل مع الشخصيات العامة حتي لو كان هناك من يرفض منهجها. ثانياً: سبب هذا المقال.. هو ما قرأته علي «تويتر» من تعليق للدكتور البرادعي.. بعد أن وصل من الهند.. حين انتقد الإعلان الذي نشرته في الأهرام «الجمعية الشرعية» التي دعت إلي التصويت علي الاستفتاء واعتبرت ذلك واجباً دينياً.. وقد علق البرادعي قائلاً: هذا أمر خطير ومريب. لقد كتبت علي الشبكة الاجتماعية الشهيرة «تويتر» أكثر من تعليق علي هذه العبارة.. وقلت: لقد تأخر ما قال البرادعي بضعة أيام.. وقلت: إن الجمعية الشرعية وفق ما هو معروف تخضع لسيطرة إخوانية.. فإذا كان البرادعي لا يعرف فتلك مصيبة.. فماذا لو كان يعرف وفوجئ. وأردفت: أكتب هنا علي الموقع الاجتماعي.. بعيداً عن الصحف القومية التي يكرهها الدكتور البرادعي.. إن عليه أن يعيد بناء موقفه من جماعة الإخوان وأن يعلن ذلك بوضوح. وفيما بعد اطلعت علي تقرير إخباري نقل عن عصام العريان عضو مكتب إرشاد الإخوان أنه يحذر العلمانيين من أن يوقعوا بين البرادعي والإخوان. وفيما قبل ذلك بيومين كنت قد كتبت في مجلة «روزاليوسف» أن تقاطع توجهات التصويت علي التعديلات الدستورية بين البرادعي.. الذي رفضها.. والإخوان.. الذين أيدوها.. إنما يؤشر إلي أن مصير التحالف السابق بينهما يتجه إلي الفصم. عملياً.. بني هذا التحالف في عصر الرئيس السابق علي هدف «براجماتي» مصلحي باعتبار أن كليهما عارض مبارك.. بمؤداه تساعد الجماعة الدكتور البرادعي في أن تحشد مليون توقيع إلكتروني خلف مطالبه السبعة الشهيرة.. علي أن يعين البرادعي الجماعة في أن يعاد تقديمها من خلال التحالف معه دولياً باعتبارها كياناً مقبولاً حسب ما سيقول في شهاداته عنها.. وقد قال الكثير.. ومضي الإخوان في المقابل يحشدون له التوقيعات الإلكترونية التي افتقدت القيمة الوثائقية.. وكان موقع الجماعة تتصدره الدعوة للتوقيع.. خصوصاً بعد أن ذهب البرادعي للقاء الإخوان بنفسه. واقعياً.. حدث الفصم.. إذ تبين للبرادعي ومؤيديه بعد أن سقطت الإدارة السابقة أن هناك بوناً شاسعاً بين ما يردده الإخوان وما يقوله البرادعي.. خصوصاً حين رفض التعديلات وأيدوها هم.. وعبر البرادعي عن دهشته من الإعلان المنشور في الأهرام.. في حين أنه يتسق تماماً مع موقف الإخوان وأسلوبهم.. وقد طالب الكثيرون غيري البرادعي بأن يحدد موقفه من جماعة الإخوان.. كما ظهر في مختلف البرامج التليفزيونية. هنا.. وبغض النظر عن كراهية معلنة من الدكتور للصحف القومية.. فإن عليه أن يتقبل الآراء التي تنظر وتتابع وتحلل المجريات.. نحن الآن بصدد نقطة فاصلة.. فالدكتور لم يعد في حاجة إلي الإخوان لكي يجمعوا له التوقيعات.. إلا إذا كان سوف يبني شرعيته كمرشح لرئاسة الجمهورية علي تصويت قوة غير مدنية مثل الجماعة.. وإذا كان إعلان الجمعية الشرعية قد أزعجه فما بالنا إذن بمجموعة التصرفات التي عرف بها الجميع يوم الاستفتاء ونسبت ليس إلي الإخوان وحدهم وإنما إلي كل التيارات الدينية التي اعتبرت التصويت بنعم مرتبطاً بالانتماء الديني. الدكتور البرادعي مطالب بأن يصرح بموقفه من كل مما يلي: توظيف الدين في السياسة تأثير الظهور السياسي للتيارات الدينية علي المواطنة في مصر أي منهج يؤيده للدولة.. الديني أم المدني ولا أقول العلماني؟ هل يعتبر نفسه هو المسئول عن الفعل الثوري في يناير أم أنهم الإخوان الذين قاموا بذلك؟ ما رأيه في موقفهم من الأقباط؟ ما رأيه في موقفهم من المرأة هل يمكن أن يتبني برنامجهم الحزبي انتخابياً؟ كيف يري بقية التيارات الدينية والعلاقة بينها وبين الإخوان؟ هذه مسائل مبدئية لم يكن ينبغي طرحها علي الدكتور البرادعي لو لم يكن لديه تحالف معلن مع جماعة الإخوان.. ولو لم يكن قد حدث افتراق بينهما في الموقف من التعديلات الدستورية.. ولو لم يكن قد اعتبر أن ما فعلته الجمعية الشرعية في إعلانها «أمر خطير ومريب».. ولو لم تكن وكالة الأنباء الفرنسية قد قالت إن الذين تعدوا عليه في المقطم هم «من الإسلاميين».. علماً بأن عصام العريان قد قال في تصريحات تليفزيونية إن الذين حموا الدكتور البرادعي في الواقعة المؤسفة هم من الإخوان.. وكلام العريان يحتاج إلي توثيق. الموقع الالكتروني : www.abkamal.net البريد الالكتروني : [email protected]